كل يوم تتصاعد حدة الإصابة بالإسهالات؛ مما يعني أن الحكومة لم تقم بأي عمل وقائي، وما أسهل أن تقي الناس منها، لكن- كعادتها- عند حدوث أية كارثة تتركها حتى تطحن المواطنين، وتتوقف وحدها بسبب من الله، هكذا عهدناها؛ فهي لا شيء يسعدها مثل معاناة المواطنين، لكن ما بال السيد وزير الصحة الذي تمرد بسبب سلوك الحكومة، وادعى أنه يبحث عن العدل؟، وأين هو العدل الذي جاء من أجله، وهو يلبس الحق بالباطل؟. قبل يومين قال في خيمة الصحفين: إن الإسهالات المائية المنتشرة ليست كوليرا، وأن تسمية السفارة الأمريكية لها غير صحيحة، مع أن كل الأطباء وأهل التخصص في المعامل قالوا إنها كوليرا، لكن هو مصر على أنها ليست كذلك، السؤال الذي يفرض نفسه من أثبت له أنها ليست كوليرا ومنذ متى هو يفهم في الأمراض ويفتي فيها؟. بحر يتحدث بكل إصرار أنها ليست كوليرا، السؤال ماذا سيستفيد هو من موت الناس؟؛ فهذا الإصرار وراؤه سر، ولماذا لا تقوم الحكومة بالخطوات الضرورية مع الجهات ذات الصلة لوقف انتشار المرض مثل المجلس الأعلى للبيئة، وهيئة نظافة ولاية الخرطوم، وغيرها، التي ما زالت خارج الصورة، ولم يرد لهما اسم على لسان بحر، الذي لا يكف عن الإنكار والتبرير، ولم تستنجد بهما وزارة الصحة، بل استنجدت بالقوات النظامية، والإدارة الأهلية، وأئمة الجوامع؛ من أجل توعية المواطنين، مع أن القوات النظامية (الفيها مكفيها) الجيش مشغول بمهامه، والشرطة لديها من العمل ما لا يمكن أن تتركه؛ فالبلد كلها أصبحت جرائم، اللهم إلا الدفاع المدني، وأيضا دون تلك الجهات الأساسية لا يمكنه فعل شيء، أما الإدرات الأهلية، وأئمة المساجد فهؤلاء إن أدوا واجبهم الأساس ما قصروا، ولا يعوّل عليهم كثيرا. أبو قردة قال: إن وزارته ما زالت قادرة على مكافحة الإسهالات في الوقت الراهن، لكن على المدى البعيد قد تحتاج إلى عون خارجي، أي أن هذا الكذب سيستمر حتى يصل عدد القتلى مليون حينها ستعلن حكومته عن حاجتها إلى العون الخارجي. أبو قردة يناقض نفسه؛ ففي الوقت الذي ينكر أنها كوليرا يثبت أنها كذلك، فقد كشف أنها جاءت من الجنوب، وتلك التي في الجنوب معترف بها رسميا كوليرا. مجلس الولايات طالب بإقالة وزير الصحة وكأنهم لا يعلمون أن كل وزراء الدولة هم مثله، وأن ذهب هو فهناك ألف مثله سيواصل الفشل، الحل في أن يذهبوا جميعا، ولن يسلم السودان من هذا الموت ما دام تحت رحمة حكومة لا تنجح إلا في توفير أسباب الموت، اليوم إسهالات مائية، وغدا مصائب أخرى، فأمس فقط كشفت وزارة الصحة ارتفاع عدد المصابيت بالدرن والملاريا والأيدز، الملاريا مثل الإسهالات المائية سببها رداءة البيئة والدرن سببه الجوع والأيدز يساعد على انتشاره الإهمال، هل هذه حال بلد فيها وزارة صحة ووزير، بل هل هذه بلد فيها حكومة. التيار