كيف لرجل بقامة الأستاذ الطيب صالح أن يتساءل من أين أتى هؤلاء ،، بالضرورة هو يعلم جيداً إجابة السؤال الذي أطلقه، لكنه يشير إلى طبيعتهم الشائهة المشوهة، طبيعي جداً أناس ليس في وجدانهم خليل فرح وسرور وكرومة ولم يستمعوا لمديح أولاد حاج الماحي والشيخ حياتي وأبو شريعة، لم يطربهم زنقار ولا إبراهيم عبدالجليل ولا حتى الجابري، لم تطربهم إيقاعات الكمبلا والكرنق والشاشاي والهداي، لم يحرك حواسهم الجابودي ولا الطمبور ولا الوازا،، لم يستمتعوا بإبداعات جكسا وأمين زكي وبرعي القانون والدكتور كمال، لم يقرأوا لمحمد عبدالحي وعلي المك والنور أبكر، ولم تلامس أحاسيسهم أشعار مصطفي سند وجيلي عبدالرحمن ومحي الدين فارس وأبو آمنة حامد، لم يتحلقوا يوماً حول مثقفي جمعية أبوروف والهاشماب وعبدالله حامد الأمين، لم يوردوا موارد الثقافة السودانية بكل تفاصيلها وتعددها وتنوعها، خلا وجدانهم من جميع هذه الأشياء فكيف يكونوا على اتساق مع هذا الشعب متعدد المشارب، حق لهم أن يكونوا غريبي الأطوار في كل شيء. وما ظل واضحاً لنا وغائباً عن الآخرين ظل يتكشف ويتضح يوماً بعد يوم، نشكر لك حميدتي وأنت تمارس الكشف ظاناً أن رؤيتك لتمايز الصفوف إضافة لك، غير مدرك أنها لصالح الشعب السوداني ليعرف من يصطف لصالحه ومن يقف موقف الضد منه، ولكل من سعى لجمع من قامت الثورة ضدهم والذين ترجون لهم عدم الإقصاء وقبول عقلائهم في المشهد السياسي حق للجميع أي الجوانب أن تكون خيارا. وشكراً لثورة وعينا وهي تتفاعل في ذاتها وتفرز فرزاً دقيقا ممن اختار جانب الشعب ومن اختار الخيار الآخر، ولا عجب في رؤية من يحجون إلى المنشية يرجون لتاريخ غابر أن يتم بعثه من جديد، لم نقصي أحداً يوما ولم نحكم عليهم بما ليس لهم حينا، أنهم يفضحون أنفسهم ويكشفون ذواتهم ويسيرون بيننا بكتابهم كالح السواد،، وفي انتظار الحدث الأهم الذي يوحد هذا الشعب في مسعاه الأخير، كن بخير يا شعبي العظيم. ______ *الميدان