أعتقد أن يوم أمس الأول كان الأسوأ على الإطلاق لكل سكان ولاية الخرطوم قاطبة و للذين يقطنون الأحياء المتاخمة لوسط الخرطوم بصورة أكبر . كما أعتقد أنه الأكثر سوءاً للذين يصطحبون في سياراتهم مريضاً في طريقه للمشفى أو مسافر في طريقه للمطار ، أو حتى موظف في طريقه للحاق بعمله . الملفت للنظر في مسألة التروس هذه المرة التنافس المحموم بين الجيش في المداخل المؤدية إلى شارع القيادة و بين الشباب في الأحياء . التنافس كان واضحاً في فكرة من يبني ترساً أكبر و من يشغل مساحة أوسع ومن يسبب الإزعاج و الأذى للمواطنين أفضل و من يجعل ضغط الدم والسكري يرتفع عند هذا الشعب أكثر . يوم أمس الأول وكأني بقيادات القوات المسلحة وكأني بهم يمدون لسانهم للمواطنين والشباب في التقاطعات على حد سواء ، بمعنى آخر كأنهم يقولون (ويووووووو ترسنا أكبر ) (ويوووووووو حيطتنا أعلى) . الحظ العاثر وحده الذي جعلني أصطدم في كل شارع اسلكه بحائط خرساني كامل الدسم ، أبرز حائط ذاك الذي واجهني جنوب كلية الهندسة جامعة الخرطوم في التقاطع مع المحكمة الدستورية في شارع البلدية . حيث أكتشفت أنني أمام حائط ضخم، بل أنه (سور الصين العظيم ) ، كم ياترى يستغرق الوقت والمال والجهد لإنجاز تروس القيادة العامة ، وكم عدد المواطنين الذين تتعطل مصالحهم بسبب هذا الإغلاق. المشكلة الأكبر كانت دوماً و ستظل في استدارة المواطنين عن التروس ( للخلف در ) وبحثهم عن شوارع بديلة لشارع القيادة ....!! أو أنهاكهم لإطارات السيارات في الأحياء السكنية بمحاولة العبور فوق تلك الأحجار ، استسلام المواطنين نفسه لمجموعة من الصبية يوجهونهم كيفما يشاءون مصيبة كبرى تعكس الكثير من السلبية . لا أدرى أبداً ماهي الحكمة في تخريب الشوارع ، و ماهو الجمال في تعطيل المواطنين ، و أين الثورة في تشويه الشوارع بالحرائق و خلع الأنترلوك . ما يحدث في شوارع الخرطوم الآن لا يناسب الأحداث في الساحة السياسية ، لأنه في الوقت الذي تترس فيه الشوارع تمر من أمامهم و خلفهم عربات القوات النظامية بمختلف مسمياتها دون أن يحرك أحدهم ساكناً . وهذه رسالة واضحة الدلالات أن ما يفعلونه لا يضر أحد سوى المواطنين ..! لذلك لا معنى للتتريس ولا قيمة له . الآن ينبغي أن تكون هنالك حشود واضحة برسائل شفافة يعبر من خلالها المحتجون عن قضاياهم ؛ ولكن أن يستيقظ أحدهم منذ الصباح ولا يفعل شيء غير أن يضيق على المواطنين أكثر و أكثر فأنه لعمري أمر غير مقبول و غير سليم ولا يؤدي إلى نتائج إيجابية . سهير عبدالرحيم [email protected]* خارج السور : الجيش يترس والشباب يترسون .... مافيش حد أحسن من حد.. وليذهب المواطن وقبله الوطن إلى الجحيم.