لاحظ بعض القراء صمتي وعدم الكتابة خلال الفترة الماضية منذ الانقلاب العسكري الاخير..وهذا أمر طبيعي للمشاهد خارج العلبة..بسبب الصدمة لحدث لم يكن متوقعا…وبسبب ضبابية الموقف وكثرة اللاعبين من داخل وخارج المشهد السياسي…فضلا من المبدأ الأخلاقي الذي اتمسك به من خلال موقفي خارج الانتماء السياسي ما عدا انحيازي الكامل لرئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك الذي تتجسد فيه كل معان الوطنية والترفع عن الصغائر… أضف إلى ذلك..ما جدوي كتاباتنا والقوم من أصحاب السلطة لا يعيرونها إلتفاتا..وكأننا لا نمت لهذا الوطن بصلة… فقد كتبت في هذه الصحيفة ، مؤخرا، مقالين أحسب أنهما كانا في الأهمية بمكان. المقال الأول كان عن الحزب الشيوعي وحركتي عبدالواحد نور وعبدالعزيز الحلو وأنهما من أسباب ضعف المكون المدني وإعاقة المرحلة الانتقالية..وأن ذلك سيكون سببا في انهيار الفترة الانتقالية وعدم تحقيق أهدافها. أما المقال الثاني فقد كان قبيل فض الشراكة بين العسكريين والمدنيين بأيام قليلة..وكان يؤكد بأن التعديل الوزاري لن يضير الحكومة في شيئ..باعتبار أنه عمل سياسي تنظيمي يتم بشكل طبيعي في كل الحكومات وضربت مثلا بالحكومة الأردنية التي جري فيها التعديل الوزاري أربعة مرات في عام واحد.. والآن..وبعكس كل أتيام الوساطات الجارية الآن، محلية كانت أممية، فهناك رؤية وطنية صادقة أراها الأقرب للتحقق وترضي كل الأطراف المتنازعة…خاصة وأن هذا التنازع يعميها أحيانا من الحل الوسط رغم انه موجودا بين الأيادي الوطنية. هذا الحل يكمن في القيام بثورة تصحيحية ثالثة قوامها المكون العسكري وعلي رأسه البرهان ،والمكون المدني وعلي رأسه حمدوك…فمن الواضح أن المكون العسكري بما فيه الحركات المسلحة يثق في قائد الجيش بينما يثق الشعب السوداني في شخصية حمدوك وتبني مطالبه في الحكم خلال الفترة الانتقالية. وهذه التجربة ليست هي الأولي في التأريخ الوطني الحديث ..فقد فعلها من قبل السيدان علي الميرغني والمهدي بما اشتهر به ( لقاء السيدين) فقد تأزمت الامورالسياسية وكادت أن تعصف بأمن وسلامة الوطن..فجاء لقاء السيدين فأنهي بل واقتلع جذور المشكلة وعادت الحياة السياسية الي طبيعتها في السودان واعتبار ما حدث سابقة سياسية ووطنية يحتذي بها…فهل يفعلها( السيدان ) الجدد؟ والثورة التصحيحية الثالثة هي حركة في غاية البساطة..بحيث يتم اعتبار حركة الانقلاب العسكري الأخيرة حركة تصحيحية حسب اعتقاد من قام بها خلال فترة سريانها وحتي قيام الحركة التصحيحية الثالثة الأوسع شمولا بمشاركة العسكر والمدنيين ومنها تبدأ المرحلة الثالثة في مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة..ومنها أيضا تبدأ المشاورات بين شركاء الثورة التصحيحية في وضع ميثاق جديد للشراكة للفترة القادمة . وحتي لا تتكرر الإخفاقات السياسية فإنه يمكن تكوين مجلس سيادي من ثلاثة أفراد أحدهم يمثل المكون العسكري والثاني يمثل المكون المدني والثالث من المدنيين او العسكريين ممن تتوافر فيه سمات الوطنية والحكمة وغيرها من الصفات الحميدة بحيث تقسم مدة الفترة الانتقالية بين الثلاثة بشكل تلقائي فيكون الاثنان نائبان له بذات المرتبة ماعدا الدرجة التشريفية للرئيس في دورته الرئاسية.. أما الحكومة المدنية فهي من اختصاص المكون المدني بما في ذلك اختيار وزيري الدفاع والداخلية. نحن نكتب…ونكتب ونقترح.. ورغم أن كل ذلك بدافع وطني مبرأ من الغرض..إلا أنني أشك في وجود من يقرأ ويهتم من اخوتنا في السلطة ولو من باب المجاملة. .ورغم كل ذلك قدرنا أن نبوح بما نراه في مصلحة الوطن..فهل من مجيب؟