منذ وصول قادة حركات الكفاح المسلح للخرطوم ، ظلت التسريبات تخرج بين الفينة والاخرى بأن هناك حركة تقوم بتجنيد الأشخاص وضمهم لها برتب رفيعة ، وبالرغم من أن الحركات المسلحة ظلت مراراً وتكراراً تنفي هذا الامر الا أنه كما يقول المثل السوداني "لا يوجد دخان من دون نار" ، بيد أن مجالس المدينة في الاونة الاخيرة ظلت تتحدث عن منح أشخاص رتب رفيعة داخل الحركات ، بل ظل البعض ينادي ويذكر اسماء الاشخاص الذين تم تجنيدهم وبالرتب التي تحصلوا عليها . يبدو أن تنفيذ الترتيبات الأمنية باتفاقية سلام جوبا سوف يواجه عقبات وتحديات كبيرة ، ومن الواضح أن قيادات القوات المسلحة مراقبة لما يدور من هذه الممارسات ، وسبق للمجلس السيادي أن ارسل خطاباً مكتوباً للوساطة الجنوبية في مفاوضات سلام جوبا، ابلغها بأن هناك ممارسات تنتهك اتفاقية جوبا ، وتفاصيلها بأن هناك حركات تقوم بتجنيد أشخاص في أطراف دارفور ، ويبدو أن الحركات المسلحة عقب توقيعها على اتفاقية سلام جوبا في حاجة إلى خبراء مؤهلين أكاديمياً كالمستشارين القانونيين والاعلاميين وليس ببعيد أن تستوعبهم وتمنحهم رتباً ، بالاضافة إلى أن هناك حركات ليس لديها قوة كبيرة على الارض وتريد أن (تكبر كومها) حتى يكون لها نصيب أكبر في "كيكة" السلطة ووجود اكثر داخل القوات النظامية . وأمس الأول أعلن عضو مجلس السيادة رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس عن رصدهم ظاهرة وصفها بالخطيرة وتتمثل في بيع الرتب العسكرية ، ونوه الى أنها أصبحت كالسلع تباع في الأسواق" ، وقال في مؤتمر صحفي بوكالة سونا للأنباء :"من السهل شراء رتب عليا" ، وابدى تذمراً واضحاً من عدم الإسراع في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية و أقر بأنها تشكل إحدى المخاطر لأنها تؤدي الى حدوث تفلتات. وشدد على ضرورة الإسراع بتطبيق بنود الترتيبات الأمنية المنصوص عليها باتفاق السلام ، وأكد أن تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية سيقطع الطريق أمام الجماعات المسلحة المتفلتة وغير المنضوية، والتي تدعي بأنها جزء من الاتفاق الموقع في جوبا. وأوضح إدريس أن إنفاذ عملية الترتيبات الأمنية سيسهم في وضع حد للانفلاتات الأمنية، من خلال مشاركة قوى فصائل سلام جوبا للقوات المشتركة في القوى العسكرية المكونة من الجيش والشرطة والدعم السريع، لتكون عضداً لها في إرساء الأمن والاستقرار. ويقول الخبير العسكري الفريق إبراهيم الرشيد إن حصول أشخاص ليس لهم علاقة بالحركات المسلحة ولم يناضلوا ضمن صفوفها على رتب منها تريد تلك الحركات أن "تكبر كومها" كي تحصل على نصيب أكبر من الرتب والاستيعاب داخل القوات النظامية . وأكد في حديثه ل(الانتباهة) أن أشخاصاً مثل هؤلاء حصلوا على رتب ببساطة ومن دون تدريب وتأهيل وينالوا رتباً كي يتم استيعابهم في القوات المسلحة بدون تأهيل وبدون مواصفات الرتبة "بتبقى كارثة" ، وشدد على ضرورة أن تعالج مثل هذه المسألة في اطار الاستيعاب والدمج داخل القوات المسلحة وداخل القوات النظامية الأخرى. ونبه الرشيد إلى أن مسألة بيع الرتب تحتاج إلى تدقيق كبير وهل هي متواجدة وحاصلة وما هو حجمها ، وأضاف قائلاً ( إذا كانت المسألة عابرة الناس ما تديها قيمة اكبر مما يجب) ، وتابع قائلاً إذا كانت مسألة سلوك ممنهج بواسطة تلك الحركات كي "تكبر كومها" وتوسع قواعدها التنظيمية ، يفترض أن تحسمها الدولة مبكراً حتى لا تتطور أكثر من ذلك ، ونوه الرشيد إلى أن بيع الرتب العسكرية حدث قبل ذلك في اتفاقية 1972 مع المتمردين الجنوبيين ، وقال القوات المتمردة الجنوبية اخذت وجندت اشخاصاً كثيرين وتم استيعابهم فيما بعد اتضح أن قدراتهم ليست بالشكل الذي يؤهلهم كي يكونوا افراداً في اي مستوى من المستويات داخل القوات المسلحة. وجزم الرشيد بأن استيعاب مثل هؤلاء الاشخاص ضمن القوات النظامية مشكلة كبيرة جداً ، وأوضح أن المشكلة تكمن في استيعاب أشخاص مثل هؤلاء بدون تدريب وليس لهم علاقة بالقوات المسلحة وبالعمل العسكري والتدريب العسكري والتأهيل العسكري ، وقال مثل هؤلاء الأشخاص سوف يكون لهم تأثير سلبي كبير جداً على القوات المسلحة وعلى الحركات التي استوعبتهم ، وبالتالي تنداح هذه المسألة على المؤسسة العسكرية ككل بان اشخاصاً غير مؤهلين وليس لديهم علاقة بالعسكرية وجدوا فجأة أنفسهم داخل القوات النظامية ، واكد أنهم سوف يكونوا غير منضبطين وليسوا منتظمين كافراد في التسلسل القيادي داخل المؤسسة ، وتكون نتائجها سلبية وكارثية ، وشدد على ضرورة أن تحسم الدولة مثل هذه الظاهرة ، وقال اذا لم تحسم الدولة مثل هذه الظاهرة من بدري وتوقفها سوف يكون لها تأثير سالب على كل المنظومة الامنية وعلى قادة الحركات المسلحة التي استوعبتهم ، وعلى بند الترتيبات الامنية بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح . واشار الرشيد إلى أن الرتب في القوات المسلحة لا يصل لها الأشخاص ببساطة ، وقال هناك تسلسل محدد داخل القوات المسلحة لكل رتبة يصلها الفرد من أصغر رتبة ، سواء أكان من ناحية دراسة ومعرفة او من ناحية امتحانات للترقي ، على امتداد الرتب حتى رتبة اللواء ، وأضاف قائلاً لا يوجد شخص يتدرج الا بمواصفات وتأهيل معين.