استعدادًا لمواجهة جاموس الإفريقية .. الهلال يخضع لمران مكثف    السوكرتا يقاطع منافسات الاتحاد العام واتحاد بورتسودان حتى استرداد الحقوق    زوبعة في فنجان    مقتل ضابط رفيع ب "الجيش السوداني"    مؤتمر دولي في بروكسل يناقش فرص إنهاء الصراع في السودان وتحقيق السلام الدائم    بداية أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الابتدائية بولاية نهر النيل للعام 2025    النيابة العامة تعتزم ملاحقة مُروِّجي الفتن وخطاب الكراهية ونشر الأخبار الكاذبة والمواد المُخلة بالآداب العامة على مواقع التواصل الاجتماعي    مشروع التاجر في مواجهة طموح الجاموس!    شاهد بالفيديو.. الناشط والتيكتوكر "ود القضارف" يهاجم المودل آية أفرو ويسخر منها بسبب استعراضها لجسدها في مقطع مثير (انتي بتستخدمي منتجات أم فتفت للتفتيح والتشتيح)    شاهد بالصورة.. المشاكل تحاصر "الجبلية".. مجموعة محمود في القلب تفوض أبرز المحاميين لفتح بلاغ في مواجهة الفنانة عشة الجبل    شاهد بالفيديو.. (انتي وين يا عسل).. "حكامة" بالدعم السريع تتغزل في الضابطة الدعامية الحسناء "سمر" بقصيدة وسط جموع من الناس والجمهور يسخر    "مكافأة مبابي" تعقد مفاوضات ريال مدريد مع فينيسيوس    وزير الداخلية يزور ولاية النيل الأبيض ويطلع على الأوضاع الأمنية    "فيفا" تدرس شكوى ريال مدريد باتهام التحكيم ب"الفساد المنهجي"    مباراة برشلونة وباريس تصنف "عالية الخطورة" وسط تشديد أمني    "فيفا" يناقش زيادة عدد منتخبات مونديال 2030 "التاريخي"!    الرواية... الفن والدور السياسي    شرحبيل أحمد... ملك الجاز السوداني الذي حوّل الجيتار إلى جواز سفر موسيقي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    إغلاق مقر أمانة حكومة جنوب دارفور بنيالا بعد غارات جوية    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    الإرصاد في السودان يطلق إنذارا خطيرا    حفل الكرة الذهبية.. هل يحقق صلاح أو حكيمي "المفاجأة"؟    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    إيد على إيد تجدع من النيل    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    جراهم:مشاركة السودان في اجتماعات مجلس وزراء الاعلام العرب ناجحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هو أبعد من تبرئة سانجو والصياد وبقية رفاقهم
نشر في الراكوبة يوم 08 - 03 - 2023

أصدر قاضي محكمة الخرطوم شرق يوم الاثنين 6 مارس 2023م حكماً بتبرئة ثمانية من شباب لجان المقاومة الذين تم اتهامهم بقتل المغفور له بإذن الله تعالى، رقيب الاستخبارات، ميرغني الجيلي. أمر القاضي في حكمه بالإفراج عن الثوار الثمانية، وهم: حسام الصياد، مصعب أحمد محمد (سانجو)، خالد مأمون خضر، حمزة صالح، محجوب إسماعيل، شرف الدين أبوالمجد، سوار الذهب أبوالعزائم، مايكل جميس، وقاسم حسيب.
مثلت نقطة التحول الأساسية في وقائع هذه المحكمة في جلسة الثالث من فبراير الماضي، حينما أعلن أولياء الدم تنازلهم عن الحق الخاص، بعد متابعتهم وقائع المحكمة وشهادات الشهود في الجلسات وعدم وجود أي علاقة للمتهمين الثمانية بمقتل الرقيب المغفور له بإذن الله تعالى، ميرغني الجيلي.
