ما زال السودان يبحث عن الهدوء، إثر التوترات الأخيرة الناتجة عن إجراءات القائد العسكري، الفريق عبد الفتاح البرهان، والتي تسبب في احتجاجات واسعة وعصيان مدني. وأفادت قناة الغد، أن الحياة تعود تدريجيا للمدن في السودان، عقب إنهاء يومين من العصيان المدني. وقالت القناة، الثلاثاء، إن دعوات العصيان المدني وجدت استجابة واسعة من مختلف فئات المواطنين، ضمن سلسلة تصعيد الاحتجاجات السلمية. وتأتي دعوات العصيان المدني رفضا لإجراءات القائد العام للجيش السوداني، أواخر أكتوبر الماضي، والتي اعتبرها الشارع انقلابا على المسار الديمقراطي في البلاد. وأشارت الغد إلى أنه يتم التحضير لمواكب مليونية أعلن أنها ستنطلق يوم السبت المقبل في أنحاء السودان. أكد المبعوث الأممي للسودان، فولكر برايتس، لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أهمية التوصل لاتفاق حول هياكل السلطة الانتقالية، بينما طالب سفراء الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج، بعودة عبد الله حمدوك إلى منصبه رئيسا للوزراء. وقالت الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج، إن سفراءها التقوا مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، الثلاثاء، وأبلغوه بضرورة إعادة القيادة المدنية في السودان. وقالت الدول الثلاث المعروفة باسم ترويكا السودان في بيان بعد الاجتماع "أكدنا ضرورة إعادة الوثيقة الدستورية . كما أكدوا على ضرورة إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمنصبه كأساس للمناقشات بشأن كيفية تحقيق شراكة مدنية- عسكرية وحكومة انتقالية يقودها مدنيون". مقترحات مرفوضة ورفضت قوى إعلان الحرية والتغيير مقترحات تقدم بها الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، لتعيين عبد الله حمدوك رئيسا للمجلس السيادي. وقالت مراسلة الغد من الخرطوم، إن قوى إعلان الحرية والتغيير تريد أن يكون حمدوك على رأس الجهاز التنفيذي لها، بتوليه رئاسة مجلس الوزراء. وأضافت مراسلتنا أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ قرار المحكمة بشأن عودة الإنترنت، وكانت محكمة سودانية أمرت شركات الاتصالات بإعادة خدمة الإنترنت للمستخدمين بشكل فوري. ولفتت إلى أنه على الأرض تستمر سلسلة من الإجراءات الاحتجاجية، من خلال مجموعة من المواكب الداخلية، ونوع من التوعية للمواطنين. موقف موحد ويطالب حمدوك قادة القوى السياسية بالاتفاق على موقف موحد، وأكد التزامه بما يتفقون عليه. جاء ذلك خلال لقاء حمدوك عددا من قادة القوى السياسية السودانية بينهم ممثلون عن مجموعتي الحرية والتغيير – المجلس المركزي والميثاق الوطني. من جهتها، طالبت الجبهة الثورية بإطلاق سراح جميع المُعتقلين ورفع حالة الطوارئ لتهيئة المناخ لحوار جاد ينهي الأزمة الراهنة. وكان بيان لجامعة الدول العربية قد ذكر أن وفدها التقى في الخرطوم عبد الله حمدوك لبحث الخروج من الأزمة الساسية الراهنة. فيما جدد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان التزام القوات المسلحة التام بالتحول الديمقراطي وحرصها على حماية مكتسبات الثورة السودانية وتحقيق تطلعات الشعب. عصيان مدني وشهدت السودان على مدار اليومين الماضيين حالة من العصيان المدني تسبب في شلل شبه تام لمعظم المدن السودانية. وأفادت مراسلة الغد من الخرطوم، بأن حركة المرور لا تسير بشكل طبيعي بسبب الازدحام الشديد في شوارع العاصمة الخرطوم. وأوضحت أن المدن السودانية شهدت خروج أعداد غفيرة من المتظاهرين، وتم التعامل مع المواكب الاحتجاجية بالأعيرة النارية والغاز المسيل للدموع من قبل السلطات السودانية. وأشارت إلى أن الجمود يسيطر على المشهد السياسي، فضلًا عن أن جهود الوساطات الدولية والإقليمية والمحلية لم تجن أي ثمار لها على أرض الواقع. وكان تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات في الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المعزول عمر البشير، قد جدد، الأحد، دعوته إلى استئناف العصيان المدني الشامل في ربوع المدن السودانية. وأعلن التجمع عن وثيقة جديدة تشمل المطالبة بتشكيل "سلطة انتقالية مدنية خالصة تمتد لأربع سنوات". وأفادت وسائل إعلام مؤخرا بأن الجيش فرض قيودا جديدة على حمدوك بعد حل حكومته ووضعه رهن الإقامة الجبرية في منزله، وأن تلك القيود حدت بدرجة أكبر من قدرته على عقد اجتماعات أو إجراء اتصالات سياسية. الأموال المستردة من جهة أخرى، أصدر البرهان قرارا بتشكيل لجنة لمراجعة واستلام الأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين المجمدة، والتي كانت مكلفة بتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، حسبما أعلن التلفزيون السوداني، الثلاثاء. وكانت اللجنة مكلفة بتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح في أبريل 2019، بعد احتجاجات شعبية عارمة. وكان البرهان جمد عمل لجنة إزالة التمكين ضمن أولى قراراته، التي أصدرها يوم 25 أكتوبر الماضي، في أعقاب سيطرة الجيش على البلاد وإزاحة الشركاء المدنيين في الحكومة الانتقالية. وضمت قرارات البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، إلى جانب حل كافة اللجان التسيرية في كل مؤسسات الدولة، وفي النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل القومي. ويسرع المجتمع الدولي جهود الوساطة لإيجاد مخرج من الأزمة، التي أدخلت عددا من المدن السودانية في حالة من الشلل. وشدد البرهان، في أكثر من مناسبة، على أنه يسعى ل"انتقال مدني كامل يكفل للسودانيين العيش بكرامة". جهود الوساطة ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر، تتواصل جهود ومساع عدة للوساطة بين أطراف الأزمة في السودان، فيما تبقى حالة الجمود السياسي ترواح مكانها، وسط فعاليات احتجاجية متواصلة في الشارع السوداني. ومر أسبوعان على إجراءات الجيش فى السودان بحل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ، ولا تزال البلاد تعيش وضعا سياسيا معقدا، ولا تزال الخلافات تعصف ببعض القوى، فيما ظل الشارع أكثر تكاتفا وحركة لاستعادة العملية الانتقالية بالبلاد. ويتكاتف السودانيون في مجموعات كبيرة داخل وخارج السودان مع تحرك دولي واسع لاستعادة المسار الديمقراطي، وإصلاح مؤسسات الدولة وإيجاد حلول اقتصادية لوضع البلاد المتدهور، إذ يحلم الكثيرون بالوصول إلى مرحلة الانتخابات والتداول السلمي للسلطة. وما زالت حركة الاحتجاج السلمي مستمرة مع التنويع في الوسائل والأنشطة، فعادة ما تستمر المواكب الصغيرة استعدادا للمواكب الكبيرة التي تسمى المليونيات.