عندما كتبت بالأمس بأن اليوم سيكون الأهم في تاريخ السودان كنت علي ثقة و إيمان بأن الشوارع لن تخون ، وان الشعب سيأتي في الموعد ليقدم الدروس مجانآ لفاقدي الحس الوطني ، للساقطين الهاوين في قاع العمالة و الإرتزاق .. للمتآمرين علي الثورة والثوار .. المغردين خارج فضاء الوطنية وسليم الحس والأخلاق . المتصفين بالغباء والجهل لعدم إدراكهم بأن مزاج الشعب قد تغير وللابد ، وأن إنقلاب عسكري آخر لا بد أن يمر فوق جثث الشعب الحر قاطبة قبل إذاعة البيان الأول . ما أعظم هذا الشعب وهو يرسل رسالة واضحة دون لبس أو مواربة بأنه لن يحكم إلا بسلطة مدنية خالصة .. رسالة للبرهان ولمن خلفه ومن علي يمينه او يساره ، لمن يشير عليه ولمن يخطط له ، لمن يتآمر معه .. رسالة تتحداهم دون مداراة ، بأننا في الشارع إن صور لكم شيطانكم التغول علي مدنية الدولة وعلي الثورة التي مهرها الشعب بالدم و الدموع .. وقدم لأجلها أرتالآ من الشهداء في كل أنحاء البلاد خلال ثلاثين الإنقاذ المشؤومة. اليوم أغلق الشعب السوداني البطل ، رجالآ ونساءآ ملف الحكم العسكري إلي الأبد ، هذا باب لن يفتح مرة أخري و لن يجد عسكري إن كان وارد الكلية الحربية او وارد " الخلا " ، لن يجد الجرأة لتحدي هذا التسونامي البشري المدمر لأحلام الصغار وتفاهاتهم .. لقد أرسل الشعب المعلم رسالته للبلهاء والمغيبين بأن ثورته ضد نظام الأوباش اللصوص كانت ثورة كرامة وعزة وليست ثورة جوع أو عوز ، لذلك فشلت كل مؤامرات الفلول بإفتعال الأزمات لدفع الناس بالكفر بالثورة ، واليوم رد عليهم الشعب بصفعة موجعة في وجوههم ، لا شك لدي أنها أفقدتهم التوازن ، وحتمآ ستجعلهم يعيدون حساباتهم كرة أخري . كان منظر الجموع وهي تملأ الشوارع علي سعتها وتفيض ، منظرآ يدعو للفرح والإطمئنان بأن الثورة محروسة بأشاوس لا قبل للفلول وأزلامهم ووكلائهم بهم ، كان منظرآ كخنجر غرس في قلب المؤامرة والمتآمرين .. و لقد شهد العالم كله كيف أن الشعب بسلميته وروعته يعيد كتابة تاريخه وتصالحه مع نفسه والعالم ، ما أروع هذا الشعب . عندما يري الأجراء المغيبن " المكومين " علي قلتهم جنوب القصر الجمهوري هذه الصور الباذخة للشرفاء وهم يرسمون لوحة العزة والشرف ، لعلهم يؤوبون إلي رشدهم ويتوبون عن غفلتهم وضلالهم وغيهم ، وعليهم تنظيف محيط القصر من دنسهم وحمل متاعهم والعودة من حيث اتوا . أقول لقد لبست الثورة اليوم ثوبآ قشيبآ زاهيآ ، وأرسلت صوتها عاليآ عانق السحاب فخرآ و عز . وألجمت الفلول ومشايعيهم وأدخلتهم في جحورهم ، ومرة أخري يثبت الشعب السوداني أنه جدير بهذه الثورة الباذخة. [email protected]