تطور الخلاف بين قيادة الشرطة ومدير الجمارك على خلفية رفض الأخير توجيهات الأول بنقل عدد من ضباط الشرطة العامة للجمارك، بحجة أن الجمارك تتبع فنياً ومالياً لوزارة المالية بينما تتبع للشرطة إدراياً فقط، وبعد هذا أصدر المدير العام قراراً بحجز مدير الجمارك وايقافه عن العمل، وتدخلت جهات عليا لاحتواء الموقف، ومازال الصراع مستمراً، وقد قامت قيادة الشرطة بنقل عدد من الضباط من الشرطة العامة إلى هيئة الجمارك، وقامت بنقل آخرين من الجمارك للشرطة العامة، وتواترت الأخبار عن احتمال ظهور كشف آخر بالتنقلات، وهذا الأمر لم يكن متعارف عليه في السابق، لأن الجمارك يتم تعيين منسوبيها بعيداً عن الشرطة العامة، حيث كان في السابق يتم الاستعانة بعميد من الشرطة العامة للشؤون الإدارية وعقيد من الشرطة الأمنية، لكن قيادة الشرطة يبدو أنها أرادت أن تدخل هيئة الجمارك تحت لواء قوات الشرطة العامة وفقاً لترتيبات جديدة حسبما تداولته وسائل إعلام أمس محاكمة مدير الجمارك وبحسب الزميلة التيار تمت إحالة رئيس هيئة الجمارك اللواء شرطة د. عبد الحفيظ صالح أبو الحسن اليوم الأربعاء أمام محكمة شرطة غير إيجازية تنعقد بأكاديمية الشرطة العليا في الخرطوم، وذلك لإصداره كشف تنقلات لضباط الجمارك، طلبت رئاسة الشرطة إلغاءه، إلا أنه رفض ذلك مما ترتب عليه وضعه في الإيقاف الشديد، وتدخلت جهات حكومية نافذة لرفع الإيقاف عنه وعودته إلى العمل. وأبلغ اللواء حقوقي (م) د. الطيب عبد الجليل عضو هيئة الدفاع عن رئيس هيئة الجمارك بأن مدير عام الشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين رفض ذلك وأمر بتشكيل محكمة شرطة ووضع رئيس الجمارك بالإيقاف الخفيف في منزله لحين مُحاكمته. ويشير الخبر إلى أن رئاسة الشرطة اتخذت إجراءات تأديبية في مُواجهة نائب رئيس هيئة الجمارك لعدم حضوره اجتماعاً تزامن للقاء آخر مع وزير المالية، بيد أنّ جهات عليا تدخّلت وألغت القرار. صراعات عسكرة الجمارك خطأ كبير تم في عهد نميري، هكذا ابتدر الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي حديثه وقال كنت معترضاً على ضم الجمارك للشرطة وعسكرتها في ذلك الزمن، لأنها كانت خدمة مدنية، ولأن المناخ في عهد نميري كان عسكرياً، والتفكير في ذلك الوقت يغلب عليه الطابع العسكري، وحتى منظر موظفي الجمارك وهم يرتدون اللباس العسكري يوحي بأن الدولة عسكرية، وهذا غير موجود في معظم دول العالم، حتى الضيوف القادمين إلينا لا يسرهم هذا المنظر، وأضاف الرمادي تحويل الجمارك للشرطة من الناحية الإدارية وتبعيتها فنياً ومالياً لوزارة المالية خلق نوعاً من التداخل في الاختصاصات، مما تسبب في وجود صراعات بين الطرفين وأبان كنت أتوقع هذا الصراع، وكنت أعلم أنه سيتم ضم ضباط من الشرطة للجمارك، وهذا لا يعقل لأن الاختصاص يختلف، والجمارك يغلب عليها الطابع المدني أكثر من العسكري، ولمن يدَّعون أن للشرطة أدوار عسكرية متمثلة في الرقابة ومنع التهريب ومكافحته، أقول لهم إن من الممكن الاستعانة برجال الشرطة لأداء هذه المهام دون تبعيتهم للجمارك، وقال إن بداية تحويل الجمارك للشرطة كانت برغبة من بعض كوادرها ليمتازوا بصلاحيات عن موظفي الخدمة المدنية تمكنهم من لباس الزي العسكري، والتمتع بالرتب العسكرية والاستمارة الشرطية، وكانت حجتهم أن يكون لديهم زي مختلف، مع العلم أن هذا الأمر موجود في بعض مؤسسات الخدمة المدنية، يمتازون بزي مختلف مثل التمريض والطيارين والضباط الإداريين ولم يتم منحهم رتب عسكرية ولم يتم ضمهم لجهة عسكرية، عليه اتمنى فصل الجمارك عن الشرطة، وإعادة تبعيتها لوزارة المالية فقط كما كانت في السابق. عدم صلاحيات جوهر الخلاف حسبما ذكرت مصادر للصحيفة يتمثل في صلاحيات مدير هيئة الجمارك التي لا تكفل له كل اللوائح الداخلية سلطة إصدار كشف بالتنقلات، مما يعني أن الهيئة فعلياً تتبع للشرطة العامة مثلها مثل أي إدارة أخرى بيد أن المدير الأسبق للهيئة اللواء صلاح الشيخ قد حاول جاهداً أن يعطي مدير الهيئة مزيداً من الصلاحيات، باعتبار أن هيئة الجمارك تمثل مورداً مهماً للدولة، بل وتعتمد عليها الخزانة العامة بشكل كبير في الايرادات، في وقت تتمسك فيه قيادة الشرطة باللوائح والمناشير التي تضبط عمل الهيئة وتعطي مدير الجمارك صلاحيات إدارية تتمثل في فتح البلاغات وغيرها من الصلاحيات البسيطة التي تسهل عملها اليومي وتحتفظ بالصلاحيات العليا لتقوم بها قيادة الشرطة العامة، وقالت المصادر هنا تكمن الأزمة الحالية التي لم تكن وليدة لحظة رفض مدير الجمارك الحالي تنفيذاً للأوامر الصادرة من القيادة العليا . اخر لحظة