لا يكاد ينقضي أسبوع حتى تقع اشتباكات مسلحة في واحدة من ولايات دارفور، ويحدث ذلك على الرغم من اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة مؤخراً، ولم تعد هناك حرب في الإقليم سوا تلك التي تحدث بين القبائل والمجموعات والمليشيات المسلحة من جانب، وبين هذه المجموعات والقوات الحكومية والتابعة للحركات المسلحة من جانب آخر، وآخر تلك الاشتباكات التي وقعت بمنطقة كلوقي في ولاية شمال دارفور، ولم يتضح بعد حقيقة ما حدث هناك بسبب تضارب الروايات. وعقب الأحداث عقدت الحكومة الاتحادية اجتماعاً برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، ضم عضوي مجلس السيادة الهادي ادريس والطاهر حجر، وحاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي، ووزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل ابراهيم وجميع قادة الحركات المسلحة، بحضور أعضاء اللجنة العسكرية العليا المشتركة، لمناقشة تطورات الأحداث التي وقعت في منطقة كولقي وما جاورها من مناطق بولاية شمال دارفور. وقال الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، نائب رئيس اللجنة العليا العسكرية المشتركة، سليمان صندل، في تصريح حسب وكالة السودان للأنباء، إن الاجتماع أقر تشكيل لجنة برئاسة قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم حمدان دقلو وممثلين للقوات المسلحة، الشرطة، جهاز المخابرات العامة والنائب العام، إلى جانب عضوية جميع الحركات المسلحة.وأضاف أن الاجتماع قرر أن تتوجه اللجنة فوراً إلى شمال دارفور للوقوف ميدانياً، وتقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها تلك المناطق، مشيراً إلى أن الاجتماع اعتمد عدداً من التدابير الأمنية التي من شأنها إعادة الهدوء الى تلك المناطق، لافتاً إلى تشكيل قوة مشتركة من جميع الأطراف للتوجه فوراً الى المناطق المذكورة. ووصلت بالفعل اللجنة الاتحادية إلى مدينة الفاشر بقيادة عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي. وقد صدرت بعض الاتهامات من أبناء المنطقة، تقول إن قوة تتبع لعضو مجلس السيادة الطاهر حجر، وصلت للمنطقة لحسم الخارجين عن القانون، وهجمت على دامرة تقطن كولقي، ودافع أصحاب الدامرة عن أنفسهم، ما أدى إلى سقوط ضحايا من الجانبين، بينما قال عضو مجلس السيادة رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر، إن قوى عسكرية مشتركة تعرضت لكمين بمنطقة كلوقي من قبل متفلتين وهي المسؤولة عن حماية المدنيين والموسم الزراعي. بدورها أصدرت لجنة أمن الولاية برئاسة والي شمال دارفور نمر عبد الرحمن، بياناً حول أحداث كولقي وقلاب والمناطق المجاورة، وتأسفت للحادث، وطالبت كل الأطراف بالصبر وضبط النفس ومعاونة الأجهزة الأمنية والرسمية في إحتواء الموقف، وأصدرت اللجنة عدداً من القرارت تمثلت في تكوين قوة مشتركة تنضم الى القوة الموجودة بموقع الحادث، وتشكيل لجنة للتحقيق في الحادث من وكيل النيابة رئيسا والتزام كل القوات النظامية بموجهات لجنة أمن الولاية وفقا لقرارتها، وسحب كل القوات الخارج مظلة القوات المشتركة خارج منطقة النزاع، وجعل مناطق كولقي وقلاب والمناطق المجاورة مناطق طوارئ يمنع فيها التجمعات والتحرك من دون اذن. وحسب إعلام الولاية، وجهت لجنة الأمن بفض المنطقة من اي تجمعات ومن كل الجهات داخل شمال دارفور وخارجها، والرجوع الى مناطقهم فورا، وفتح المستشفى العسكري والمستشفى التعليمي لاستقبال الاصابات والوفيات، وتكوين لجنة تنسيقية من القوات النظامية واطراف السلام لاحتواء الموقف وتوفير الأمن بالولاية، وتكليف قيادات القوات بالمركز لتوجيه قواتهم بالمناطق الاخري بعدم التوجه إلى مناطق النزاعات وعدم السماح لأي جهة التصريح لوسائل الإعلام الا عبر مقرر اللجنة، كما قررت لجنة الأمن فتح البلاغات الخاصة بهذه الأحداث بالقسم الأوسط في الفاشر، وإرسال فرق للتحري بهذه البلاغات يتحرك بصحبة مسرح الحادث في معية القوات المتحركة لموقع الحادث. وبدورها قالت تنسقية أبناء الرحل في بيان حول الحادثة، أن هناك من يعمل لتعكير الأجواء ويسعى جاهداً متعمداً لإرباك المشهد، وأضافت: (أن القوات التي أتت مدعية حفظ الناس ودمائهم وصون كرامتهم تتضح حقيقتها وبدا صراخها القبلي يعلو عند أول إختبار، فاعلنت مقاومتها للمدنين ومتوعدةً ذلك قبل أيام واليوم تم تفيذ الوعيد على مرأى ومسمع من الجميع فهجمت على الأهل في منطقة كولقي بالمدفعية والمدرعات وخلفت جرجى وقتلى). وأعلنت التنسيقية رفضها لتعيين رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي كحاكم عام لإقليم دارفور، وطالبت بالقبض على الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة، وإخراج ما وصفتها بمليشيا الحركات المسلحة من منطقة كولقي وخصوصاً حركتي الطاهر حجر ومناوي، كما طالبت بتحقيق دولي جراء هذه الأحداث عاجلاً غير آجل، ودعت الحكومة لإقالة والي الولاية نمر عبد الرحمن، وهددت التنسيقية برد الصاع صاعين -حسب البيان- في حالة عدم تنفيذ المطالب وتمادي المليشيات المسلحة. ووجه مراقبون انتقادات للحكومة المركزية، بسبب ما وصفوه بفشلها في حسم الاشتباكات المسلحة، وإشراك قوات الحركات المسلحة في حفظ الأمن قبل الترتيبات الأمنية وقبل تحويلها إلى قوات حكومية، موضحين أن المواطنين في دارفور لديهم حساسية من القوات العسكرية أياً كان شكلها، وينبغي أن تُوكل مهمة حفظ الأمن للشرطة فقط، على أن يتدخل الجيش الحكومي عندما يتعلق الأمر بمواجهة مليشيات مسلحة بصورة قتالية. وحذر المراقبون من تحول الصراع في دارفور من صراع بين الحكومة والحركات المتمردة بعد توقيع السلام؛ إلى صراع بين الحركات والمجتمعات المحلية، بسبب الفتن القبلية والجهوية والضغائن الموروثة منذ عهد النظام السابق نتيجة الحرب في الإقليم.