الوضع الراهن في السودان زاد من أعداد المشفقين على الوطن السودان ، ككيان وكوحدة تراب ، الوضع الراهن أمات في دواخلنا بصيص الأمل المستحيل في آخر النفق ، بإعتراف من يتسنمون السلطة في البلاد ، أن البلاد تنهار ، تنهار في كل شئ ، الإقتصاد، الأمن، الوحدة و التعايش السلمي ، أبناؤها هم معول الهدم ، من هم على سدة الحكم أو من يقفون في المعارضة ، لا يفرقون بين الخصومة السياسية والوطن ، يزرعون الفتنة بين الناس بغرض التناحر و عدم الإستقرار ، وحين تمتد ألسنة الحريق يفرحون ،وحين تلتهم النيران الأجساد والبيوت يتغامزون غبطة بنجاح المكر والمكيدة ، أوراقهم مكشوفة ونواياهم معلومة وحركتهم مرصودة. الجماهير السودانية تعلم من هم وراء الدمار والتجويع والغلاء ، والسلطة الحاكمة تدرك من يهرب الأسلحة والمخدرات ومن يهرب المعادن النفيسة ومن يجفف السوق من الدولار ، والجهات الأمنية ترصد وتتابع الأصابع التي تعمل علي تخزين وإخفاء السلع في الليل البهيم . يتدثرون بدثار الثورة والثوار ويطلقونها نيرانا تقتل الأبرياء والأنقياء والأصفياء ، ويظنون أن عدالة السماء ستغيب بغياب عدالة الأرض ، وأن لا مكانة لغيرهم أن يسود ، أو حتى ، لا يحق لغيرهم نصيب في وطن ممود ، يكن في باطنه ويتوشح فوقه خيرا وفيرا غير محدود ولا معدود. الشعب السوداني يعلم من هم وراء الدمار والتجويع والغلاء ، والسلطة الحاكمة تدرك من يهرب الأسلحة والمخدرات ومن يهرب المعادن النفيسة ومن يجفف السوق من الدولار ، والجهات الأمنية ترصد وتتابع الأصابع التي تعمل علي تخزين وإخفاء السلع في الليل البهيم ، لكن الذي يغيب عنهم ، أن كاميرات وعيون الناس تتبع خطاهم وترقب ممارساتهم وتعلنهم صباح مساء ، أن يقتص الله من ظالمهم ، في يوم قريب ويظنونه بعيد ، يوم لا ينفع فيه مال أو جاه أو بنين ، يجيدون لعبة لخبطة الكيمان ويقتلون الميت ويمشون في جنازته دون إستحياء ، فمتى تصحا تلك الضمائر الغافلة التائهة وأن ترعوي وتعود للرشد لأن الوطن للجميع وليس ضيعة يرثها من يعتقد أنه فوق الجميع ،فمن يظن أن عجلة التأريخ تعود للوراء ، فهو خاسر ، ومن يعتقد أن تعطيل الحياة وتعثرها يبكي الناس على زمن أصبح طية في التاريخ فهو واهم ، الأيام دول بين الناس إن شئنا او أبينا ، لكن للأوطان دين مستحق ، بناء وتنمية وأمن وتعايش وتقاسم في حقوق الحياة ، لأن الوطن خط أحمر ، في قوانين البشر و في كل الدساتير التي يركن إليها البشر . الشارع السوداني يشعر بالإحباط ، وبدأت تتساقط ثقته في أركان الحكم لضعفه ولهشاشة سلطته وبطء حركته والذي أفقد الدولة هيبتها ، كيف ينبغي لنظام حكم وبيده كامل السلطة أن لا يبت في قضية أركان النظام السابق ، تحقيقا لشعارات الثورة نفسها ، حرية ، سلام وعدالة . كيف ينبغي أن تتمدد فترة التحقيق في قضية فض الإعتصام لأكثر من عام وأسر الشهداء والوطن ينزفون الدمع ويكتمون بين جنباتهم الحزن القاتل ، كيف ينبغي لحكومة من أهدافها إن تخرج بالوطن من وهدته وأركانها تتصارع وتتشاكس وتتسع دائرة خلافاتهم يوما بعد يوم ، والبلد تتهده القبلية والعنصرية والتعصب وتلتهب نيران الفتنة في القضارف وكسلا وبورتسودان والجنينة وتمتد ألسنتها الى معسكرات اللآجئين ، فشل يقود لفشل وسقوط يقود لسقوط آخر ، ما خرجنا من حفرة الا وقعنا في دحديرة . الحكومة الإنتقالية إستطاعت بكل جدارة أن تزيد وتضاعف من الأزمات في كل مناحي الحياة ، في النقل وتوفير الوقود السائل منه والغازي ، وحققت فشلا ضاعف من تضور الناس جوعا بحثا عن الخبز ، حيث شهد السوق بناء على القرارات المرتجلة والمتعجلة إنفلاتا في الإسعار والتي تتزايد بوتيرة غير مسبوقة تجاوزت قدرات وإحتمال الناس ، شملت كل ضروريات الحياة من تشخيص وإستشفاء ودواء ، وجائحة الكوفيد _ 19 تفتك بالبشر وحكومة الفترة الإنتقالية أقل إستعدادا بكثير من ماهو مطلوب في توعية المواطنين ، في تشخيصهم أو معالجتهم أو حتى البحث الجاد في تأمين و إخضاع المواطنين للقاحات الوقائية. حكومة الفترة الإنتقالية تشغل نفسها بقضايا إنصرافية في خضم التراشق الإعلامي بين أركانها وحواضنها ، ولا تعطي بالا لوضع خارطة طريق تعيد للمواطنين توازنهم المعيشي وفتح مجالات عمل لخريجي الجامعات للتقليل من نسب البطالة التي تعاني منها غالبية الأسر السودانية إن لم تكن كلها ، إن تباطؤ الحكومة الإنتقالية في العمل على إعادة الحياة للمشاريع المروية والمطرية والصناعية شكل حجر عثرة أمام الإصلاح الإقتصادي المرتجى للتقليل من الواردات ورفع نسبة التصدير للفائض ، المحاصصات التي أشغلت الساحة السياسية تزيد من حدة التشظي وإظهار حقيقة الأحزاب والفصائل المسلحة القادمة تحت مظلة إتفاق جوبا أن هموم الوطن والمواطن لا تتصدر أجندتهم .