على بعد أيام فقط من توقيع ميثاق شرف إعلامي بين (القاهرةوالخرطوم) إبان زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، أغلقت سلطات الأمن في ميناء القاهرة الدولي بوابات (المحروسة) في وجه الكاتب الصحافي الطاهر ساتي الذي يمّم وجهه لمساندة شريكة حياته في وعكتها الصحية، ومن قبله حيل دون وضع تأشيرة دخول في جواز زميله بالانتباهة هيثم عثمان في مسعاه لحضور منتدى إعلامي تستضيفه الإسكندرية. وفوق ذلك كله كشف نجم قناة أم درمان الفضائية، والصحافي والكاتب بالزميلة (ألوان) عزمي عبدالرازق عن محاولات جرت لغايات تجنيده لصالح المخابرات المصرية عبر الرسائل الإلكترونية، وقال: إنه على أهبة الجاهزية لإماطة الستار عن فحواها، ومن هم من ورائها. قف ..ممنوع الدخول بمجرد هبوط طائرة الطاهر ساتي على الأراضي المصرية بمعية أسرته الباحثة عن تتويج السيدة الأولى في منزلهم بتاج الصحة، كانت في انتظارهم تعليمات قيادية مغلظة انتهت إلى إبعاده دون سابق إنذار بحسبانه موجوداً على رأس قائمة سوداء، مما اضطره للأوبة إلى الخرطوم عبر الخطوط الأثيوبية التي وصلها وسط استقبال ودعم من قادة اتحاد الصحافيين السودانيين وزملاء المهنة. ولم توضح سفارة السودان بالقاهرة ما وراء إبعاد ساتي من دخول مصر، واكتفى الملحق الإعلامي راشد عبدالرحيم في حديثه مع (الصيحة) بالقول: إن السفير عبدالمحمود عبدالحليم ظل يتابع بنفسه عملية إعادة ساتي للخرطوم، مع الاطمئنان على الإجراءات المتعلقة بعودته كافة. إشارة حمراء قبل أسبوع ونيف كان الصحافي بالزميلة (الانتباهة) هيثم عثمان يعد العدة للمشاركة في أحد المنتديات الإعلامية بالإسكندرية المصرية بعد إرسال الموافقة من الجهات المنظمة للمنتدى، بعدها توجه هيثم صوب السفارة المصرية بالمقرن لأخذ التأشيرة، ولكنه ما نالها أبداً. يقول هيثم عثمان ل (الصيحة): إنه ذهب والتقى بالمحلق الإعلامي أحمد أبو العلا الذي تسلم الجواز، ثم ما لبث أن انتظر عدة أيام انتهت بمهاتفة من قبل المحلق الإعلامي الذي طلب حضوره للقنصلية ليجد جوازه الأخضر مختوماً عليه بالأحمر، ومن ثم جرى إخطاره بأن القنصل رفض منحه تأشيرة دخول لمصر دون إبداء أسباب لهذا المنع. وكشف هيثم أن مصدراً بالقنصلية المصرية بالخرطوم أخطره بأن القنصلية وضعت قائمة سوداء منذ 2013م لخمسة صحافيين يعملون في الانتباهة، ويحال بينهم وبين دخول مصر عطفاً على تصنيف الانتباهة كصحيفة معادية للقاهرة بسبب تبني الصحيفة لقضية سودانية حلايب . البحث عن جواسيس في بحر هذه الأسبوع حملت صحيفة الانتباهة خبراً عن محاولة لتجنيد الكاتب الصحافي بالزميلة ألوان عزمي عبدالرازق من قبل المخابرات المصرية، وأشار الخبر إلى تلقي عزمي رسائل من جهات أجنبية طلبت منه كتابة معلومات مفبركة عن السودان ضمن تقرير لمصلحة موقع عربي مشهور، وتزامن الطلب مع زيارة سامح شكري للخرطوم، بيد أن عبد الرازق رفض الأمر جملة وتفصيلاً. يقول عزمي عبدالرازق ل (الصيحة) إنه لن يبيع وطنه أو يعمل ضده يوماً، مشيراً إلى أن مصر تعمل بشتى الوسائل بما فيها الضاغطة بالقوائم السوداء لضمان عدم وجود صحافيين