بسم الله الرحمن الرحيم د. سعاد إبراهيم عيسى لم أسمع أو أشاهد أو اقرأ, طيلة سني عمري, مثل جرأة وقوة عين وقلة حياء, كالذي يتعامل به البعض من كوادر هذا النظام, مع كل من لا يغض الطرف عن مساوئ نظامهم كبرت أو صغرت, وحني ان اعترف بها فاعلوها, فكل من يكشف لهم أيا من عوراته, فهو إما صاحب أجندة خفية, طابور خامس, أو عميل أو غير ذلك مما لم يعد يثير انتباه أي عاقل. هؤلاء القوم قد أعماهم بطر ونعيم الحياة الذى وجدوا أنفسهم فيه في غفلة من الزمن, مما لم يكن ليحلموا به مجرد حلم سابقا. فعميت عيونهم عن رؤية الواقع البئيس والمزري الذى أوصلوا إليه الوطن ومواطنيه. كما واصمت آذانهم طبول النفاق وأبواق الكذب والخداع, التي أوهمتهم بأن الشعب السوداني في أفضل حالاته, تفضل إنقاذهم له من بؤس وضلال الماضي كما يدعون, وهم يتوهمون بان الله فد اختصهم وجباهم بما ميزهم عن الآخرين, وقد أعلنها احد مسئوليهم بوصفه لشباب الإنقاذ بأنهم ( من طينة غير طينة هذا الشعب). ونتفق معه تماما, بفرز صفوفهم عن صفوف بقية المواطنين, الذين لم ولن يماثلونهم لا في القول ولا في الفعل. ففي مداخلة لأحد الكوادر الإنقاذية حول أهمية دراسة جدوى التعليم العالي, أعلن وهو يفتخر, بأن حكومته لا تؤمن بدراسة الجدوى, بل تعتبرها مضيعة للوقت. وان حكومة الإنقاذ منذ مقدمها, برهنت على إنها حكومة عمل, لذلك فهي تصدر القرارات فورا وتأمر بالتنفيذ, ويضيف, بأنهم في بداية عهدهم, كانوا مطالبين بأن ينجزوا ما يحتاج إلى ساعة من الوقت, في نصف ساعة منه وإلا ستتم معاقبتهم مباشرة.. فقد ظن هذا الانقاذى بأنه بمثل تلك التعرية لعورة طرق ووسائل إدارة الحكم لدى حكومته, بأنه يمجدها وبثمن من أدائها, بينما الواقع انه يهوى بها إلى أسفل سافلين. فكيف لنظام حكم وهو في أولى عتبات سلمه, ان يقدم على تنفيذ أي مشروع عشوائيا, وقبل التأكد من جدواه وضروراته؟ فلا عجب ان فشلت كل مشروعات الإنقاذ, حتى أوصلتنا بفشلها, إلى ما نحن عليه اليوم من مشاكل تنوء بحملها الجبال,اقلها ان يتذيل السودان قوائم دول العالم في كل قياس يجرى لمستوى تقدمها في اى اتجاه من اتجاهات الحياة. هنالك أغنية على طريقة (ألراب) يتم تداولها عبر الواتساب, دون ذكر لمصدرها ولا منبعها, قد لخصت الحال بولاية الخرطوم التي أعادتها لاسمها القديم, العاصمة المثلثة, رغم إنها أصبحت مكعبة حاليا, فصورته في أصدق وأدق صورة, من حيث اتساخ الولاية وفلسها, ومياههها الوسخة الملوثة, وشعوبها المدبرسة, وانتظارها لمن يخلصها, ولم تغفل الوصف حالة سكان مدنها الثلاث, الخرطوم وامدرمان وبحري, بؤسهم ومرضهم وهجرتهم هربا منها لمختلف دول العالم. المدهش أن كل ما جاء بتلك الأغنية, يتسق تماما مع ما صدر من تصريحات لبعض من مسئولي الولاية, بدء بتصريح السيد واليها, الذى أثبت فلس ولايته, عندما أعلن بانه عند مقدمه للولاية قد وجد ( ان كل الحتات باعوها). ويبدو أن بيع (الحتات) هو أحد أهم مصادر دخل الولاية طبعا بجانب الجبايات,.ولغل في فقدان ذلك المصدر سريع العائد, بيع أراضى الولاية, ما أدى إلى العجز عن النهوض بها والذي اعترف به سيادته.