وصول مون جاي إن الميال للتهدئة مع الجارة الشمالية إلى السلطة يمكن أن يعيق حزما يبديه الرئيس الأميركي تجاه كوريا الشمالية. ميدل ايست أونلاين 'على الكوريين الجنوبيين أن يتعلموا قول لا لواشنطن' سيول – أعلن الثلاثاء فوز السياسي الليبرالي مون جاي إن في الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية مما ينهي قرابة عقد من حكم المحافظين ويجلب نهجا أكثر ميلا للمصالحة تجاه كوريا الشمالية. وهنأت الولاياتالمتحدة الثلاثاء مون اثر فوزه في الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية، معربة عن أملها في مواصلة العمل من أجل تعزيز التحالف بين الدولتين. وأفاد بيان صادر عن المتحدث باسم السلطة التنفيذية شون سبايسر وليس عن الرئيس "نهنئ الرئيس المنتخب مون جاي ان وننضم إلى الشعب الكوري الجنوبي في الاحتفال بانتقال سياسي سلمي وديمقراطي". وأضاف "نتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب لتعزيز التحالف بين الولاياتالمتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية وتعميق صداقتنا والشراكة بين بلدينا بشكل دائم". لكن وصول مون إلى السلطة يمكن أن يعيق الحزم الذي يبديه الرئيس دونالد ترامب تجاه كوريا الشمالية لأنه (مون) يدعو إلى الحوار والمصالحة مع الجارة الشيوعية لتهدئة الوضع وجلب بيونغيانغ إلى طاولة المفاوضات. وكان أعلن في ديسمبر/كانون الأول 2016 أنه سيتوجه في حال انتخابه إلى كوريا الشمالية قبل الولاياتالمتحدة، القوة التي تحمي بلاده. وكانت استطلاعات للرأي أجرتها ثلاث محطات تلفزيونية بشكل مشترك أكدت قبل ذلك أن النتائج تظهر فوز مون (64 عاما) على منافسه المحافظ جون-بيو بأغلبية 41.4 بالمئة من الأصوات مقابل 23.3 بالمئة. ويخلف السياسي والمحامي الناشط في حقوق الانسان بذلك الرئيسة باك جون هاي التي عزلها البرلمان في ديسمبر/كانون الأول 2016 بعد فضيحة فساد كبيرة. وقال مون الثلاثاء لأعضاء حزبه وأنصاره إنه سيضغط من أجل الإصلاح والوحدة الوطنية إذا فاز بالرئاسة، فيما يبدي نهجا مغايرا عن كل من سبقوه في المنصب بميله الشديد لمصالحة تاريخية مع الجارة الشمالية والسير في خط مناقض للولايات المتحدة الحليف التقليدي لكوريا الجنوبية. لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحا في خضم المشهد المتوتر في شبه الجزيرة الكورية على خلفية التصعيد القائم بين بيونيانغ وواشنطن، هو هل يعبر مون خطوطا حمراء رسمتها سلفا الولاياتالمتحدة. وأظهر استطلاع لمؤسسة جالوب كوريا الأربعاء الماضي أن مون حصل على نسبة 38 بالمئة بين 13 مرشحا. ويفضل الرئيس المنتخب الحوار مع كوريا الشمالية لتهدئة التوتر المتصاعد بشأن برامج بيونغيانغ النووية والصاروخية. كما يريد إصلاح الشركات العائلية العملاقة وزيادة الإنفاق المالي لتوفير الوظائف. وانتقد مون الذي خسر بهامش ضئيل أمام باك في آخر انتخابات رئاسية في 2012، الحكومتين المحافظتين السابقتين لعدم منع كوريا الشمالية من تطوير أسلحة. ويدعو لسياسة تقوم على مساري الحوار ومواصلة الضغط والعقوبات للحث على التغيير. وقال الثلاثاء إن على سيول أن تلعب دورا أكثر فاعلية في العلاقات الدبلوماسية لتحد من خطر كوريا الشمالية النووي وألا تقف ساكنة فيما تجري الولاياتالمتحدةوالصين محادثات. ومن المنتظر أن يؤدي الفائز