الشارع صاحي ، والثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل . هكذا ترنم الحراك في مليونية الثامن من نوفمبر 2022م ، وهو يؤكد فعله الرافض للتسوية المزمع تسويقها مستبقا عرضها ، ومتمددا رفضا في العاصمة والاقاليم التي يمثل لمشاركتها بخروج مدني والقضارف. وكما هو متوقع ، واجهت سلطة العصابة هذا التمدد بالقمع المفرط ، ودهس احد الثوار جوار حديقة القرشي. ففرض الشارع لإرادته على العصابة الحاكمة ، يعيق توجهها لتسوية مفروضة دوليا، ومتوافق عليها مع التيار التسووي في قوى الحرية والتغيير (قحت). ففي تقديري ان هنالك تسوية قادمة ، وان الإتفاق عليها قد حدث بين العصابة الحاكمة والتيار التسووي ، وهو في طور وضع لمساته النهائية ، ولكنه لم يعلن لصعوبة اخراجه. فالمعضلة التي كانت تواجه اكمال عناصره ، هي حصانة العسكريين بعد ضمان استمرار سلطتهم عبر مجلس الامن و الدفاع وإخراج القوات المسلحة والامن والجنجويد من سلطة الحكومة فعليا ، مع الاتفاق على آلية خضوع شركاتهم لوزارة المالية. فالحصانة وضع لها مقترح يبقي على الحق الخاص الذي تتحدث عنه (قحت) ، ليمارس في مواجهة من مارس القتل بالفعل (أي صغار الجنود و ربما الضباط) ، ويعفي الجنرالات في سلسلة القيادة والاوامر من المسئولية. أي أن الجرائم ستعامل كجرائم قتل عادية لا جرائم ضد الانسانية. أما موضوع تبعية الشركات لوزارة المالية ، فسوف يعالج بصيغة امريكية تمنع من المحاسبة واستعادة ما نهب من اموال ، وتضمن حصانة واستثناء للشركات المستثمرة في المجال العسكري ، وتجعل اشراف وزارة المالية مخففا بشراكة مع العسكريين في الإدارة الفعلية ، مع اعفاء من الرقابة والمحاسبة. لذلك خطاب زعيم العصابة الأخير الذي هاجم فيه الحركة الاسلامية ، الغرض منه التمهيد للتسوية ، بإستبعاد الاسلاميين من السلطة شكلا ، وتمثيلهم عبر اللجنة الامنية في مجلس الامن و الدفاع الحاكم ، وحماية تمكينهم فعليا. وهو طلب واضح موجه لهم بعدم الاعتراض على التسوية ، والبقاء خلف الكواليس للاستفادة من مفاعليها ، دون الدخول في صدام مع المجتمع الدولي ، ودون احراج ل (قحت) بتواجد علني في معادلتها (يلاحظ ان المؤتمر الشعبي سيكون جزءا من التسوية). فالخطاب قصد منه تحقيق ثلاثة اهداف: 1- ارضاء المجتمع الدولي بالتسويق لتسويته التي تقصي المؤتمر الوطني فقط . 2- إعطاء (قحت) فرصة لتسويق التسوية من جانبها . 3- تحضير الحركة الاسلامية لقبول التسوية و قبول الاقصاء الشكلي وعدم الدخول في صدام مع المجتمع الدولي عبر رفض التسوية فعليا (ربما نسمع اصوات ناقدة دون تعبئة شعبية وفاعلية على الأرض) . لذلك لا أعتقد أن زعيم العصابة يحضر لانتخابات مبكرة تعيد الاسلاميين الى الحكم عبر صناديق الاقتراع في الوقت الحالي ، لأن المجتمع الدولي الحاضر بقوة في المعادلة السياسية لن يسمح بذلك ، ولان التسوية المطروحة هي أفضل خيار لحماية التمكين في الظروف الراهنة ، والحركة الاسلامية تعلم ذلك ، وهي ليست بحاجة للوصول مباشرة الى سلطة لن تستقر داخليا ، وسوف تصطدم مباشرة مع مخطط المجتمع الدولي للتسوية. عليه يصبح الخطاب مجرد تمهيد لاعلان التسوية المرفوضة من الشارع الثوري ليس الا . لذلك ستستمر محاولة ترويض الشارع عبر القمع المستمر والاختراق الامني ، وقصف الوعي الذي ستقوم به (قحت) لتسويق الافلات من العقاب تحت لافتة العدالة الإنتقالية ، مع وعود اقتصادية دولية لتخفيف الضائقة المعيشية. حراك الشارع اليوم يؤكد ان هذا المخطط لن يمر ، وأن إرادة الشعب غلابة. وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله !! . [email protected]