يتشارك الأزواج الذين يعيشون معاً في الكثير من الأشياء: الأسِرَّة، والحمامات، والغذاء، ومواد التجميل، لكنَّ الشيء الوحيد الذي قد لا يتوقعون الاشتراك فيه هو بكتيريا الجلد. ففي دراسةٍ نُشِرَت حديثاً في مجلة mSystems، وهي مجلة مجانية تصدر عن الجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة، درس باحثون الميكروبيوم الجلدي لعشرة من الأزواج النشطين جنسياً متبايني الجنس الذين يعيشون معاً، وفق ما ذكرت تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية. والميكروبيوم هو نظام بيئي صغير من البكتيريا والفطريات والفيروسات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى التي تعيش داخل وخارج الجسم، إذ يستضيف كل سنتيمتر مربع من الجلد ما بين مليون ومليار من الكائنات الحية الدقيقة، وفقاً للدراسة. وبعد تحليل 330 عينة جلد جُمعت من 17 جزءاً من أجزاء الجسد لكل مشارك، وجد الباحثون أنَّ كل شخص أثر بشكل كبير على المجتمعات الميكروبية الخاصة بجلد شريكه. وفي الواقع فإنَّ خوارزميات الكمبيوتر المعتمدة على تحليل البيانات الميكروبية كانت قادرة على تحديد الأزواج المرتبطين بدقة تصل إلى 86%. b وقال جوش نيوفيلد، الكاتب المشارك بالدراسة عالم الأحياء في جامعة واترلو، في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني: "كان الجانب الأكثر إثارة للدهشة في الدراسة هو أنَّنا تمكننا من تحديد بصمة ميكروبية مشتركة بين الأزواج الذين يعيشون معاً". وتبيَّن كذلك أنَّه غالباً ما يكون الجزء الأكثر احتمالاً لاستضافة لمجتمع ميكروبي مشترك بين الزوجين هو القدمين. ولم تدرس الدراسة السبب في ذلك، لكن يرى الباحثون أنَّها على الأرجح ميكروبات التقطها الجلد من المنزل. إذ يسقط من البشر أكثر من مليون جسيم بيولوجي في الساعة، لذا يسهل بشكلٍ خاص على القدمين التقاط ميكروبات جديدة، سواءٌ في الحمام المشترك مع الشريك، على سبيل المثال، أو حتى أثناء المشي حافي القدمين في أرجاء المنزل. وجديرٌ بالعلم أن معظم البكتيريا المتواجدة على الجلد هي بكتيريا غير ضارة أو نافعة، تمنع الميكروبات المسببة للأمراض من استيطان تلك المنطقة من الجلد، وإن لم تتوافر الكثير من المعلومات عن هذا النظام البيئي. وكتب نيوفيلد: "كلما ازدادت معرفتنا بالعوامل التي تؤثر على الميكروبيوم البشري، بما في ذلك الميكروبات التي تُغلف أجسادنا، ازداد فهمنا للحواجز التي تحمي أجسادنا من المرض، وتُدرب جهاز المناعة لدينا وترتبط بالبيئات التي نسكنها". ويقول الباحثون إنَّ هناك عوامل أخرى، مثل النوع الاجتماعي، تؤثر بصورةٍ أكبر على ميكروبيوم الشخص أكثر من قربه من شريكه. إذ إنَّ أي عينة أُخذت من جسم امرأة ستتطابق مع عينةٍ أخرى أُخذت من منطقةٍ مختلفة من جسدها بصورةٍ أكبر مما تتطابق مع شريكها. وحسبما تؤكد آشلي روس، وهي كاتبة مشاركة في هذه الدراسة الحديثة وطالبة ماجستير في علم الأحياء في جامعة واترلو، فإنَّ الشريك لا يزال يلعب دوراً هاماً في تشكيل ملفك الميكروبي، مضيفةً أنَّه "وإن كان ليس الدور الرئيسي، فهو يُعد قطعةً أخرى من الأحجية". وتُظهر الدراسة أنه بالإضافة إلى القدمين، يتشارك الشركاء من كلا الجنسين في مجتمعاتٍ ميكروبية متماثلة على الجذع، والسرة، والجفون. وتقول روس إنَّ تبادل المجتمعات الميكروبية هذا قد يحدث أحياناً في أثناء النوم في نفس الفراش ومشاركة الشراشف. كما وجدت روس وزملاؤها أنَّ المجتمعات الميكروبية المتواجدة على الفخذ يحددها النوع الاجتماعي، إذ تمكنت خوارزميات الكمبيوتر من التمييز بين الرجال والنساء بدقة بلغت نسبة 100% من خلال تحليل العينات وحدها. وتوضح روس قائلة إنَّ الأمر ربما يكون له علاقة بتأثر البكتيريا المتواجدة على فخذ المرأة بميكروبيوم المهبل. وشددت روس مع زملائها على أنَّه من الصعب تعميم النتائج على جميع السكان، نظراً إلى صغر حجم العينة المكونة من 20 مشتركاً. وسيكون من المفيد إجراء دراسة على الأزواج من نفس الجنس في المستقبل، فضلاً عن الأزواج من مختلف الأعراق والأجناس. وفي نهاية المطاف، يقول نيوفيلد إنَّه قد تكون للنتائج تطبيقات عملية لتصميم الأماكن العامة والمساحات المشتركة للحد من انتشار مسببات الأمراض بين الأفراد.