لم يزل المشهد السياسي المعطوب برمته بحاجة للبحث عن وسائل التغيير الجذري لسنوات الانتقال الثلاث العجاف، في ظل استمرار حالة الصراع بين مكونات القوى المدنية نفسها، والتباين في كيفية التعامل مع الوضع المأزوم. ففيما تصطف قوى سياسية إلى جانب المكون العسكري مؤيدة وداعمة له، ترفض بالمقابل قوى أخرى هذا الاصطفاف وتعده نوع من انواع الهبوط الناعم "المفروض"، ما يجعل الاتهامات تطلق من قبل هذه القوى، التي يقف على رأسها الحزب الشيوعي السوداني، الذي يسعى إلى تغيير المشهد برمته بقيادة الجماهير، ماقاده إلى جانب تجمع المهنيين وآخرين، تكوين تحالف قوى التغيير الجذري. وبينما قلل كثير من المراقبين من أهمية التحالف وعدوه سلسلة من سلسلة التحالفات السياسية منذ سقوط النظام، يؤكد القائمين على أمر التحالف على أن لارجعة إلى الوراء و لا بديل سوى التقدم لإسقاط الانقلابيين وحلفائهم عبر أشكال النضال المدني السلمي في كافة ربوع الوطن وفي دول المهجر وإنهاء سيطرة وتدخل العسكر في السياسة، واتخاذ كافة سبل المقاومة على مستوى الدولة والمجتمع والسياسات لكسر الدائرة الشريرة التي تعزز أو تؤدي إلى عودة الانقلابات، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول إمكانية التحالف أحداث تغيير يفضي إلى مرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي. حالة تعدد يعتبر توحد القوى السياسية فيما بينها أحد أهم عوامل إسقاط الأنظمة على امتداد تاريخ الثورات في البلاد، بعيدا عن أي انقسامات تلي فترة الانتقال. ومن خلال واقع ثورة ديسمبر 2018 يتبين ذلك رغم الحديث عن صناعة الثورة وخيانة العسكر لقائدهم، الأمر الذي قاد للتغيير وليس قوة ودفع الحراك الثوري الكبير وقتها، قبل أن تعتري المشهد تغيرات جمة، قادت إلى انقلاب 25 أكتوبر الماضي. ومع ذهاب توقعات كثير من المراقبين إلى توحد القوى السياسية بعد ذلك إلا أن الهوة اتسعت على علاتها، ما نتج عنه كيانات وتجمعات مختلفة لمجابهة واسقاط الانقلاب الإتجاه الذي عده متابعين إتاحة الفرصة أمام العسكر لإحداث اختراق واستقطاب بين هذه القوى. ويعتبر التحالف الجذري الذي تم الإعلان عنه امس امتداد تعدد الكيانات الداعية لاسقاط الانقلاب، بقيادة جماهيرية. في حين، يرى المجلس المركزي للحرية والتغيير إن تعدد التحالفات لن يقود إلى إسقاط العسكر، لكن قادة تحالف التغيير الجذري يشددون على ان الباب سيظل مفتوحا أمام جل القوى المؤمنة بالتغيير الجذري للتوقيع على الميثاق القادم. كما دعا كل قوى الثورة الحية لإحداث التغيير الجذري للتلاحم والاصطاف وبناء التحالف على مستوى المركز والولايات للنضال المشترك الهادف لإسقاط الانقلابيين وحلفائهم، وتفكيك البنية الانقلايبة. شرط أساسي يعتقد القيادي بقوى الحرية والتغيير طارق عبد القادر، أنّ الشرط الأساسي لاسقاط الانقلاب هو عبر وحدة جميع القوى السياسية. وأكد طارق، ل" الراكوبة" ان الوحدة الجماعية تتمثل في جمع كل القوى الحية ولجان المقاومة والاجسام المطلبية وغيرها من الاحزاب التي تؤمن بالديمقراطية. وتابع: "من حق أي مجموعة ان تقوم بعمل تحالف، لكن في ذات الوقت فإن التكتلات الكثيرة تعتبر معضلة، مع الاخذ في الاعتبار ترصد البرهان ومجموعته لتفكيك وحدة قوى الثورة". يهدف التحالف الجذري إلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية بنظام برلماني تقوم على الفصل بين السلطات والمساواة بين المواطنين رجالاً ونساء تؤسس الحقوق والواجبات على اساس المواطنة وتحقيق قواعد الوحدة في التنوع وحكم لامركزي قوامه فاعلية الجماهير في اتخاذ القرار. وعلى منهجية الاتجاه لتأسيس المركز الموحد يقوم التحالف لقيادة الثورة والتحضير للعصيان المدني الشامل، ويتكون التحالف من أحزاب سياسية ونقابات واتحادات ولجان ومنظمات ابتدعتها الجماهير مثل لجان المقاومة وقوى الحركات التي اضطرت لحمل السلاح لبناء سودان جديد. الديمقراطية الشاملة ويضم التحالف تجمع المهنيين السودانيين عدا نقابة اطباء السودان الشرعية، بجانب ضباط صف وجنود الشرطة المفصولين والمعاشيين والتحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر، وتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل والاتحاد النسائي السوداني وميثاق الشهداء والثوار، والحزب الشيوعي السوداني، وقدماء المحاربي، وهيئة محامي دارفور وجند الوطن للحرية والتغيير. وقال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب خلال مؤتمر التغيير الجذري أمس الأحد، إن التحالف يعمل على تأسيس ديمقراطية شاملة وتسعى للاستقلال الاقتصادي، ويتبنى ديمقراطية تتطور مع الممارسة ولا تنحصر في الترشيح وتحقق تغييرا اجتماعيا حقيقيا وتحافظ على الحريات وتستنهض إبداعات الجماهير. حالة تشكيك وبالرغم من حالة التشكيك حول التحالف، يجزم المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر ان التحالف الجذري يحمل ذات الأهداف التي يتطلع إليها الشعب السوداني في إنهاء الانقلاب. وقال خاطر، ل" الراكوبة" ان الأصوات في ظل أي وضع ديمقراطي كلما تزايدت وتعالت فإنها ستنجح في إخراج الصوت الذي يوصل البلاد إلى الأفضل، وتابع: الفكرة ليست في تكوين اتحاد او تحالف وإنما الفكرة في الهدف والهدف من وجهة رأيي موحد وهو كما أشرت لك ان ما قدمه التحالف هو ما يتطلع إليه الشعب السوداني. واكمل: "من المؤكد ان قادة التحالف يعلمون انهم ليسوا وحدهم الذين يصنعون الحدث، لكن الأمر مساهمة منهم". وحدد التحالف الجذري مستويات الحكم خلال ثلاثة مستويات" اتحاد إقليمي محلي بجانب العودة إلى نظام الأقاليم الستة. ونص الإعلان على تكوين مجلس سيادة تشريفي لايمارس أي مهام تنفيذية يكون من ممثلين للأقاليم الستة المقترحة ومقعد سابع للمرأة ومجلس تشريعي يتم اختيار أعضائه عبر مكونات التحالف في المركز والولايات للإقليم حق اختيار ممثليه بالآليات التي يراها وتكون مهام المجلس تشريعية ورقابية ومحاسبية بالإضافة إلى تكوين الحكومة التنفيذية وإجازة برامجها وإقالتها.