الشرطة السودانية واحدة من أهم المؤسسات في الدولة السودانية الحديثة، والتي تتمتع بسمعة أنصع من ثوب الدبلان في عقلية المواطن الذي حفظ لمنسوبيها الكثير من المواقف المشرفة، فقد كانت لعهدٍ قريب يد أمينة على المال العام و ممتلكات الشعب وعين ساهرة على أمنه وراحته، يزين شعارها "الشرطة في خدمة الشعب" أقسامها في كل أقاليم السودان، ولكن غيرها من المؤسسات العامة طالتها يد الخراب و نخر في جسدها الفساد وتعفنت اليد الأمينة بالمال الحرام وزاغت العين الساهرة عن النظر إلى الحق ولم تعد مصدر ثقة العديد من المواطنين. لم يعد خافيا على أحد ما تتناقله المدينة همساً وجهراً عن تفشي الظواهر السالبة بين أفراد الشرطة وضباطها وانحراف العديد منهم وولوغ البعض في مال الرشى وخاصة تلك الحملات اليومية التي تقطع طرق النقل الرئيسية في العاصمة والولايات ظاهرها ضبط السير و تحقيق السلامة المرورية وباطنها عمليات نهب واسعة لما في جيوب السائقين بالحق والباطل، ولم ينقصها توزيع الاهانات للسائقين والسابلة يمنة ويسرى من أفراد لا يهمهم إلا تفحص ملامح المارة و النظر لجيوبهم وكل ذلك للأسف على مرأى ومسمع من قيادتهم وكبار ضباطهم ، تخنق حركة السير عن عمد ولا أحد يهتم للتنظيم لأنها حملات للجباية و حاجات تانية يعلمها كل المارة وعلى عينك ياتاجر، وذلك يهون لما يحدث في بقية الوحدات الأخرى المتخصصة في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة فهؤلاء لم يعد أمن المواطن هاجسهم ولا من أولوياتهم، والكل يعلم حالة السيولة الأمنية والهشاشة التي عاشتها أحياء الخرطوم الراقية و الشعبية منها في الشهور التي سبقت إنقلاب البرهان على الفترة الانتقالية، انتشار عصابات النقرز و بروز ظاهرة تسعة طويلة لدرجة أن صار القلع والنهب تحت تهديد السلاح نهاراً جهاراً وفي أكبر شوارع مدينة بحري وعلى مرمى حجر من قسم شرطة الصافية، وكذلك كان شارع الهوى في الخرطوم مسرحا للنهب والسرقة والتفلتات الأمنية والشمس في كبد السماء، وفي كل مرة يشكو فيها المواطنين هشاشة الوضع الأمني وإنفلات الحال تتعلل الشرطة وقيادتها بضعف الإمكانات و سوء الحالة المعيشية لأفراد وضباط الشرطة، بل وصل الهوان بالشرطة أن مواطناً سودانياً برتبة ناظر قبيلة أغلق كل السودان وضرب حصاراً على كل الشعب السودان لدرجة أن انعدم الخبز والغاز والوقود وقبلهما الدواء والشرطة السودانية محلك سر لم تحرك ساكناً. فجأة وبدون أن أي مقدمات تبدل حال الشرطة و تغيرت أمزجة أفرادها وضباطها وهم يتصدون للمتظاهرين والمحتجين على انقلاب البرهان بالغاز المسيل للدموع و الأعيرة المطاطية والنارية واصبحوا يقيمون الحواجز و نقاط الارتكاز والتفتيش في كل الشوارع الرئيسية دفاعاً مستميتاً عن الانقلاب والانقلابيين، وفي سقطة لن ينساها الشعب السوداني إمتدت يد شرطة البرهان الآثمة لرسل الإنسانية ومعلمات بلادي فلم ترحم يدهم المرتجفة ورثة الأنبياء وهي تبطش بهم وتعتقل أكثر من مئة معلم ومعلمة وتعتدى عليهم لدرجة كسر رجل معلمة وإجهاض أخرى في كركون المقرن سيء السمعة ونقل أحد معلمي الأجيال من الذين أفنوا زهرة شبابهم في التعليم في حالة حرجة إلى المشفى، وهنا يقفز للخاطر سؤال في غاية الأهمية لكم أفراد وضباط شرطة البرهان وأنتم عائدون إلى منازلكم بعد يوم عمل طويل دفاعا عن سلطة البرهان ماذا أنتم قائلون لأطفالكم عن ضرب من شاركوكم تربيتهم وتعليميهم الذي تناقلته وسائل الاعلام العالمية هل يستطيع أحدكم النظرفي عيون أطفاله بعد أن أودعتم معلميهم زنازين الانقلابيين؟ مؤكد أن هنالك الكثير من أفراد وضباط الشرطة الذين لم يعجبهم هذا الحال المائل للشرطة التي تبدل شعارها إلى "الشرطة في خدمة البرهان" وهنالك من إنكسر قلبه على هذا السلوك المشين والدخيل على الشرطة السودانية، فهم في خندق الشعب ويعلمون أن الظلم ليلته قصيرة وما النصر إلا ساعة صبر،النصر قادم لا محالة والانقلاب إلى زوال لأن الشعوب أقوى من جلاديها، ودوام الحال من المحال غداً يعود وطننا المختطف وتعود الشرطة كما كانت يد أمينة و عين ساهرة وربما كانت هي يد الشعب التي تقود الإنقلابين إلى مثواهم الذي يستحقون.