اليمين الدستورية الأربعاء بعد إعلان لجنة الانتخابات النتائج الرسمية. وتشير التوقعات إلى أن الرئيس الجديد سيعين رئيسا للوزراء، وهو ما سيحتاج إلى موافقة برلمانية وكذلك المناصب الرئيسية في الحكومة ومنها وزيرا الأمن القومي والمالية وهي مناصب لا تحتاج لمصادقة البرلمان. ومون مناضل معروف من أجل حقوق الإنسان ويأمل في استئناف الحوار مع بيونغيانغ ويعتقد أن بإمكانه أن يتمتع بقرار مستقل عن واشنطن. وقد حظي بشعبية كبيرة نظرا لمشاركته في تظاهرات 2016 العارمة ضد الرئيسة المعزولة بارك غوين-هاي التي ستحاكم قريبا بتهمة الفساد واساءة استغلال السلطة في الفضيحة التي تورطت فيها صديقتها التي ابتزت عشرات ملايين الدولارات من كبرى الشركات في البلاد. والرئيس المنتخب البالغ من العمر 64 عاما محسوب على اليسار وكان صديق ومدير مكتب الرئيس رو مو-هيون الذي انتحر في العام 2009 بعد فتح تحقيق في قضية فساد استهدفت مقربين منه وأقرباء له. ويقول روبرت كيلي من جامعة بوسان الوطنية إن "الفساد يطغى على المشهد السياسي في كوريا الجنوبية. كل الرؤساء تورطوا سواء من قريب أو من بعيد في قضايا فساد أو رشى". حتى أن الرئيسين السابقين تشون دون-هوان ورو تاي-وو أمضوا عقوبات بالسجن في قضايا مماثلة في تسعينات القرن الماضي. لكن مون يتمتع بسمعة رجل نزيه وفق كيم نونغ-غو من موقع بولينيوز الذي قال عنه إنه "ركب موجة التظاهرات المعادية لبارك". وولد مون خلال الحرب الكورية في جزيرة جوجي في جنوب البلاد في عائلة فقيرة من اللاجئين الذين فروا من الشمال. ويقول في كتاب سيرته الذاتية إن أمه كانت تبيع البيض في مرفأ بوسان وهي تحمله على ظهرها. وبدأ دراسة الحقوق في العام 1972 لكنه أوقف وأبعد من الكلية بعد أن قاد تظاهرة طلابية ضد نظام بارك تشونغ-هي الدكتاتوري والد الرئيسة المعزولة. وربطته علاقة صداقة في العام 1982 مع الرئيس الأسبق رو وفتحا في بوسان مكتب محاماة مختصا بقضايا حقوق الإنسان والحقوق المدنية وأصبحا شخصيتين رئيسيتين في الحركة المؤيدة للديمقراطية التي غيرت وجه البلاد وقادت إلى تنظيم أول انتخابات حرة في كوريا الجنوبية. وانخرط بعدها رو في السياسة وواصل مون عمله في المحاماة. وعندما فاز رو بشكل مفاجئ في انتخابات 2002، انضم إليه مون كمستشار ومن ثم كرئيس لمكتبه وشارك في تنظيم القمة الثانية لقادة الشمال والجنوب بين رو وكيم جونغ-ايل في العام 2007. ليونة مع بيونغيانغ ووعد مون بتقليص سطوة كبرى الشركات العائلية على الاقتصاد التي يطلق عليها اسم "تشايبول" والتي أعادت فضيحة بارك تسليط الضوء على علاقاتها بالسلطة. ولكن معارضيه يتهمونه بأنه محدود وضيق الافق ويحيط نفسه بمستشارين أسهمت طموحاتهم في شق صفوف المعارضة. ويتهم مون خصوصا بأنه يتعامل بليونة مع بيونغيانغ في فترة يسودها التوتر بسبب طموحات كوريا الشمالية النووية. وردا على سؤال حول موقفه المثير للجدل والاستغراب قال إن ما يريد قوله هو أنه يولي أهمية أكبر لخفض التوتر مع بيونغيانغ. وبدا مون أقل ارتياحا ازاء نشر منظومة "ثاد" الأميركية المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية والتي أثارت غضب الصين. وفي كتاب نشره حديثا كتب إن على سيول أن تتعلم أن تقول "لا" لواشنطن داعيا الى علاقات "أكثر إنصافا وأكثر توازنا" مع الولاياتالمتحدة.