آفة حكام السودان انهم لا يفرقون ما بين الحكم والتحكم. فالمفترض ان تأتي حكومات لتحكم لا لتتحكم. ولكن للاسف الشديد الحاكم السوداني ومنذ الاستقلال هو متحكم. لذا لم تستقر البلاد وقد ظلت تتقلب في انقلابات وثورات هي الاكثر في افريقيا. فالديمقراطية الصحيحة لا تعرف التحكم . والمقتضيات البديهية للاختيار الديمقراطي هو الإنصات لصوت الشعب. والإصغاء لتعبيراته وذلك للاعتبارات التالية : ان من يصنع الحكومات هو الشعب. وان من يختار المسؤولين هو الشعب. وان من يقدم تعويضاتهم مقابل خدمتهم هو الشعب. وان من يملك إزاحتهم هو الشعب. فالشعب يمثل واقعيا الرافعة الأساسية للممارسة الديمقراطية، إذ لا معنى للديمقراطية في غياب صوت الشعب. وطبيعي جدا أن تعبر الشعوب عما يقلقها. وطبيعي جدا ان تتذمر الشعوب وتخرج وتتظاهر. فالشعب لا يطلب سوي حياة كريمة ووطن يسع الجميع. لذا لابد من اختيار حكومات تحكم و لا تتحكم. ولا مجال للمحاصصات والجهويات والعنصريات في مثل هذه الحكومات. ولعلي هنا الفت النظر لما يجري هذه الايام من رغبة جامحة في تدوير المجربين. وان كان الحل كله في انتخابات يكون فيها التمثيل الفعلي والواقعي بأرادة الشعب. وان لا يكون هناك مجال لعودة تلك الديناصورات القديمة التي فشلت في بناء دولة السودان القوية منذ فجر الاستقلال.