بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة خرج علينا قادة الجيش يهاجمون المدنيين عموما ليثبتوا لنا ان جيشنا لا عيب فيه ابدا وأن كل ما يقال عنه تجنٍ دون وجه حق وسعي منهم إلى تدميره، وأن مطالبة بجيش قومي عظيم وقوي ما هي إلا مساومة،وقد استمع الجميع لحديث البرهان و حميدتي، بالإضافة إلى ما قاله مستشار البرهان الاعلامي الطاهر ابو هاجة، الذي اعتبر الأمر حملة ممنهجة ضد البرهان والجيش والسودان،وخرج ببيان شديد اللهجة قال فيه:إن الذين يطالبون بهيكلة الجيش قصدهم ترك السودان بلا جيش ولا مخالب، ليسهل تقسيمه وابتلاعه، وأن الحملة جاءت لتصور للعالم زوراً أن العسكريين ضد التحول الديمقراطي والدولة المدنية، ولوضع البلاد وجيشها في مواجهة المجتمع الدولي. طبعا هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها قادة الجيش بهذه الطريقة. فقد تكرر الأمر كثيرا جدا،ولم ينحصر الحديث على هؤلاء الثلاثة،فهناك آخرون أيضا سبق وأن دافعوا عن الجيش بهذه الطريقة التي تؤكد أن الجيش يحتاج إلى اعادة هيكلة فعلا وانه من الوطنية والوفاء للشعب إجراء هذه الخطوة،وحتى لا يستمر السادة قادة الجيش في هذا الدفاع المضر بالجيش، هناك حقائق يجب أن نضعها أمامهم. اولا وقبل كل شيء، الجيش هو جيش الشعب السوداني الذي هو نفسه يطالب باعادة هيكلته وإصلاحه بعدما استغلته الحركة الإسلامية ثلاثة عقود وحولته إلى مؤسسة خاصة بها لا يدخلها إلا من ينتمي إليها،وهذا يثبته الواقع الحالي. ثانيا إعادة هيكلة الجيش لا تعني اضعافه أو ترك السودان بلا جيش ليسهل ابتلاعه كما يدعي ابو هاجة لأن المعنى العلمي لإعادة الهيكلة هو عملية تغيير مخططة تسعى لإحداث نتائج محددةوذلك من خلال التغيير في السياسات والهياكل والإجراءات ونظم العمل وبالشكل الذي يؤدى إلى تطوير المؤسسة ورفع كفاءتها،والهيكلة تمثل نقطة تحول إلى وضع آخر أفضل من الوضع القائم حالياً،إذا من يطالبون باعادة هيكلة الجيش هم أكثر حرصا عليه من الرافضين،الذين هم واحد من اثنين اما أنهم يجهلون معنى وقيمة إعادة الهيكلة أو أنهم يريدون الجيش بشكله الحالي لأسباب تخصهم. ثالثا يجب أن يعرف قادة الجيش أن قواتنا النظامية عزيزة على أي مواطن سوداني وهذا أمر لا ينكره إلا مكابر ومتاجر، وكل هذا الشعب يحلم بان يكون لديه جيش رفيع المستوى يحمي الدولة والسلطة المدنية بحب وصدق وأمانة وتجرد ونكران ذات، وهو الآن لا ينكر دور الجيش وإنما يريده أن يكون افضل، لذلك يقول له الكلام (الببكي) والحكمة تقول (اسمع كلام الببكيك وما تسمع كلام البتضحكك) لذلك حديث برهان وحمدان بعدم تقدير ما يقوم به الجيش ليس صحيحا. عموما نقول للسادة قادة الجيش عفوا حديثكم يؤكد للشعب عمق المأساة التي تعيشها القوات المسلحة، فإذا كان من في قمتها يفكرون بهذه الطريقة، فلابد أن يزداد اصرارا على إعادة هيكلتها حتى تخرج من قالب الحركة الإسلامية الذي جعلهم ينكرون الحقائق ويرفضون مواجهتها ويخافون التغيير الذي يريده الشعب.