سليمان حامد الحاج أوردت صحيفة الشرق الأوسط عدد السبت 26 /6 /2021 أن مصادر سياسية في تل أبيب كشفت أن الحكومة الإسرائيلية تلقت رسائل غاضبة من رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك بسبب اتصالات يجريها قادة الموساد من وراء ظهريهما مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، واعتبرا أن هذه الاتصالات تآمر من الموساد على السلطات الشرعية في السودان التي أبرمت اتفاق تطبيع علاقات مع إسرائيل العام الماضي. وكشف المصدر أن طائرة خاصة قادمة مباشرة من تل أبيب حطت في الخرطوم الأسبوع الماضي وعلى متنها عدد من مسئولي الموساد الذين عقدوا لقاءات مع جنرالات موالين لحميدتي وربما معه نفسه. وأكد المصدر أن حميدتي ومنذ بداية عملية التطبيع مع إسرائيل عمل على إقامة قنوات اتصال مستقلة مع إسرائيل من أجل دفع أجندته المستقلة. وقام بذلك خلال الالتفاف على البرهان وحمدوك. هذا خبر على قدر هائل من الخطورة يهدد استقلال البلاد وكرامة شعبها، بل ويستهتر بأجهزة الحكم القائمة التي فتح الباب أمام مثل هذا الاستهتار المشين. فماذا كان ينتظر البرهان وحمدوك من نتائج سياستهما. فمن يذرع عظماً لن يحصد خروفاً، بل من يزرع الريح لن يحصد غير العاصفة؛ خاصة عندما تكون العلاقة مع الموساد الذراع الطويل للاستعمال العالمي الذي يحرس ويحمي مصالحه، بالتجسس على كل شعوب المنطقة وإرهاب الشعب الفلسطيني في أرضه. بل والتوسع في أراضي بلدان أخرى، متاخمة لأرض فلسطين. حميدتي لم يأت بجديد، إنه يعمق ذات المجرى الذي بادرتما بحفره لقبر استقلال السودان وحرية وكرامة شعبه وسرقة ثرواته. فأنتما، البرهان وحمدوك، من بادر بتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي وشطبكم بجرة قلم الآلات الثلاثة التي توافقت عليها حكومة وشعوب المنطقة جميعها. فلماذا الصياح العويل العاصف على ما فعله حميدتي وهو يسلك ذات السياسة التي انتهجتموها والتطبيع من وراء ظهر الشعب السوداني كله، بل ولم تشاوروا مجالسكم ولا حاضنتكم السياسية. ولهذا من حقنا أن نفسر هذا الهجوم العاصف على حميدتي والموساد الداعمة له ليس كما قال حمدوك (تهديد للسيادة الوطنية والمصالح العليا للبلاد) بل هو في حقيقته يعبر عن خوف البرهان وحمدوك من تقوية سيطرة حميدتي لتعلوا على كفتيهما في السلطة. فإن كان ما يدعوه حمدوك أن هذا تهديد للسيادة الوطنية والمصالح العليا للبلاد، فلماذا اقدمتما على تطبيع بمثل هذه المخاطر على الوطن. أنه دفاع عن مصالحكم وبقاؤكم في السلطة ووضع هذه المصالح فوق مصلحة الوطن وشعبه. ولهذا فأنتما وحميدتي شريكان في ارتكاب هذا الجرم في حق الوطن وشعبه وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في أرضه وعاصمتها القدس ، وحق شعوب المنطقة الأخرى مثل الأردن التي تحاول اسرائيل التوسع في أراضيها. أما عندما يقول حمدوك أن هبوط طائرة خاصة إسرائيلية تحمل جنرالات من الموساد في أرض البلاد تمثل (خروقات في ملفات السياسة الخارجية وعدم تجانس الجهات التي تعمل فيها) فإن السيد حمدوك يعلم أن السياسة الخارجية خُرقت واخترقت عندما قام رئيس مجلس السيادة، البرهان بلقاء رئيس والوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من وراء ظهر الشعب ومؤسسات الحكم المختلفة. ليس ذلك وحسب، بل هبوط طائرة الموساد بهذه الصورة المعيبة لكافة أجهزة الحكم، تؤكد أن سماء البلاد أصبحت مفتوحة بما يشبه المأخور لكل من هب ودب، ولم يفتح الله بكلمة واحدة لا من مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو ما يسمى مجلس الشركاء يوضحون فيها لشعب السودان كيف حدث ذلك ، ولماذا حدث وما هي الاحترازات التي سيتخذونها. ولهذا فإن الاختراق الحقيقي ليس ما فعله الموساد الإسرائيلي وحميدتي، بل اعتبار الشعب السوداني صفراً في حسابات هذه الأجهزة التي تؤكد يوماً بعد الآخر عداءها لشعب السودان وثورة ديسمبر 2018م. ولهذا يحق لشعب السودان أيضاً أن يقول أنكم جميعاً تشاركون في (التآمر من الموساد) كما وصفه حمدوك. سكوتكم يعبر عن ذلك ويؤكد مصداقية المثل القائل (السكوت رضا). كان ولا زال الحزب الشيوعي السوداني محقاً عندما دعا بكل الصدق والاخلاص حماية الوطن واستقلاله وحريته وكرامة شعبه لإسقاط هذا النظام بكل مكوناته تلك، لأنها بعدما حدث وما سبقه من اتفاقات مع روسيا وأمريكا لإقامة قواعد عسكرية ومحطات تجسس على أرضه، لم تعد حريصة بل هي تفرط في استقلال البلاد، وتجعل من أرضه وسمائه مسرحاً للصراع بين المحاور المختلفة. فليتحد شعب السودان دفاعاً عن أرضه وعرضه. الميدان