* يستمر الموت حصَّاداً لكل طيِّب.. ونظل نحن نحصي المآثر ولا نعتبر من هذا الزائر القديم إلّا حين (فقد)! وكثيراً ما أخاطب الذات الفانية الفائضة بالمعاصي؛ متسائلاً ومستدرِكاً بالتخيُّل: لو لم يكن في هذا العالم أي دِين؛ ولو لم يكن هنالك أي حساب مؤجل؛ أليس حرىٌ بنا أن نتخذ الموت رادعاً للنفس من هواها؛ تعففاً وترفعاً؟! * لأن نفوسنا تجنح للراحة (بالكلام) تفوتنا الكثير من الأفعال (المشرفات) قبل أن يدركنا الموت بلا موعد.. وليس بعد حسن الخاتمة من شرف رفيع؛ فهي الرحمة الكبرى.. فاللهم أحسن خاتمتنا وخاتمة من نحبهم.. ولا يفيد بعد الموت سوى الدعاء. * لقد فقدنا شخصيات مؤثرة وفاعلة ومُلهمِة في حياتنا خلال الأيام الفائتة؛ بتتابع أحالنا إلى أوجاع متحركة؛ نجرجر خطى الأسف والتذكُّر.. فقدنا شاعرنا (الوطن) محمد طه القدال.. الكبير الذي أنصفته المراثي وتقاصر بعضها..! يجمعني به ما يحتاج إلى صفحات منذ أن عرفته متوسطاً ليطفيء ما اشتعل بيني وبين أحد الشعراء الكبار (هاشم صديق) في العام 2006م.. فاللهم أكرم نزل القدال في جناتك؛ وامدِد شاعر الملحمة بالعافية ليواصل وهجاً إبداعياً حمله أسطول قصائده الجياد. * كما فقد السودان والعالم العربي الروائي والقاص العظيم الفخيم الذي يترائي لنا مثل (ملاك جميل مرّ من هنا)! إنه أستاذنا عيسى الحلو.. كان له الفضل مع آخرين في الإحتفاء ببواكير النصوص التي كنت أبعثها لملحقه الثقافي العامر بجريدة السودان الحديث في أواسط التسعينيات.. كان أحد رواد وفرسان القصة الذين ألهمونا وحببونا إلى الأدب وسكبوا فينا من عوالمهم الجميلة.. فاللهم جمِّل له سكناً في جناتك. * وتوالت أظافر المَنِيَّة تخطف هنا وهناك لنكابد مع الأحباب رهق الأحزان في لحظات ضاغطة بالأسى لهذا الفقد الجماعي الجلل.. وقد نعى الناعون الإعلامي زهير بادناب؛ والممثل بدرالدين بساطي (البلولة)؛ والدكتور طه بامكار.. ومن لا يعرف بامكار الأكاديمي والكاتب والمثقف فليتتبع جهده المبذول عبر الإنترنت وكفى. * ربنا يشمل الأعزاء الراحلين بمغفرته ويجعل مقامهم مع الأنبياء.. ونعزي أسرهم وأهلهم وعارفي فضلهم.. سائلين المولى سبحانه وتعالى أن يصبِّر الجميع. إنا لله وإنا إليه راجعون. المواكب