يستمر في السودان مسلسل تهريب الذهب عبر المنافذ الرسمية وبكميات كبيرة، الامر الذي يعتبره اقتصاديون اكبر مهدد لاقتصاد البلاد، حيث تشير التقارير الرسمية الى ان الإنتاج المتوقع السنوي للذهب يترواح بين 120- 150 طنا سنوياً، بينما لا تستفيد الدولة من عائدات تصدير الذهب لدعم اقتصادها المتعثر. وتعمل الكثير من الشركات المملوكة لنافذين في التنقيب عن الذهب، وتملك الكثير من المناجم في مناطق مختلفة بما في ذلك شركات أمنية وعسكرية تنهب خيرات الأرض والمواطنون حولها فقراء، ثم دخل رجال المال والأعمال وجلبوا أجهزة كشف المعادن السطحية، ونشروها في مساحات واسعة من السودان، قبل أن تلحق بهم الشركات الأجنبية والمحلية الكبيرة، وسريعاً أصبح السودان أحد المنتجين الرئيسيين للذهب في أفريقيا، دون ان يكون لذلك أثر على أوضاع الدولة الاقتصادية. وكانت ادارة جمارك مطار الخرطوم احبطت اكبر محاولة لتهريب 18كيلو ذهب كانت في طريقها الى دبي وضبطت الجمارك الذهب من داخل الطائرة قبيل اقلاعها بثوان. ويقول الخبير الاقتصادي بروفيسور عبد الله الرمادي، إن تهريب الذهب اكبر كارثة ومهدد للاقتصاد، لان الدولة يمكن ان تستفيد من عائده في دعم المشروعات الانتاجية ولكن تهريب الذهب يفقد الدولة موارد ضخمة من النقد الاجنبي، وأضاف في حديث ل(مداميك) ان النسبة الأكبر من الذهب تهرب عبر مطار الخرطوم، وتقدر بنحو 200 طن سنوياً، لافتا الى أن الغرض الأساسي من تهريب الذهب هو الحصول على عملات أجنبية خارج السودان ليستخدمها المستوردون في تمويل عملياتهم وانشطتهم التجارية. وكثيرا ما حذر خبراء اقتصاديون من الاثار السالبة لتهريب الذهب على الاقتصاد، خاصة ان هناك لجنة السلع الاستراتيجية الموكل اليها تصدير الذهب وتستخدم عائده في جلب السلع الاستراتيجية مثل الوقود والقمح والدواء، معتبرين ان هذا الامر يزيد من تعقيدات الاقتصاد السوداني ويفقد الدولة مزيدا من موارد النقد الاجنبي. وارجعوا تزايد مشاكل تهريب الذهب لضعف الرقابة في المطارات والطرق البرية، فضلا عن عدم وجود عقوبات او قوانين رادعة لتحكم السيطرة عن هذه المشاكل. واشاروا الى إن هناك شركات وشخصيات نافذة تنهب موارد البلاد، وتساعد على تهريب الذهب وتحصل على تراخيص رسمية لتسهل عمليات التهريب، ويتم التهريب عبر صالة كبار الزوار لانهم لا يخضعون للتفتيش. وقدرت تقارير رسمية الفاقد من عمليات التهريب بين 2 إلى 4 مليارات دولار سنوياً، ما يمثل نسبة 37% من إجمالي الصادرات السودانية. وكان المدير العام لسلطة تنظيم أسواق المال في السودان، شوقي عزمي، دق ناقوس الخطر لمشاكل تهريب الذهب، حينما ذكر أن 80% من إنتاج الذهب ينتج بواسطة القطاع التقليدي (الأهلي)، وإنَّ نسبة كبيرة منه يتم تهريبها بواسطة شركات الامتياز، مبيناً أنَّ هذه الشركات معفية من الضرائب ل10 أو 5 سنوات، وان 6 شركات فقط منها تعمل في مجال التعدين. واحتل السودان خلال السنوات الخمس الماضية المركز الثالث في إنتاج الذهب على مستوى القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا وغانا، والمركز ال 13 عالمياً، بحجم إنتاج سنوي يقدر ما بين 100 و250 طناً. بحسب تقرير لوزارة الطاقة والتعدين السودانية. وتقع أشهر مناطق إنتاج الذهب في السودان في منطقة جبل عامر في ولاية شمال دارفور، وتم اكتشافها عام 2012، حيث أفادت تقارير رسمية بأن كل 50 كيلو غراماً من التربة في هذه المنطقة تحتوي كيلو غراماً من الذهب، وكذلك منطقة جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان وتضم أكثر 58 منجماً للذهب، فضلاً ان عدد من الصحارى والجبال الواقعة شرق نهر النيل حتى محاذاة البحر الأحمر وأعلى هذه المنطقة فوق سلسلة جبال البحر الأحمر شرقي السودان. لكن على الرغم من هذا الإنتاج الوفير من الذهب ظل الفرق بين الإنتاج والصادر كبيراً جداً.