بينما الناس يتحلقون حول جنازة يستعدون لمواراتها الثرى، سأل أحد الواعظين الناس: أترون ماذا سيفعل هذا الميت إذا اُعطيتْ له فرصة جديدة للحياة؟، قال أحدهم: (سيتقي الله ويعبده كما لو أنه يراه، ولن يفعل إلا ما يرضي الله). فقال الواعظ :"فكن أنت مكانه".. كانت هناك فرصة عظيمة للجبهة الإسلامية القومية بزعامة الترابي لتقديم نموذج جيد لتجربة الإسلام السياسي في الحكم رغم جريمة الانقلاب، ولكنها أخلدت إلى الأرض وانغمس كوادرها في الشهوات وملذات السلطة ونشوة الحكم، فسكروا حتى الثُمالة فترنّح نظامهم حتى سقط على الأرض جثةً هامدةً بعد أن اجترحوا السيئات وكل ضروب الفساد.. الآن مات نظام الجبهة وشيّعه الجميع إلى مثواه الأخير ورجعت قوى الحرية والتغيير مع المشيّعين، والإسلاميون في غمرة الحزن والحسرة يتمنون لو أن الزمان استدار لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وإدراك ما يمكن إدراكه، ولكن هيهات!. ولابأس فلتكن قوى الحرية والتغيير مكان هذه "الجثة" الهامدة التي تتمنى أنْ لو تكون لها كرة لعمل كل المراجعات اللازمة، أتُراها هل تعتبر وتستفيد من دروس نظام الجبهة، أم ستعيد نفس الأخطاء وتقع في حبائل الشيطان وتضعف أمام السلطة؟.. الآن وقبل فوات الأوان وحينما لا ينفع الندم، أمام قوى الحرية والتغيير فرصة ثمينة جداً لتقديم نموذج لحكومة انتقالية نزيهة عفيفة اللسان لا تقول إلا ما يُرضي الله ويستحسنه الناس، حكومة طاهرة اليدين لا يسرق منسوبوها المال العام ولايثروا به، حكومة مستقيمة السلوك فلارفث ولافسوق ولافجور ولاكذب ولانفاق. حكومة رشيدة لاتُسرف ولاتُهدر ولاتبدد موارد الشعب.. على قوى الحرية والتغيير أن تُقدم أفضل ماعندها من الكوادر من حيث الأمانة والصدق والخبرات والنزاهة والاستقامة، وإلا فلن تكون مؤهلة أخلاقياً لمحاسبة رموز النظام السابق، ولا يحق لها حتى انتقادهم، عليها أن تقدم للناس دروساً في الوطنية والمسؤولية وتعيد سيرة رواد الحركة الوطنية، وتعيد للشعب السوداني الثقة التي فقدها في نظام "الإنقاذ"، وإلا هم والإنقاذ سواء.. اللهم هذا قسمي في ما أملك.. نبضة أخيرة ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين. أحمد يوسف التاي