أيضا. أما وسخ الولاية الذى أصبح سمة ملازمة لها, فقد أعلن السيد رئيس المجلس الأعلى للبيئة والتنمية الحضرية, وأمام مجلسهم التشريعي, عن اعتذاره عن فشل مجلسة عن القيام بمهمة النظافة, بالرغم من ان سيادته قد جعل لتلك المهمة إدارة خاصة, باسم هيئة نظافة الخرطوم, لها مقرها الخاص وكوادرها الخاصة, ولعل فشل هذا المجلس في جانب النظافة, قد ظل معلنا عن نفسه وبكل الطرقات ممثلا في أكوام النفايات, إضافة إلى ما جادت به مياه الإمطار عليها من بعثرة لمحتوياتها, ومن إرسال لروائحها الكريهة, التي عطرت الكثير من طرقات.الولاية. فالسيد رئيس المجلس الأعلى للبيئة, رأى ان يلقى بالعجز عن النظافة على أكتاف المحليات المثقلة بالكثير من أحمال العجز عن القيام بالكثير من مهامها, على رأسها تصريف مياه الأمطار التي جعلت من الولاية مدينة (عايمة), وينسى سيادته هيئة نظافة الخرطوم التابعة لمجلسه, والتي لم نجد لها أثرا في أي من مدن الولاية المختلفة. والسؤال الهام هو هل يكفى ان يعتذر اى مسئول عن فشله في أداء أي من مهامه, ويظل في ذات موقعه؟ ان هذا الفشل يقودنا للسؤال عن ظاهرة تفريخ بعض المؤسسات عن المؤسسة الأم, للقيام ببعض المهام المشتقة من مهامها, وهو نوع من أنواع توسيع فرص المشاركة. فهيئة نظافة الخرطوم المشتقة عن المجلس ألأعلى للبيئة نموذجا, وغيرها كثر, كما وان المجلس الأعلى للبيئة ذاته, تم خلقه خلقا, بينما هنالك وزارة اتحادية مسئولة عن البيئة بكل ولايات السودان وبينها ولاية الخرطوم, بينما تشارك الكثير من وزارات الولاية في أمر التنمية الحضرية والريفية ان فعلت. هذه المؤسسات المصطنعة عادة ما يتم استئجار مقار لها, ويتم تأثيثها وتهيئتها, ثم تعيين كوادرها الخاصة بها,بجانب مخصصات وامتيازات قياداتها, وحيث يزيد الصرف على كل ذلك من علة الاقتصاد الذى صار على حافة الانهيار. في حين ان المحصلة النهائية لعائد تلك المؤسسات الفرعية منها والأصل, لا يتعدى المزيد من إهدار المال العام, والمزيد من إبطاء قضاء حوائج الناس, خاصة وبعض هذه الأفرع, قد أصبحت مصدر عرقلة وتعطيل لتلك المصالح. وليت احد المواطنين ممن لهم دراية بدراسة الحالات, ان يتكرم بمراجعة كل هذه الأفرع, وما يصرف عليها من مال ووقت المواطن, وما هي الفوائد التي تعود من وجودها للمواطن أو الولاية؟ وفي الوقت الذى تطالب فيه الحكومة بخفض إنفاقها, كجزء من علاج أزماتها الاقتصادية المتفاقمة, فإنها تعمل وعمدا على زيادة ذلك الإنفاق بمثل تلك الكيانات المصنوعة, والتي مكانها الطبيعي داخل مؤسساتها الأم, لكن مع الاصرارعلى الاستمرار في ذلك الخطأ, أصبح إحساس المواطن بأنه كلما اشتكى من مشكلة, وكأنما شكواه هي دعوة للسلطات للاستزادة منها. ان مشاكل إدارة الحكم لدى حكومة الإنقاذ, لم تتوقف عند إهمال دراسات الجدوى لما تقدم عليه من مشروعات, بل تضاف إليها مشكلة أخرى لا تقل عنها أهمية, وهى عملية التسليم والتسلم بين المسئول المغادر للموقع والقادم إليه. إذ يساعد هذه العملية على تواصل الأداء حتى