مليونية الثلاثين من نوفمبر 2022م التي حدد لها التوجه إلى البرلمان لرمزيته ، وإنتقلت فيها جماهير بحري إلى ام درمان ، وواكبتها مدني وبورتسودان في تمثيل لمدن الاقاليم ، ووجهت بالسلاح الوحيد في يد العصابة الحاكمة وهو القمع المفرط عبر مليشياتها للجريمة المنظمة ، المحسوبة زورا و بهتانا قواتا نظامية مهمتها حماية الشعب وحفظ النظام لا ضرب المواطنين. والغريب في الأمر ، ان قوات الشرطة ومنذ إضراب البوليس الشهير ايام الإستعمار الإنجليزي ، تقرر ألا يكون ضمن مهامها تفريق المظاهرات وكلفت بالمهمة كتيبة معينة. ولكن دولة الإستبداد المستمرة عبر إعتداءات العسكريين ووثوبهم المستمر على السلطة حولت هذه القوات وبصفة تدريجية إلى قوات معادية للشعب والمواطنين ، لا تخدم سوى قوى الإستبداد المسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد. وتماماً كما توقعنا ، يتزايد القمع مؤخرا لفرض التسوية ، ولن ينخفض في حال تمامها ، لأنه سيكون ضروريا لتثبيت سلطة الشراكة الجديدة المرفوضة جماهيريا. والواضح أن قوات القمع قد إنتقلت لتكتيك جديد ، واصبحت تحشو الاوبلن بالحجارة والزجاج بدلا من الغاز المسيل للدموع ، وتضرب به الثوار من مسافات قريبة وفي مناطق حساسة ، لتحقيق إصابات خطرة وقاتلة من ناحية ، ولتقليل تكلفة القمع من ناحية اخرى . فصمود الحركة الجماهيرية وتواصل حراكها ، وإضطرار العصابة الحاكمة لإستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والقنابل المطاطية بإستمرار وبكثافة ، يحتاج لتمويل مكلف. وتعضيد الآلية القمع ، تستمر محاولات قصف العقول بالخطابات المضللة ، ومنها خطاب نائب رئيس العصابة المغازل للجان المقاومة ، والذي يهدف لتحييدها وتبييض وجه قوات الجنجويد الكالح ، وتقاسم الادوار مع رئيس العصابة في إطار لعبة الشرطي الجيد والآخر السيئ ، وإرسال رسائل ل(قحت) بقدرة العصابة الإنقلابية على إنتاج خطاب يتجاوزها ، قد يلقى قبولا عند الشارع الرافض بوضوح لها ولمساوماتها. وتاتي في نفس السياق كتابات لكتاب منسوبين على (قحت) ، تحاول تشتيت الإنتباه وخلق اعداء وهميين للتسوية الامريكية ، حتى تسوق لها جماهيريا ! ومن ضمن ذلك الإدعاءات بأن مصر ضد هذه التسوية ، وأنها قد ارسلت المراغنة لإفسادها. والحقيقة هي ان مصر لا تستطيع ان تواجه امريكا ناهيك عن ان تقوم بتصعيد المواجهة معها. فإدخال المراغنة هو لدعم التسوية، أحدهم مع القوى الداعمة للانقلاب (الحركات المسلحة الملتحقة باللجنة الامنية عبر إتفاق جوبا) ، والآخر مع (قحت). فمصر داعمة للتسوية مثلما دعمت إتفاق البرهان/ حمدوك المشرعن للانقلاب ، لان التسوية تحافظ على السلطة الفعلية في يد اللجنة الامنية ، وترفع عنها الضغط ، وتؤسس لتعويمها دوليا. استمرار سلطة البرهان الحالية الآيلة للسقوط لا يخدم مشاريع مصر ، ويقوي مواقع حميدتي الذي لا ترغب مصر في صعوده أكثر ، لأنها تعتبر ان المليشيات خطيرة على امنها القومي . ليس لمصر مصلحة في شراء مزيد من الوقت للانقلاب لأن الطريق امامه مسدود. مصلحتها تكمن في تعويم الانقلاب بغطاء مدني ، للمراغنة فيه نصيب عبر التحالف مع الحركات المسلحة ، و نصيب آخر عبر التنسيق مع (قحت) إن أمكن. ويلاحظ مما تقدم ، ان التنسيق بين (قحت) والعصابة الحاكمة قوي وفاعل في محاولة لخلق وعي داعم للتسوية وشراكة الدم الجديدة حيث يقومان بمحاولة للتضليل كلا من مواقعه . وليس من المستبعد ان يكون قيام رئيس العصابة بحل النقابات والإتحادات وتكوين لجان تسيير بالمخالفة للقانون ، قد تم بالإتفاق بين الشريكين ، لأنه يتجاوز وقف تنفيذ قرارات مسجل عام تنظيمات العمل ، ويتيح الفرصة للتوافق على لجان تسيير ، تحتوي الحركة النقابية وتمنع إندفاعها الديمقراطي المتوجه نحو قواعدها الرافضة للتسوية ، والمهدد بتكامل الادوات اللازمة للاضراب السياسي والعصيان المدني. ولسنا في حاجة للقول بأن كل هذه التكتيكات البائسة ، سيجرفها طوفان الحراك المصمم على اهداف ثورته ، والمنتصر لا محالة. وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!! . [email protected]