الحس الوطني والحس (العدلي) بعد الثورة ارتفع بصورة ملحوظة – الاحساس بالوطن والاخر اضحى احساساً (قومياً). الانتماء للوطن وثقافة الثورة التى فرضت على الناس قيم ومبادئ العدالة والديمقراطية اصبحت شعوراً (عاماً). يحدثك في ذلك اهل الهامش والمركز بنفس اللغة. ثورة ديسمبر المجيدة اهم ما اتت به انها وحدت الاحساس بين المركز والهامش. لم تعد هناك سلطة للقبيلة او السياسة إلّا بمقدار ما خلفه النظام البائد من نعرات وتركات ومخلفات نحتاج الى بعض الوقت حتى نشفى منها. معظم شعارات الثورة في الجانب (الشعبي) تحققت – مثلها نزلت على الشعب السوداني (ادبياً) و (معنوياً) ، وان كنا في الجانب (الحكومي) ما زلنا نعاني من تخلف وما زالت عقلية النظام البائد هي الحاكمة وهي التى تقود البلاد. ندرك ان نظام الانقاذ على امتداد ثلاثين عاماً تغول في حياة الناس وفي ثقافاتهم وتمكن من المفاصل والعصب وهو يتخذ شعارات الدين من اجل ان يحقق بها مآرب خاصة. الانفكاك والانعتاق من تلك القبضة يحتاج الى علاج طويل الامد ووعي عظيم. (2) اسعدني تداعي الشعب السوداني كله (السهر والحمى) بسبب قضية بهاءالدين نوري وعزالدين. هذا تطور ووعي خلقته ثورة ديسمبر المجيدة والتى فرضت ثقافتها عن طريق المواكب والاعتصامات. الشعب السوداني على امتداد اكثر من 5 اشهر كان كله في الشوارع والميادين. خلق البمبان والذخيرة الحية بين افراد الشعب السوداني (عشرة وملاح). التروس فرضت بين الناس بمختلف الالوان والثقافات والاعمار حياة (الاسرة) الواحدة. لذلك الاحساس بالغير اصبح كبيراً. تداعى الشعب السوداني للسهر والحمى لقضية الشهيد بهاءالدين نوري وضع الجهات التي اعتدت على بهاءالدين في (فتيل) رغم قوة تلك الجهة وقوة تأثيرها في الحياة في السودان. الحكومة عليها ان تدرك ان التعذيب الذي تعرض له بهاءالدين نوري وعزالدين كمواطنين يتعرض له الشعب السوداني الآن بشكل اخر. هناك (تعذيب) معنوي وادبي يتعرض له الشعب السوداني قاطبة من الحكومة الانتقالية. ذلك التعذيب يتمثل في صفوف (الخبز) التى بقيت على امتدادها لاكثر من عامين. ان تعجز الحكومة في حل معضلة (الخبز) وتبقى على الشعب السوداني في (صف) الخبز – امر لا يليق بحكوم اتت بها الثورة المجيدة. الصفوف ما زالت ممتدة امام محطات الوقود رغم ارتفاع اسعار البنزين والجازولين والجاز. الغلاء وارتفاع الاسعار يمثل (تعذيباً) اخر للشعب السوداني مع سبق الاصرار والترصد. الشعب السوداني يجب ان يعيش حياة كريمة وفاضلة – هو يستحق حياة كريمة. (3) لا بد من القول ان هنالك رقياً اصبح في تعامل الشرطة بمختلف اقسامها مع المواطنين. نشعر بذلك في تعامل رجال المرور مع المواطنين وفي تعامل الشرطة مع افراد الشعب في كل مراكز الخدمات المفتوحة للجمهور. اضحت الشرطة تتفهم للظروف وتتعامل مع المواطن وهي تدرك الاوضاع الصعبة التى يمر بها المواطن والوطن بصورة عامة. حتى التعامل في المحاكم مع الجناة اصبح تعاملاً راقياً ، يلتزم بالنواحي القانونية والانسانية. فقط نحذر من الاعتقالات التى تتم بصورة غير قانونية وبعيداً عن رقابة النيابة والقانون. الحكومة عليها ان تتخلص من جانبها (الكيزاني) هذا – فهو الجانب (التعسفي) في حكومة الثورة والذي يفترض التخلص منه على وجه السرعة. الشعب لن يسمح بعد الثورة بأية تجاوزات. لن تقبل أية مبررات واعذار بعد اليوم. (4) بغم / اذا كنت في الحكومة احرص على ألا تضع نفسك في موضع ان تكون في (فتيل). الثورة لن ترحم نقلا عن صحيفة الانتباهة