سودانيين ضد المصالح المصرية، وإن كان على حساب مصالح بلادهم. يضيف عبد الرازق بأن القاهرة ساعية كذلك لصناعة قائمة صحافيين سودانيين يعملون لصالح مصر، منبهاً إلى أن الجارة الشمالية استشعرت مؤخراً أن ما حدث في الإعلام السوداني بسبب حلايب هو جزء من المزاج العام السوداني الشعبي، وليس رأياً سياسياً، لذلك تريد تمييع القضية عبر استخدام بعض صحافيي السودان الذي يراد له أن يكون فناءً خلفياً لحدائق المحروسة، وفقاً لنظرية (إن كان السودان ضعيفاً تكون مصر أقوى)، مردفاً بالقول: إنه بالرغم من كون الإعلام المصري يسئ للسودان حكومة وشعباً دون كبحه من حكومة مصر، فإن الأخيرة تعمل على خلق إعلام سوداني مهادن، وكشف عبدالرازق عن وضع اسمه في قائمة الممنوعين من دخول مصر، مبيناً أن القائمة تشمل عدداً من الصحافيين والإعلاميين بعد الهجمة الإعلامية الأخيرة، مشيراً إلى أن المنع يعتبر استهدافاً مخابراتياً من أجل توريط المناهضين لمصر السيسي . إدانة واسعة عملية منع الطاهر ساتي من دخول الأراضي المصرية وجدت استهجاناً كبيراً من قبل الصحافيين السودانيين، وندد بيان صادر من اتحاد الصحافيين باستهداف مصر للصحافيين السودانيين، واستنكر الاتحاد وضع قائمة سوداء لمنسوبيه ومنعهم من دخول مصر معتبراً أن الأمر نوع من الترهيب والتخويف للصحافيين السودانيبن، مشيراً إلى أن مثل هذه الإجراءات تدفع إلى نقل العلاقات في اتجاه معاكس للمواقف المعلنة من قيادة البلدين ، مضيفاً أن ذلك لن يفضي إلى توفير مناخ يساعد على التوجه الرسمي المعلن لتحسين العلاقات. ونوّه الاتحاد إلى الموقف المشرف للسفير السوداني في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم الذي ناصر ساتي في محنته حتى مغادرته القاهرة مبعداً، بجانب المتابعة اللصيقة من المستشار الإعلامي بسفارة السودان بالقاهرة راشد عبد الرحيم. وفي الصعيد ذاته طالب الاتحاد الحكومة السودانية بالاضطلاع بدورها الرسمي في حماية الصحافيين السودانيين من الاستفزازات المصرية. وفي منحى ذي صلة، أدانت شبكة الصحافيين السودانيين الحيلولة دون دخول الزميل الطاهر ساتي للأراضي المصرية عبر بيان لها. وعدت الشبكة الأمر بأنه نوع من الحرب المصرية على الشعب السوداني. وتوضح ردة الفعل القوية من الصحافة السودانية أن صيفاً ساخناً من التراشق الإعلامي بين البلدين يلوح في الأفق رغم المواثيق . تصعيد متوقع شهد الأسبوع الماضي موجة تراشقات إعلامية بين الخرطوموالقاهرة بعد ارتفاع الأحداث بين الدولتين خاصة حول قضية حلايب، وارتفعت المواجهات بصورة حادة عقب نقل التلفزيون المصري صلاة الجمعة من داخل مثلث حلايب السودانية. وإزاء هذا التصعيد وقعت الخرطوموالقاهرة ميثاق شرف إعلامي بعد الزيارة الأخيرة التي سجلها وزير الخارجية سامح شكري للخرطوم، بيد أن التراشق بين البلدين لم يتوقف، وظلت وسائل الإعلام المصرية تمارس هجوماً عنيفاً على السودان، وهذا ما أشار إليه عزمي عبدالرازق في إفاداته بالقول إن إعلام مصر يمارس هوايته المحببة في الهجوم على السودان في المستويات كافة، ويسئ لقيادات عليا بالدولة . الصيحة