الوصول به إلى غاياته, وهى التي تقلل من إهدار الوقت والجهد والمال. بينما الملاحظ أن أي مسئول متى استلم من سلفه بعض المهام غير المكتملة, فانه نادر جدا ان يسعى لإكمالها. لقد بدأت محاولات علاج أزمة مواصلات الولاية منذ عهد المتعافي, وبصرف النظر عن خطا أو صواب معالجاته, فقد وعد بان يعيد الترام إلى شوارع الولاية, ثم غادر قبل إلا يفاء بما وعد, وجاء خلفه الخضر, الذى أضاف إلى الترام, قطارا ونقلا نهريا, ثم غادر هو الآخر قبل ان يحقق أيا من ذلك, وان توسع في وسائل النقل الأخرى باستيراد العديد من البصات, التي لا داعي لتكرار قصتها. وأخيرا جاء ا الوالي الجديد الذى أعلن عن عجزه في تطوير الولاية, وعله فلن نتوقع منه اى إمكانية لتنفيذ ما وعد به سابقوه, خاصة بعد الإعلان عن فلس ولايته. وكمثال على إهمال النظر في ما خلفه السابقون من مشروعات, يقف مشروع المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم, الذى تمت إجازته في أغسطس عام 2010م, والذي صرف في إعداده ما يقارب تسعة مليارا من الدولارات, وقد مضت ست سنوات.حتى الآن, ولم نجد له أثرا يوازى أهميته وما صرف عليه, اللهم إلا من البدا في إعادة تخطيط طرق مدينة امدرمان, فتم فتح القليل جدا منها ببيت المال, ثم تعثرت إمكانية السير في ذلك الطريق, فانتهى الأمر عند ذلك الحد. إضافة إلى محاولة تعميم الصرف الصحي بمدينة بحري بعد ان استعصى على مدينة امدرمان. ولعل فيما بدأه معتمد محلية الخرطوم السابق السيد نمر, في حفر ورصف وتغطية بعض الجداول لتصريف مياه الأمطار بالطرق الرئيسة بالمحلية, والتي ان اكتملت, لساعدت كثيرا في تجنب ما آل إليه حالها اليوم, من تغطية الكثير من طرقاتها وساحاتها بمياه الأمطار, حتى أصبح بعضها مزارعا لإنتاج البعوض, ومرتعا خصبا للذباب والحشرات التي أغضت مضاجع المواطنين. وجاء المعتمد الحالي لمحلية الخرطوم, فوجد الجداول التي تم حفرها, لا زالت تتكدس أكوام التراب المستخرجة منها على جنباتها, فلم يعر أمرها اى اهتمام, فأخذت كميات الأتربة التي أخرجت منها في العودة إلى داخلها مرة أخرى, فأصبحت تلك الجداول من اكبر واخطر معوقات حركة المرور وحركة السير للمواطنين. فكم من الأموال أهدرت في هذا الجهد, ولم لم يجد حظه في الاهتمام من جانب المسئول الجديد وتقديمه على غيره من مشاكل المحلية التي لا تنتهي؟ المشكلة ان كل مسئول, إلا من رحم ربى طبعا, دائما في حالة بدايات لأي من المشروعات, وان المشروع الذى تبناه دائما ما يكون هو المشروع الأول, وان سبقه الكثير غيره دون ان يكتمل, فقد أصبحت ظاهرة ألا يلتفت أي مسئول أو يهتم بإكمال أي عمل بدأه غيره, حتى لا يرجع إلي ذلك الغير, أي قدر من الفضل في ذلك الانجاز. فهل أبدا سمعتم بأن مسئولا واحدا قد عمل على إكمال اى جهد بدأه غيره, ومن بعد أعلن عن صاحب تلك البداية؟ أخيرا, لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم,,فهل نحن على استعداد لفعل ذلك التغيير اقله التخلي على السلبية التي يتصف بها البعض, والقبول بكل ما يفرض عليهم ودون مجرد إبداء الراى حوله؟ ,