يخطط أعضاء مجلس النواب الأميركي، ذات الأغلبية الديمقراطية، بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، للمضي قدمًا هذا الأسبوع، في محاكمة ثانية للرئيس دونالد ترامب، بهدفه عزله على خلفية هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول الأربعاء الماضي. وتأتي المساعي لعزل الرئيس هذه المرة، في الأيام الأخيرة من ولايته، مع اقتراب حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، ليكون الرئيس ال46 للولايات المتحدة، في العشرين من يناير الجاري، بالتالي ليس هناك وقت كاف لعزل ترامب قبل ذلك. هل يمكنهم حقًا عزل ترامب وإدانته بعد تركه لمنصبه؟ ينص الدستور الأميركي على أن مجلس النواب "يجب أن تكون له السلطة الوحيدة للمساءلة"، وهذا يعني أن المساءلة هي عملية سياسية أكثر منها قانونية. وتتمتع الأغلبية في مجلس النواب بسلطة واسعة فيما يخص توجيه اتهامات ضد الرئيس أو أي مسؤول رفيع المستوى. مع ذلك فإن إجراءات الإقالة عمومًا تعتبر أنها وسيلة لعزل مسؤول من السلطة، وليس معاقبته على سلوكه في المنصب، لذا فإن إجراء محاكمة في مجلس الشيوخ بعد انتهاء ولاية ترامب ممكنة، لكن، ونظرًا لضيق الوقت، فإن ذلك سيكون "أمرًا مثيرًا للجدل" وفق صحيفة "لوس أنجلوس تايمز". ينص البند الأكثر شهرة في الدستور الأميركي بشأن الاتهام -في المادة 2، القسم 4 – على أنه "يجب عزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع المسؤولين المدنيين في الولاياتالمتحدة من مكتب مقاضاة وإدانة الخيانة والرشوة وغيرها من الجرائم والجنح". ويسعى مجلس النواب إلى تفعيل المادة 25 من الدستور الأميركي، التي تنص أن نائب الرئيس الأميركي، وفي هذه الحالة مايك بنس، يمكنه المطالبة بعزل الرئيس الأميركي إن ثبتت عدم أهليته للبقاء في منصبه، وبعد الحصول على الموافقة من الكونغرس. هل هناك سابقة لعزل وإدانة رئيس ترك المنصب؟ كل الاتهامات الرئاسية السابقة كانت ضد رؤساء في مناصبهم. وجميعهم، بما في ذلك ترامب في عام 2019، تمت تبرئتهم لاحقًا من قبل مجلس الشيوخ وظلوا في مناصبهم. وإذا قام مجلس النواب بعزل ترامب للمرة الثانية وأجريت محاكمة مجلس الشيوخ بعد 20 يناير، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك. يختلف الخبراء حول ما إذا كان بإمكان مجلس الشيوخ التصرف بعد ترك ترامب لمنصبه، لكن الدستور لا يحدد تفاصيل العزل والإقالة، لذا يمكن للكونغرس فعل ما يريد في هذه الحالة. إذا كان ترامب قد رحل بالفعل، فما الفائدة من المحاكمة؟ يعتقد أغلبية الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، أن ترامب، حرض بالفعل على التمرد ويرون أنه من الضروري أن يعزل الكونغرس ترامب من السلطة وأن يوبخه بأقوى العبارات الممكنة لما وصفه الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بأنه "تمرد فاشل". علاوة على ذلك، إذا أدين ترامب بالتهم الموجهة إليه، يمكن لمجلس الشيوخ أيضًا أن يوافق بأغلبية الأصوات على "عدم الأهلية لتولي منصب شرف أو ثقة أو ربح". وهذا سيمنع ترامب من السعي إلى الرئاسة مرة أخرى في عام 2024. لكن هذا الحظر ليس تلقائيًا، إذ سيتعين على مجلس الشيوخ التصويت مرة ثانية. هل يمكن لمجلس النواب توجيه الاتهام في غضون أيام دون أي نقاش أو جلسات استماع؟ رغم أنه قد يشكل سابقة مثيرة للجدل، إلا أن ذلك متاح لمجلس النواب. وبينما تضمنت إجراءات المساءلة السابقة جلسات استماع ومناقشات مطولة، فإن الدستور لا يتطلب ذلك. في عام 1868، قرر مجلس النواب عزل الرئيس، أندرو جونسون (1856-1869) في غضون أيام من إقالته وزير الحرب في انتهاك لقانون ولاية المنصب. ولم تكن بنود الاتهام قد كتبت بعد عندما وافق عليها مجلس النواب. لكن بشكل عام، لا ينظر المؤرخون إلى هذا العزل السريع بشكل إيجابي. ما هي فرص إدانة مجلس الشيوخ لترامب؟ ويتطلب عزل الرئيس الأميركي، موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ للإدانة، وهي نسبة عالية مع تقسيم مجلس الشيوخ بالتساوي بين الحزبين. وقد ألمح عدد قليل من المنضمين للدعاوى بعزل ترامب قد ازداد مقارنة بإحراءات العزل الأولى التي صدرت ضد الرئيس الأميركي في عام 2020، إلا أنه من المحتمل أن يكون غير كاف، وفقا لتقرير "لوس أنجلوس تايمز". كما أن السابقة التاريخية ليست في صالحهم، إذ لم يصوت مجلس الشيوخ أبدًا من أجل إدانة وعزل رئيس على أساس قرار مجلس النواب. هل بإمكان ترامب الاحتفاظ بمزاياه الرئاسية وحماية الخدمة السرية إذا أدين؟ قد يفقد ترامب بعض الامتيازات ولكنه سيظل يحصل على الحماية، التي توفر عادة للرؤساء القدماء. يضمن قانون الرؤساء السابقين لعام 1958 معاشًا تقاعديًا للرؤساء السابقين وإمكانية الوصول إلى التأمين الصحي والمكاتب والموظفين، ولكن فقط إذا لم يتم عزلهم من مناصبهم. ولكن تم تعديل القانون، في عام 2013، بحيث يحتفظ حتى الرؤساء السابقون الذين تمت إزالتهم من مناصبهم بالحماية الأمنية للخدمة السرية مدى الحياة.