الراهن الاقتصادي الذي تمر به البلاد ألقى بظلاله على جميع القطاعات، وأصبح الوضع في غاية الخطورة ومعضلة حقيقية وعقبة ثابتة لم تفلح الجهود في معالجتها طوال الفترة الماضية، والمشكلة أنها تتفاقم يوماً بعد يوم وقطاع المياه ليس بمعزل عما يدور، وفي كل الأحوال المتضرر الأول والأخير المواطن الذي يكابد ليتعايش مع الوضع الاقتصادي الحالي. وبالأمس حملت الصحف أخباراً توقعت فيه اللجنة التسييرية للعاملين بهيئة مياه ولاية الخرطوم توقف الإمداد المائي الولاية لأسبوع يبدأ من أمس الأربعاء، واتهمت اللجنة هيئة مياه الولاية بممارسة ضغوط عليها لإفشال أسبوع إضراب عمال التشغيل والمهندسين والموظفين والعمال والفنيين والذين سيبدأون تنفيذه الأربعاء بعد انتهاء أسبوع إضراب عمال الهيئة الثلاثاء. ورفض المدير العام للهيئة استلام مذكرة مطلبية من اللجنة التسييرية لنقابة العاملين، واتّهمت رئيس اللجنة التسييرية، منى عبد المنعم سلمان في بيان لها أمس، إدارة هيئة مياه ولاية الخرطوم ممثلة في مديرها العام والمدير التنفيذي الجديد بمحاربة الإضراب من واقع التصريحات الصحفية، ووصفتها بغير المسؤولة والمُضلِّلة للرأي العام ببُعدها عن الحقائق على أرض الواقع، بجانب غمر مكان المنبر الذي تعارف عليه عاملو الهيئة بالمياه بعد تحديد زمن اجتماع اللجنة التسييرية بالقواعد لتنويرهم بمُستجدات الوضع القائم واستخدام سياسة البطش والتهميش. وكشفت جولة (الصيحة) لعدد من أحياء العاصمة القومية عن توقف الإمداد المائي وقطوعات متكررة للإمداد في عدد من مناطق الولاية. وفي ذات السياق، حمل المواطن عبد اللطيف يوسف الحكومة الانتقالية ما يجري حالياً في أروقة الهيئة القومية وعدم النظر إلى مطالب العاملين، وحل مشاكلهم حتى لا يتأثر المواطن المسكين بهذا الصراع بينهم، وتخوف من تسبب الإشكالات التي تعاني منها المحطات الإنتاجية في استمرار القطوعات خلال الصيف الحالي، وقال ل "الصيحة" إن التجارب علمتهم أن استقرار التيار الكهربائي والمائي في فصل الصيف يبدو حلماً بعيد المنال، وفق ما اعتادوا عليه سنوياً، وقال إن المواطن لا يهمه سوى توفر الخدمة وعلى الجهات المختصة معالجة الإخفاقات السابقة لضمان عدم الاضطرار لوضع برمجة للقطوعات. وشكت المواطنة (إ. م) من قاطني منطقة بيت المال بأم درمان من معاناتهم من عدم توفر المياه لمدة طويلة قبل خروج المحطات التي أعلنتها هيئة مياه ولاية الخرطوم، وقالت للصحيفة إن هناك عشرات المواسير المكسورة في أم درمان، لافتة إلى الوضع الاقتصادي الكلي الذي أصبح المواطن فيه هو الذي يدفع الثمن. أما المواطنة (ع. م) من منطقة الأزهري أكدت معاناة مواطن المنطقة جراء انعدام المياه، وقالت: بالرغم من أن المياه المتوفرة في منطقتهم لا تستخدم للشرب للملوحة الزئدة وافتقارها للتنقية المطلوبة، حيث تسببت في العديد من الأمراض، الأمر الذي أدى إلى احتجاجات للمطالبة بمعالجة الأزمة، وأوضحت المواطنة مدينة عبد الرحيم من منطقة (مايو) مربع 23 أن انقطاع المياه بات أمراً يتكرر طوال العام، حيث تفتقر المنطقة إلى توفر الخدمة على الرغم من أننا نقوم بدفع الفواتير كل شهر مع انعدام توفر المياه. وأوضحت خلال حديثها ل(الصيحفة): نضطر إلى شراء المياه من (الكارو) والتي شهدت زيادة كبيرة حيث بلغ سعر الجوز (150) جنيهاً، لافتة أن الأمر بات فوق طاقة المواطن المسكين خاصة ذوي الدخل المحدود، وشكت من أن المنطقة تعاني من انقطاع متكرر، وطالبت الجهات المختصة بضرورة النظر ومعالجة المشكلة. فيما أكد مصعب مضوي من سكان حي الصالحة انقطاع متكرر للإمداد المائي في المنطقة، وقال ل (الصيحة): منذ الأسبوع الماضي والمياه غير صالحة للشرب، حيث تأتي بالطمي والطين، وغير معالجة، الأمر الذي يجعل مواطن المنطقة يلجأ إلى شراء المياه من الكارو الذي يتراوح سعره ما بين 200 إلى 300 جنيه، وشكا من استغلال أصحاب (الكوارو) للمواطنين برفع أسعار المياه، لافتاً إلى أن محطة الصالحة تتغذى من نهر النيل مباشرة، وليست لها علاقة بملء سد النهضة. من جانبهم دعا خبراء اقتصاديون الحكومة لاتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية لمعالجة الوضع المعيشي المتدهور، وتحسين معاش الناس، مشيرين إلى أن خروج الجماهير للشوارع في تظاهرات مستمرة كان بسبب مطالب اقتصادية بالدرجة الأولى، وحذروا من مغبة تجاهل الإصلاحات المطلوبة لأنها ستزيد الوضع تعقيداً فوق ما هو معقد بالأصل، ونوهوا إلى أن السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة خلال الفترة الماضية، كان السبب المباشر في تفاقم حدة الوضع المعيشي وارتفاع معدلات التضخم، ومن الضروري مراجعتها. الصيحة