تنهي البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور "يوناميد" اليوم الخميس مهمتها التي امتدت لثلاثة عشر عاما، ما أثار مخاوف لدى سكان الإقليم خصوصا بعد نشوب أحداث عنف مؤخرا. وفي بيان لها قالت البعثة إن الحكومة السودانية ستتولى مسؤولية حماية المدنيين في المنطقة. وأكدت البعثة أن الانسحاب التدريجي الذي سيبدأ في يناير سوف يكتمل خلال ستة أشهر، ويذكر أن البعثة كانت تتكون من نحو ثمانية آلاف عسكري وشرطي ومدني. واندلع نزاع دارفور عام 2003 وخلف بحسب إحصاءات الأممالمتحدة 300 ألف قتيل وأدى إلى انتشار النزاعات القبلية والتي كان أحدثها الأسبوع الماضي وأسفرت عن خمسة عشر قتيلا، كما تسبب النزاع في تشريد 2,5 مليون شخص من قراهم وفقا للمنظمة. ونظم عدد من المواطنين الذين شردتهم الحرب من منازلهم، احتجاجات للمطالبة ببقاء بعثة يوناميد. ولا يزال الإقليم يشهد اشتباكات بسبب التناحر على موارد المياه والأرض بين الرعاة البدو العرب والمزارعين المنتمين للمجموعات المهمشة. وبدأ النزاع عندما حملت مجموعة تنتمي إلي أقليات أفريقية السلاح ضد حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا. وأطلقت حكومة البشير ميليشيات مسلحة أغلب أفرادها من العرب عرفت باسم "الجنجويد" وقد اتهمتها منظمات حقوقية عديدة بارتكاب حملة تطهير عرقي وبعمليات اغتصاب. وألحقت السلطات السودانية المئات من أعضاء الميليشيات بقوات الدعم السريع شبه العسكرية والمتنفذة. تقاسم عادل للسلطة ومن المقرر أن تحل محل يوناميد بعثة الأممالمتحدة لمساعدة الحكومة الانتقالية السودانية "يونيتامس"، وتتألف مهامها من مساعدة الحكومة الانتقالية وبناء السلام وإيصال وتوفير المساعدات الإنسانية. ويذكر أن إقليم دارفور الواقع في غرب السودان يتألف من خمس ولايات وشهد عدة مراحل من النزاع ابتداء من 26 فبراير 2003 عندما بدأ تمرد أقليات عرقية في دارفور ضد نظام الخرطوم وسيطر المتمردون على مدينة قولو في ولاية شمال دارفور. وفي مارس طالبت حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان بتقاسم عادل للسلطة والثروات، وفي نهاية 2007 انتشرت يوناميد لتحل محل قوة أفريقية كانت شكلت العام 2004. وفي مايو 2008 شنت حركة العدل والمساواة هجوما على مدينة أم درمان المجاورة للخرطوم أسفر عن أكثر من 220 قتيلا. وفي 2009 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، ثم أصدرت في 2010 مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب إبادة. وبعد أشهر من الهدوء تجددت المعارك نهاية 2010 إثر إسقاط اتفاق وقع العام 2006 مع فصيل في حركة تحرير السودان. وأحصت الأممالمتحدة سقوط أكثر من 2300 قتيل في ذلك العام. وفي نوفمبر 2011 صادقت أبرز الفصائل المسلحة في دارفور مع فرع الشمال في التمرد الجنوبي السابق على وثيقة تنص على قيام جبهة ثورية بهدف إسقاط النظام. واتهمت الخرطوم حركة العدل والمساواة بالتحالف مع دولة جنوب السودان التي أعلنت استقلالها في 2011 والتي تدعم وفق الخرطوم متمردين مسلحين في جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكن جوبا نفت. وفي مارس 2014 نددت الأممالمتحدة بالقيود التي فرضت على الطواقم الإنسانية في دارفور وازدياد عدد النازحين الذي بلغ 215 ألفا حينها، علما بأن المخيمات تؤوي نحو مليونين. وفي 31 أغسطس 2020 وقع قادة حركات متمردة وممثلو الحكومة السودانية بالأحرف الأولى اتفاقا للسلام. وتم توقيع اتفاق السلام رسميا في 3 أكتوبر الماضي في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان. ويضم الاتفاق ثمانية بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير بعض القطاعات وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والمشردين، إضافة إلى البروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشا يمثل كل مكونات الشعب السوداني.