منذ سنوات عديدة ظلت ملفات العلاقات السودانية المصرية تتقلب علي نيران هادئة ، دون أن تمضي إلي درجة الغليان السياسي المطلوب على خلفية القضايا المصيرية الشائكة بينهما ،فكلما يمضي البلدان خطوات نحو طئ ملفات الخلاف تنشب ملفات جديدة أخري تعيد العلاقات بينهما بمايشبه التوتر رغم الجهود الدبلوماسية التي تطرح في طاولة المباحثات الرسمية على صعيد الحكومتين ، بيد أن الكوابح التي تعطل مركب الخرطوم لأن يتهادى بين صفحات النيل شمالا صوب مصر هي ضبابية رؤية المخابرات المصرية وتعاملها مع الخرطوم بمكيالين ، ماجعل الخرطوموالقاهرة محلك سر وبحسب تصريحات رئيس الجمهورية المشير البشير في حواره مع قناة «العربية» السعودية من خلال تاكيداته بأن مشكلة الخرطوم ليست مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصف علاقته به بالمتميزة ،كاشفا النقاب أن أزمة البلاد الحقيقية هي مع النظام المصري ومخابراته التي تدعم المعارضة السودانية رغم رجاءت الخرطوم المتكررة بكف يد القاهرة عن تقديم الدعم للمعارضة السودانية في كل لقاء يجمع البلدين *تفسيرات مبطنة ويرى المدير السابق لجهاز المخابرات المضادة ومكافحة التجسس العميد أمن معاش أحمد الجعلي أن اتهام الرئيس البشير للمخابرات المصرية بالوقوف خلف المعارضة السودانية مبني علي تقارير أمنية يومية ، تمت مضابطها بواسطة الوحدة المعنية بالمخابرات المضادة بجهاز الأمن والمخابرت الوطني ، بعد عمليات الرصد والمتابعات السرية لتحركات المخابرات المصرية واتصالاتهم بالمعارضة السودانية المتواجدة بالقاهرة , وأكد في حديثه ل(آخر لحظة) بأن هذه الخطوات تندرج في سياق تفسيرات مبطنة للعبة تشابك الخيوط التي ظلت تتقنها المخابرات المصرية على الدوام في تعاطيها مع الملفات السودانية على مر الحقب السياسية بين البلدين وأفصح أن التقاطعات السياسية التي برزت بين الخرطوموالقاهرة حول صعيد الملفات الشائكة كملفات قسمة توزيع مياه النيل ومثلث حلايب جعلت من الخرطوم هدفا مشروعا لأجهزة المخابرات المصرية وتابع هذه الأجهزة وعلى مر التاريخ تمضي إلي بناء استراتيجيتها المرحلية على انقاض الأزمات التي تنشب في محيط مصالحها العليا بالمنطقة ، وأردف أن النيل يمثل واحدة من أهم بنود هذه الاستراتيجية *أهداف استراتيجية وبالمقابل وصف الخبير الاستراتيجي اللواء معاش محمد عباس أن الذي يحدث من قبل أجهزة المخابرات المصرية بشان تبنيها لخط موازي للخط السياسي الذي يتابطه الرئيس السيسي هو ممارسة فعلية لتضمين أهدافها التكتيكية بالمصالح الاستراتيجية القومية العليا للدولة بعيدا عن سياسة المجاملات الاجتماعية التي يتبناها رئيس الدولة المشير عبد الفتاح السيسي مع نظيره المشير البشير معتبرا أن اللباقة التي تصبغها الأواصر السياسية بين الرئيسين تنتهي معالمها عند متاهات المخابرات المصرية ، مبينا أن التصريحات التي تفوه بها الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي في أعقاب زيارته الاولي للخرطوم بأن مياه النيل خط أحمر بالنسبة لأمن مصر كانت بمثابة تهديد مبطن لعدم التفريط في متعلقات الأمن القومي لبلاده رغم أن خلفيته الايدولجية اخوانية ألا إن استعصامه بملفات المخابرات تجعله داخل دائرة الخط الاستراتيجي المعد مسبقا مؤكدا أن أواصر العلاقات السياسية بين السيسي والبشير لن تقف حائط سد أمام تنفيذ تحجيم المخابرات المصرية للقيام بمهماتها الخاصة بعد التفريط في بقاء مهددات أمنهم القومي بما فيه صرف المخابرات السودانية عن القيام بواجباتها من خلال محاولتهم اطالة أمد الخلافات السياسية بالبلاد عبر تقديم الدعم المباشر للمعارضة السودانية حتي لاتضع أياديها مع الحكومة نحو السلام *عرقلة الملفات وفي ذات المنحني أشار السفير الطريفي كرمنو الى أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تجنح في تعاطيها مع قضاياها المرتبطة بالسودان الى اتباع المسالك غير الدبلوماسية منوها أن ملفات التعاون الدبلوماسي للبلدين تتم في الغالب عبر غرف الاجهزة الأمنية الموصدة وزاد هذا أدى الى كبح تقدمها الي الامام ونشوء التعقيدات السياسية والدبلوماسية الماثلة اليوم في محاور علاقات البلدين واعتبركرمنو أن سياسية بعثرة الاوراق التي تتبناها حكومة السيسي تجاه الخرطوم تفسر بأنها نكاية في الأخيرةلتبنيها لملفات سلفه محمد مرسي الامر الذي ادى الي التصعيد في المواقف المصرية بجانب عرقلتها طي ملفات قضية مثلث حلايب و عدم انفاذها لبنود الحريات الاربعة رغم مساعي الدبلوماسية السودانية في التقاط القضايا المشتركة من إيادي الأجهزة الأمنية . *شمولية الأجهزة بينما اعتبر المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د.الطيب زين العابدين أن الاحاديث التي رمي بها الرئيس البشير في مضمار علاقة بلده بمصر لكانه أراد أن يبعث برسائل سياسية مبطنة في اتجاه أن استحكام العداء المصري قبالة السودان تديره الأجهزة الأمنية المصرية بعيدا عن طاولة مؤسسة الرئاسة بقصر عابدين ، وتابع أن البشير أراد تبيان أن اللعب بالمكشوف والمواجهة لابد من أن تكون مباشرة مع هذه الاجهزة ومضي زين العابدين في ذات المسلك بتشبيه مصر بالدولة المركزية القابضة ، وقال : إن من طبائعها شمولية الأجهزة الأمنية التابعة لها دون التقييد بمسارات سياسات حكوماتها معضضا مصداقية حديثه بخدماتها التي تدعم بها كل الرؤساء المتعاقبين علي مصر علي مختلف ايدولوجياتهم لكنه في ذات الإطارعاد واستدرك بالقول مع هذا فإن أي تحركات لأجهزة الأمن المصرية لا تتم إلابموافقة السيسي شخصيا . اخر لحظة