أسفر اللقاء بين حكومتي دولتي السودان وجنوب السودان في أغسطس الجاري عن البروتوكول التشغيلي للنقل البري والنهري وخطوط السكة حديد (بابنوسة الميرم أويل إلى واو إضافة إلى خط الخرطوم مدني سنار ربك كوستي الأبيض حتى بابنوسة)، وإقامة محطة جمركية في مدينة الجبلين، والرنك تشمل الجمارك والمواصفات والنقل النهري. الشعبان من المؤكد أن الخبر يجلب لهما الفرح، فالانفصال لم يقد سوى للشقاء والحروب واللجوء والنزوح وضياع الحقوق، وإضعاف الوطن الواحد، إلا أن البروتوكول لم يتضمن ما هو أهم وهو حقوق المواطنين في المناطق الحدودية بين الدولتين، فهم يعانون من ضياع الحقوق الاقتصادية، فالصلة القوية بين الشعبين لم تكن فقط بسبب خطوط السكة حديد بل بالأرض المشتركة بين الرعاة والمزارعين وتبادل المنافع، والأواصر الأسرية التي تأسست بسبب الزواج والشراكات الاجتماعية والثقافية، قضايا لا تشغل كثيرًا بال السياسيين.. ترى هل بحث قادة البلدين أوضاع السودانيين في كلا الدولتين الذين ظلوا (عالقين) في المساحة الضبابية (بين المواطنة واللا مواطنة) بسبب اللجوء وفقدان الأوراق الثبوتية، فعدد كبير من مواطني دولة جنوب السودان يهيمون على وجوههم وسط مناطق السودان المختلفة علهم يحظون بفرص عمل وسكن، ويضطر بعضهم للعمل والسكن في مواقع البناء، يعيشون في ظروف غير إنسانية وسط ضغوط اجتماعية عديدة، وكذا السودانيون العائدون من دولة الجنوب وفقدوا أعمالهم وضاعت مصالحهم وسط تعقيدات عدم الاستقرار في العلاقة السياسية بين الدولتين إبَّان فترة الانقاذ المظلمة. قضية المواطنين وحقوقهم هو لب أي علاقة بين دولتي السودان، صحيح أن السكة حديد ووسائل النقل الأخرى ستعيد بعضًا من لُحمة العلاقة بين الشعبين، لكن ثمة ما هو ثقافي واجتماعي وحقوقي يرتبط بالعلاقة بين المزارعين والرعاة، كما أن (أبيي) والمناطق الحدودية المتنازع عليها لم ترد في أجندة اللقاء بين الحكومتين حسب ما ورد في وكالة السودان للأنباء.. ملف الانفصال ما زال في كثير من جوانبه طي الكتمان من الناحية السياسية، بينما آثاره الاقتصادية والاجتماعية والثقافية معاناة يومية يعايشها أهل البلدين يوميًا، وحان الوقت لأن تتصدر قضايا وهموم المواطنين أجندة أي لقاء بين قادة الدولتين.. الميدان