بيروت (رويترز) - لم يفاوض ملحم بركات لحظة موته وما ان دق بابه المرض حتى مشى معه رحلته الأخيرة بعد ان ظل حتى آخر الصيف الماضي فنانا معاندا على المسرح يخطف الاضواء بصوته وألحانه وبمواقفه السياسية العابرة للتقاليد. فقد غيب الموت يوم الجمعة الفنان اللبناني ملحم بركات عن 72 عاما بعد أشهر قليلة من المرض قضاها في مستشفى ببيروت وقد بدأت عائلته التحضير لمراسم تشييع جثمانه التي ستقام في بلدته كفرشيما في ساحل جبل لبنان. وعانى الفنان الراحل من التهاب في العمود الفقري ثم الرئة ما أثر على القلب لكنه ظل حتى الأيام الأخيرة ينفي وعائلته كل الأنباء التي كانت تتحدث عن تدهور صحته. صديق القمرين اللذين وقفا على بابه يوما وجار النجوم في بلدته كفرشيما الساحليه عند جبل لبنان وصانع مجد الأغنية اللبنانية أعتزل الحياة بعد ان "أعتزل الغرام" فنيا في التعاون الشهير مع إبنة قريته ماجدة الرومي. كان يشكل بركات "أحلى ظهور" على المسرح اللبناني لأنه بسرعة فائقة كان يستطيع ان يحول السهرة الى أمسية ساخرة على الوضع المحلي. وبعد أكثر من خمسين عاما على مسيرته الفنية "مشى بطريقه" وغاب ملحم بركات الذي نعته الصحافة اللبنانية بعبارات من كلماته وألحانه. ونعاه رفيق دربه الشاعر نزار فرنسيس في تغريدة على توتير قائلا "رفيق عمري راح. نفسي حزينة حتى الموت." وقال فرنسيس لرويترز وهو يجهش بالبكاء "اليوم خسرت أغلى رجل في حياتي." وقبيل دخوله المستشفى كان بركات في حالة نشاط فني كبير حيث أحيا حفلات خلال الصيف تنقل فيها بين قطر والأردن وتونس كما اشترك في مهرجانات الصيف اللبنانية. لحن بركات وغنى آلاف الأغنيات واشتهر بحرصه على التراث الغنائي العربي مع إضفاء لمسة تطوير مما جعل لأغنياته طابعا مميزا يجذب فئات عمرية مختلفة. وبركات من مواليد كفرشيما عام 1944 وكان يعمل نجارا وتعلم أصول العزف على العود وتأثر بالموسيقار المصري محمد عبد الوهاب وكان يلحن بعضا من كلمات الجريدة اليومية ويغنيها كمطرب في قريته. وحققت أغاني وألحان ملحم بركات نجاحات في لبنان والعالم العربي كان أبرزها "حمامة بيضا" و"ولا مرة" و"على بابي واقف قمرين" كما حققت آخر أعماله نجاحات كبيرة من بينها أغنية قدمها لماجدة الرومي بعنوان "اعتزلت الغرام" وأخرى لكارول صقر بعنوان "يا حبيبي تصبّح فيي" عمل في الكثير من مسرحيات الأخوين رحباني والفنانة فيروز التي وقف أمامها كمدعي عام في مسرحية (الشخص) عام 1968 لكنه ظل عاتبا عليهم. كانت أولى تجاربه الغنائية اغنية "الله كريم بنرجع ع ضيعتنا" التي لحنها له جاره الموسيقي إبن كفرشيما فيلمون وهبي أما أولى ألحانه فكانت "بلغي كل مواعيدي" مع الفنانة جوريت صايغ والتي لاقت رواجا كبيرا. توسعت شهرته كملحن في السبعينيات حيث قدم ألحانا للمطربة صباح ضمن مسرحية "حلوة كتير" ومن بينها أغنيات "ليش لهلق سهرانين " و "المجوز الله يزيدو" و "صادفني كحيل العين". ونعت نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان شادية زيتون دوغان ملحم بركات ببيان جاء فيه "كبير هو كان في عطائه الفني. ملحم بركات سافر اليوم الى دنيا البقاء تاركا لنا ثروة من روائع الألحان ليبقى ابدا حيا في تاريخ أسرتنا الفنية والوطن لبنان". وقال الفنان اللبناني وليد توفيق انه تعامل مع الفنان الراحل بخمس اغاني هي "ابوكي مين يا صبية" و "مغرم بعيونك" و "يا نسيمة نسمي" و "بعدك ع البال" و "يا اوراق الزيزفونة". لكنه خلال وجود بركات في المستشفى اطلق توفيق اغنية "غريب يا زمن" التي كان قد لحنها الراحل قبل اربعين سنة عبر موقع أنغامي العالمي بطريقة مفاجئة لجميع محبيه. وقال توفيق لرويترز "رحمه الله. خسارة لا تعوض. خسارة كفنان كصوت وكملحن. كان حظي حلو اني تعاملت معه. ملحم صديق عمري". وقالت رندة عاصي بري رئيسة مهرجانات صور وزوجة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لرويترز "نعتبره موسيقارا وفنانا من عمالقة لبنان. كنا دائما نحرص على أن نستفيد من هذا النوع من الفن أن يبقى بين الناس ويتسلم من أجيال إلى أجيال." وأضافت "ملحم بركات منفرد في فنه منفرد بحضوره في الساحة الفنية واعتقد أنه أكثر من أعطى للبنان وأغناه في الفن الهادر. هو ظل متمسكا بأصوله وجذوره". وقال الزعيم المسيحي سمير جعجع في تغريدة على تويتر نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام "وداعا موسيقار لبنان ملحم بركات". تزوج بركات من رندة عازار وهي أم لأولاده الثلاثة مجد ووعد وغنوة ثم تزوج من مي حريري وطلقها وله منها "ملحم جونيور