* الدهشة/ الحيرة/ الصدمة، هي الأوصاف المناسبة لحال المراقبين والمتابعين لوسائل الإعلام والسوشيال ميديا هذه الأيام تجاه احتفاء وزير الاستثمار في النسخة الثانية من حكومة الدكتور حمدوك بمكينة تصوير أُهديت الى وزارته! * نعم، لم تسع الفرحة الدكتور الهادي محمد بهذه المكينة فكتب قائلاً بأن هذه الهدية ملأت الوزارة فرحاً وسروراً. * كنت أظن أن وزارة الإستثمار والتعاون الدولي ستعمل على تهيئة المناخ لإغراء المستثمرين من الداخل والخارج، وهذه التهيئة لا تقتصر على القوانين واللوائح والحوافز التي تُمنح للمستثمر وإنما تشمل أيضاً التسهيلات اللوجستية والمعلوماتية داخل مقر الوزارة. * وزارة الإستثمار ينبغي أن تتوفّر على مركز لخدمة العملاء يستقبل العملاء والمستثمرين، يديره مجموعة من الشباب المسلّح بالعلم واللغات المختلفة وأن يكون هذا المركز مزوّد بشاشات عرض عملاقة لا تتوقف عن بث المعلومات الاستثمارية بالصوت والصورة وأن تتوفّر للمستثمر هنا خطوط هاتف للاتصال المجاني عند الحاجة بالاضافة إلى مكائن النسخ والتصوير بدلاً من هذه الفرحة العارمة بمكينة تصوير مهداة! * لجذب المسثمرين واقناعهم يا سعادة الوزير أنت في حاجة إلى وضع خطة تسويق شاملة تُبرِز لكافة المستثمرين المحتَمَلين ما لديك من فرص حقيقية وأن يتكامل هذا الجُهد مع الجُهد المبذول (أو المفروض بذله) لتهيئة مقر الوزارة بكل المعينات والتسهيلات اللازمة مع وجود خدمة عملاء ذات كفاءة عالية في المكتب الأمامي للوزارة. * أيضاً صفحة الوزارة على الانترنت ينبغي أن تكون غنية بالمعلومات وخاضعة للتحديث المستمر بحيث يجد فيها الزائر إجابة لتساؤلاته عن فرص الاستثمار في هذا البلد الغني بموارده الطبيعية. صحفة الوزارة يجب أن تكون مزوّدة بالفيديوهات والشروحات باللغتين العربية والإنجليزية، وتستطيع الوزارة أن تقوم بكل ذلك بصورة احترافية بالتعاقد مع المكاتب والشركات المختصة في تصميم المواقع، كما يمكن للوزارة أن تستعين بالشركات المختصة في الإعلام لبث المعلومات الاستثمارية باللغتين بأصوات مذيعين محترفين. * مكينة التصوير التي احتفل بها معالي الوزير وتبريره بأنها ذات وظائف متعددة، غير مقنع، وأعتقد أن مثيلاتها منتشرة في البنوك وفي مقار الشركات في الخرطوم وفي غير الخرطوم، بل إن العديد من المكاتب المختصة بخدمة الطلاّب المتقدِّمين للجامعات والمعاهد بها مكائن تصوير متعددة الوظائف، مِن تصوير ملوّن وتصوير عادي وطباعة ومسح ضوئي وفرز وتدبيس وتصغير وتكبير وإرسال بالبريد الاليكتروني..الخ. * هذا الاحتفاء يذكِّرنا بما كان يفعله رموز النظام البائد، وكيف أنّ رأس النظام المخلوع كان لا يملّ من القيام بزيارات مكلفة مادياً وأمنياً إلى المدن والقرى في الولايات المختلفة للاحتفال بمشاريع خدمية صغيرة يمكن أن يفتتحها معتمد المحلية! ولكن وبدلاً من ذلك تُنصب السرادقات وتُجهَّز المنصات والمايكروفونات والكاميرات لتغطية خطاب الرئيس وعَرضَة الرئيس!. * يحق لمعالي وزير الاستثمار والتعاون الدولي أن يحتفل إذا نجحت وزارته في استقطاب الاستثمارات المليارية من الداخل والخارج، ومن ثمّ إعادة تشغيل المصانع المغلقة، وتطوير البنى التحتية للعاصمة والأقاليم، وما ينتج عن ذلك من توفير فرص عمل لمئات الألوف من الشباب العاطل. * الأوضاع المزرية التي تمر بها البلاد الآن على كافة الأصعدة والمعاناة اليومية التي يعيشها المواطن لا تساعد على أي نوع من الاحتفال فضلاً عن الاحتفال بمكينة تصوير عرفتها البشرية وتعاملت معها منذ ستينيات القرن العشرين! التحية،، [email protected]