مع تفاقم الأزمة السياسية في البلاد، تصاعدت دعوات ومبادرات والوساطات لتوحيد قوى الثورة في السودان لإنهاء حالة الخلافات والانشقاقات التي ضربت صفوف القوى الحية، وآخرها تحالف "الأقوياء" الذي طرحه الحزب الشيوعي السوداني، ويضم لجان مقاومة والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وقوى مدنية أخرى. فيما أكد عضو لجنة "توحيد قوى الثورة" عمر أرباب في تصريحه ل(اليوم التالي) أنهم يعكفون على طرح رؤيتهم بصورة مكثفة شملت القوى الحية في العاصمة والولايات. وأشار إلى ضرورة تجاوز التيارات المناهضة للانقلاب ل"الخلافات وتباين الآراء"، ورهن خبراء تحدثوا ل(الصحيفة) نجاح المبادرات بتحقيق 6 خطوات أبرزها التخلي عن التمترس السياسي وعدم محاولة تسييس لجان المقاومة والابتعاد عن إدارة الفترة الانتقالية والاستعداد للانتخابات. تتعدد المبادرات والهدف واحد! وكان تحالف مؤلف من 23 حزباً ونقابة مهنية قد دعا، مطلع الشهر الجاري، إلى تشكيل "مجلس ثوري" يهدف إلى توحيد قوى الثورة في البلاد، من أجل حكم مدني ورفضاً للانقلاب العسكري. وقال أحد المؤسسين ل"لجنة توحيد قوى الثورة" عمر أرباب في إفاداته ل(اليوم التالي) إنهم يقترحون تكوين مجلس من مائة مقعد، نصفهم للجان المقاومة مقسمة على أقاليم السودان المختلفة، والنصف الآخر يوزع بين الأحزاب السياسية والنقابات وحركات التمرد المسلحة وأسر الشهداء. وتابع أرباب "المبادرة وضعت ضوابط وحتى هذه الضوابط قابلة للنقاش بين القوى الثورية عندما تلتقي جميعاً .. وهذه الضوابط تتمثل في اللاءات الثلاثة وفي أغلبية لجان المقاومة لتكوين المجلس الثوري وفي مرجعية مواثيق اللجان للمجلس الثوري". أما في ما يخص اللجنة التسييرية، فيقول إن مهامها تنتهي بتكوين المجلس الثوري، ولا يحق لأعضائها الترشح له، وأشار إلى أن الآلية لم تقدم أي مبادئ أو إعلاناً سياسياً؛ بل تركت هذا الأمر للقوى الثورية لتتوافق فيما بينها حتى لا يكون للآلية أي رؤية تبحث لها عن توقيع أو تدافع عنها وإلا تحولت إلى مبادرة ضمن المبادرات المطروحة. ويقود مبادرة "تجميع قوى الثورة" عدد من نشطاء المجتمع المدني وأكاديميون وأساتذة جامعات وصحافيون وضباط جيش متقاعدون يدعمون الخط الثوري الحالي، المستمر منذ نحو 9 أشهر، لإسقاط الانقلاب، وإعادة العسكر إلى الثكنات، وتشكيل سلطة مدنية كاملة، والقصاص لضحايا الانقلاب، وعددهم لا يقل عن 114 قتيلاً، وأكثر من 5 آلاف مصاب. مطلوبات وعوائق أما المحلل السياسي د. راشد محمد علي فقال في إفاداته ل(اليوم التالي) إن المبادرات المطروحة لتوحيد قوى الثورة تستند أساساً على تحقيق الهدف النهائي من التغيير إنجاح "عملية التحول الديمقراطي" وبالتالي المبادرات المطروحة تسعى لجمع الصف وتوحيد الموقف والاتفاق حول " كيف يكون شكل المرحلة الانتقالية، وآليات التعامل مع قضاياها" وهنا تبرز الخلافات بين الأطراف السياسية والتي تنظر للمرحلة بشكل مختلف عن الطرف الآخر، وهذا ما يعطل فكرة تحقيق موافقه مبدئية أو نهائية حول موضوع توحيد قوى الثورة. ومن الواضح المسألة خاضعه للنقاش والتفاهمات لكن المنطق الأساسي هو اختلاف شركاء التغيير بعد 13 أبريل، وهذا المحك الحقيقي ما يعني أن نجاح المبادرات يكمن في إعادة الشركاء إلى ما قبل عملية التغيير. كان من الأجدى للقوى السياسية أن لا تدخل في إدارة المرحلة الانتقالية كلياً لتلافي الخلافات والاحتكاكات وبعدها البحث عن موقف موحد لضمان خوض الانتخابات ب"برنامج متكامل موحد" وخاصة في ما يتعلق بالقضايا الخلافية كيف يحكم السودان، وملف العلاقات الخارجية والمرتبط بشكل كلي بالملف الاقتصادي وتابع.. "الاشتراطات التتابعية المتعلقة بالتحول الديمقراطي ونجاح الفترة الانتقالية مرهونة بوحدة قوى الثورة"، وأشار راشد إلى أن هذه القوى مرهونة ايضاً في وحدتها بأن تتعامل مع الانتقال على أساس توفير الدعم والإسناد والمساندة وأن لا تدخل فيه بأي شكل من أشكال التعامل السياسي، وهذا يعيدنا إلى تاريخ 12 أبريل والاكتفاء بالتغيير المركب، وهو ما كان يمكن أن يشير إلى وصول وحدة قوى الثورة إلى ذروتها ". شرط استلام السلطة بدوره أشار المتخصص في الشأن السياسي السوداني د. الفاتح محجوب إلى أن توحد قوى الثورة مطلوب بشدة ضمن جهود إقامة توافق سياسي بين القوى السياسية السودانية على حكومة انتقالية مدنية تفضي لانتخابات شفافة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية. وتابع محجوب "لكن يظل كل ذلك الجهد قاصراً إن لم يتم إدارة حوار مع الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، ومع الأحزاب السياسية التقليدية مثل الاتحادي الديموقراطي الأصل ومع بقية الأحزاب السياسية السودانية الاخري" مشدداً على أن التوافق مهم في الوصول لحكومة توافق سياسي تشرف على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو شرط لاستلام السلطة التنفيذية كاملة من العسكر . ويمضي محجوب بالقول: "أي مبادرات لتوحيد قوى الثورة تصب في خانة استقرار السودان، لكن يجب أيضاً التواصل مع القوى السياسية السودانية الأخرى ". تحالف الأقوياء وكان الحزب الشيوعي قد أعلن عن تحالف بمسمى "الأقوياء" وقال عضو اللجنة المركزية للحزب د. صدقي كبلو في إفاداته ل(اليوم التالي) إن التحالف هو استمرار لخط الحزب فى محاولة بناء مركز جديد للثورة، مشيراً إلى أنه ليس انقلاباً على الحرية والتغيير المجلس المركزي. ويشير كبلو إلى أن حزبه يرى ضرورة تكوين تحالف جديد مرتبط أكثر بالجماهير والقواعد، عكس تحالف الحرية والتغيير الذى استنفذ أغراضه . اليوم التالي