طالعت ومن خلال الصفحة الرسمية للقوات المُسلحة السُودانية وبتوقيع الإعلام العسكري بتاريخ الجمعة 9 يوليو 2021 بيان صادر منها أقلّ ما يوصف به هو أنه بيان يعكس مدي حوجة هذه المؤسسة الوطنية العريقة بالفعل للإصلاح الشامِل ومن الجذور ! .. بيان به من ( العنجهية ) و الإستعلاء والجهل بطبيعة المرحلة بما يُرثي له حقيقة ، وإستخدام ذات مُفردّات وعبارات العهد (الكيزاني) البائد مثل العُملاء والمُرجفين وتهديد السُودانين والمُواطنين من بالداخل والخارج معاً من مُنتقديه أو المُطالبين بإصلاحه وإعادة تأهيله ، حتي إنني كُنت قد شككت أولاً من أن يكون هذا البيان حقيقياً ، أو أنه قد يكون من فعل ( الجِدّاد ) الإلكتروني بعد أن قرأته أولاً في الوسائط الإجتماعية ( الواتساب ) ، وللتأكد من حقيقته ذهبت للصفحة الرسمية للقُوات المُسلحة (بفيسبوك) ، فتأكدت من أنه صادر عن القوات المُسلحة السُودانية بكل أسف .. مارس البيان ذات اللغة التي كُنا نعتقد أنها قد إندثرت و ذهبت لحال سبيلها بعد قيام الثورة وسقوط النظام الباطش (الكيزاني) والذي كان يحكُم بأمر ذات المؤسسة التي أصدرت هذا البيان الكارثي في تقديري الا وهي مؤسسة الجيش ! .. هذا البيان وبلغته المُتعالية للشعب السُوداني ولثورته والمُمتنة عليه في أنها إنحازت للثورة وأنها حررت الفشقة بعد ربع قرن من الإحتلال وأنها وأنها … الخ.. نفس لغة (الكيزان ) والذين قامت ضدهم أعظم ثورة في تاريخ الشعوب لتُنهي عهُود العنجهيات والبطش والقتل والقهر والذي كان ذات الجيش يقوم بدور كبير في هذه الفظائع والإنتهاكات طوال ثلاثين عاماً بقيادة المشير السفاح عمر البشير وزبانيته من الجنرالات والضباط والجنود ، ولا نُريد أن نذكرهم فذاكرة كُل الشعب السُوداني حاضرة ، وتكفي الجيش السُوداني في عهد الكيزان القريب أشلاء الأطفال في جبال النوبة و النساء في دارفور و مجزرة الشباب في حرم القيادة العامة والتي أحتموا بها بجيش البلاد فتمت عمليات القنص والقتل والإغتصابات لأُناس نيام وصائمون فماتوا مغدورين ورُميت جثثهم في النيل ، والجيش يتفرج وقتها وجنرالاته وضباطه وجنوده من خلف زجاج المكاتب التي بُنيت من مال الشعب السُوداني ومن علي تاتشرات ودبابات ذات الجيش البطل! .. عندما كان الثوار يُقتنصون ويُقتلون كان الجيش أيضاً يتفرج وقوات الجنجويد ترتع .. وكان الشباب والنساء يصرخون ويستنجدون دونما أيّ إستجابة ، فهتفوا يواسوا حالهم ( معليش معليش ماعندنا جيش ) .. بل وأثناء الثورة وثقت الفديوهات لضباط صغار وجنود ( يبكون ) وهم جالسين في عرباتهم العسكرية في شارع الشهيد عبدالعظيم ( الأربعين ) بأُمدرمان وهم لا حولا لهم ولا قوة .. للوهلة الأولي عندما قرأت البيان جاء في بالي رد واحد وسريع أن كاتب هذا البيان ومن ورائه ( كيزااان ) .. نفس لغتهم ونفس أُسلوبهم المبني علي قمع الحُريات والتعبير المُستعلي والمُمتن ! .. نسي كاتب البيان أن هذا العهد هو عهد حُريات إقتنصها الشعب السُوداني بتضحيات عظيمة ومُتراكمة لثلاثون عاماً قدم فيها مئيات الآلاف من الشُهداء في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وجنوب كردفان وفي امري وكجبار والعيلفون وأُم دوم وكُل المُدن السُودانية وشُوارع الخُرطوم ، في الجامعات والمُعتقلات وزنازين النظام السابق ، إلي مجزرة القيادة العامة في ثورة ديسمبر بل وما تلاها إلي عهد قريب بإستشهاد عثمان و مُدثر من أمام القيادة العامة نفسها وبايدي جنودها ! .. هل بعد هذا كُله يأتي من يتحدثون بإسم الجيش لتخويف الشعب السُوداني و منعه من أن ينتقد أي مواطن سُوداني هذه المؤسسة التابعة للشعب السُوداني وتُدفع رواتبها ومُقدراتها من خزينة الدولة ومال الشعب نفسه ، من حق أي مواطن سُوداني المُطالبة بإصلاح الجيش ، فالكل يعلم أن هذه المؤسسة لحقها التخريب المُنظم طوال 30 عاماً وتم فصل خيرة ضباطها وتشريدهم ، وتم تفريغها من العديد من الوطنيين لصالح الكيزان والإسلاميين بضمهم لها ، فأصبحت مرتعاً لهم وأداة لتنظيم وحزب وليست ملك للشعب السُوداني العظيم .. وكذلك تم إقصاء مُنظم لمعظم العناصر والجنود من أبناء القوميات غير الشمالية أو الوسط وعُنصرها ، فتم إبعاد أبناء دارفور وجبال النوبة وعناصر الشرق من هدندوة وبجا ، وقبلهم الجنوبيون ، فلم تعد مؤسسة وطنية قومية تمثل كُل فئيات الشعب السُوداني و دونما تمييز عِرّقي واضح ومُمنهج ! .. جميع السُودانيون مُتيقنون بأن هذا الجيش قد تم إختطافه من قبل (الكيزان ) بمن فيهم عناصر الجيش الحالي ، يعلمون هذه الحقائق ، لا نقول أن الجيش الحالي لا توجد فيه عناصر وطنية أو شريفة بالمرة ، لكن أيضاً (الكيزان ) موجودين و العناصر الفاسدة موجودة و ورثة تنظيم (الكيزان ) ونتيجة تخريب ال 30 عاماً من سُلطتهم ، إضافة لمليشيا الجنجويد و التي بقدرة قادر أصبحت جُزءً من الجيش الوطني ،بل وموازية له ! .. وبعد كُل هذا يُريد (كيزااان) الجيش والذين لا يزالوا يعتقدون أنهم في عهود البطش إرهاب الشعب السُوداني ومنع أي سُوداني من المُطالبة بإصلاحِه .. علماً أن عملية الإصلاح هذه منصُّوص عليها في الوثيقة الدستورية والتي بموجبها تم إشراك العسكرين كجزء من السُلطة الإنتقالية للقيام بأهداف مُحددة من ضمنها الترتيبات الأمنية ( المُعطلة ) عمداً حتي الآن وفقاً لإتفاقيات وترتيبات السلام وعمليات دمج الجيوش ، إضافة للمُشاركة في دعم مطلُوبات الثورة، و التي من أولوياتها إصلاح الجيش من الجذور وتوحيده وفقاً لعقيدة عسكرية جديدة ليُصبح مؤسسة وطنية وقومية حقيقية ، تؤدي دورها الوطني كبقية مؤسسات الشعب السُوداني وفئياته كالأطباء والمهندسين والمُعلمين و المهنيين الخ .. وللذي كتب وصاغ هذا البيان الكارثي بإسم القوات المُسلحة بدلاً عن توجيه نصيحة للشعب السُوداني كما فعل ومخاطبتهم بأن أفيقوا ، نخاطبك نحن كجزء من الشعب السُوداني بأن تفيقوا أنتم وتعلموا أن الشعب السُوداني هو الذي أتي بكم كمؤسسة شُركاء في الحُكم و لفترة مُحدّدة، وأن الشعب السُوداني الذي ودع عُهود التسلُط والحكُومات العسكرية المُستبدة لن يعود للوراء أبداً ، ولن يقبل أن تُصادر حُرياته مُجدداً وأولها حُرية التعبير، وهو الذي يدفع مُرتبات كُل السُلطة الإنتقالية الحالية بمن فيها من قيادة الجيش و المُمثلة في مجلس السيادة مع المدنيين الآخرين .. ختاماً نُطالب مجلس السيادة ورئاسة الوزراء ، بل وقيادة الجيش نفسه في التحقيق في من أمر و كتب ونشر هذا البيان لإرهاب وتخويف الشعب السُوداني والعودة بنا لعهود الكيزان والديكتاتوريات العسكرية المُستبدة والمُتسلطة والتي ثار ضدها هذا الشعب السُوداني العظيم مُعللم الشعوب وقاهر الديكتاتوريات والمُستبدّين ومُسآلته ومُحاسبته علي هذا الفعل الذي يُخالف الدستور والقانون بعد الثورة ! .. [email protected]