في خضم الاحتفاء بقرار البراءة، فإن الجوانب الأكثر أهمية في هذه القضية فقدت حظها من الاهتمام تتمثل في توجيه قرار قاضي المحكمة بشطب الاتهام في مواجهة كل المتهمين، والإشارة إلى أن الأدلة والبينات المقدمة لا ترقى لتوجيه الاتهام، بالإضافة لوجود العديد من الأخطاء الفادحة التي صاحبت القضية.
وردت في يومية المتحري التي تلاها أمام المحكمة، أنه وفقاً لشهادة الشهود فإن الرقيب المغفور له بإذن الله تعرض للاغتصاب من قبل ثلاثة من المتهمين، قبل مشاركة الآخرين في قتله. أحدث هذا الاتهام صدمة كبيرة لدى الرأي العام لهول وفداحة هذا المسلك غير المسبوق، لكن صدمة فريق الدفاع كانت أكبر، حينما أشار إلى أن تقرير الطب الشرعي لم يورد ضمن محتوياته تعرض المرحوم للاغتصاب في تقرير التشريح الذي حدد أسباب وملابسات
الوفاة.
أقر المتحري في ذات الجلسة، أنهم عرضوا على الصياد الشهادة ضد زملائه، ولكن الصياد رفض ذلك العرض. وفي جلسات لاحقة، اتضح أن الضغوط لم تقتصر على المتهمين لكنها طالت أحد الشهود الأساسيين الذي كشف للمحكمة عن تعرضه لضغوط وتهديدات بغرض الإدلاء بشهادة كاذبة ومزورة ضد المتهمين. وكان ذلك الإعلان والإقرار بمثابة الانهيار الكامل لقضية الاتهام المنسوجة بكاملها بخيوط أوهى من خيوط العنكبوت تأكيداً على "أن الحق أبلج والباطل لجلج"، وأن الحقيقة ستظهر مهما طال الزمان.
إن إرغام الشهود والإكراه على الإدلاء بشهادات مزورة جرم يعاقب عليه القانون، باعتباره تقويضاً كاملاً للعدالة. أما دينياً، فيعد قول وشهادة الزور ضمن الكبائر التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الذي قال فيه: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، يعني قالها ثلاث مرات، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".
لم يقتصر الأمر على ما ذكرناه سابقاً في المسعى المستميت لتوريط المتهمين الأبرياء بشتى السبل، ولكن تزامن مع انتهاك الحقوق القانونية وتعرض المتهمين للتعذيب الجسدي الذي يعتبر مخالفة إضافية لأحكام الوثيقة الدستورية التي تنص على تجريم ومنع ممارسة أي شكل من أشكال التعذيب.
لكل ما ذكر سابقاً، أعتقد أن الفصل الأول من قضية استشهاد المغفور له بإذن الله، رقيب الاستخبارات، ميرغني الجيلي، لكنها لم تنته بعد، باعتبارها تتطلب فصولاً إضافية، أولها رفع الحصانة عن كل المشاركين في وقائع التعذيب المخالفة لأحكام الوثيقة الدستورية والمتورطين في سلسلة التلاعب غير القانوني بوقائع هذه القضية، خاصة المتورطين في واقعة "شهادة الزور الكاذبة"، باعتبار أن هذا الإجراء وقبل إعادته لاعتبار المتهمين بات واجباً لاستعادة الثقة في المؤسسات العدلية وأجهزة تطبيق القانون، ردعاً لكل من يفكر مستقبلاً في انتهاج هذا المسلك.
الفصل الإضافي الثاني مهم للغاية، يتمثل في الوصول للجناة الحقيقيين الذين اغتالوا الشهيد ميرغني الجيلي من خلال تحقيق مهني غير مسيس، من أجل فك طلاسم هذه القضية التي وإن بدت معقدة ومتشابكة، لكنها لن تعجز رجالاً صادقين في الشرطة عن كشفها في يوم ما، انتصاراً للحقيقية وزوداً عن سيرة رجال ونساء صنعوا تاريخاً ناصعاً لشرطة السودان.
رغم الوقائع السلبية التي أشرنا إليها سابقاً، فإن جوانب أخرى من هذه القضية أظهرت مواقف تستوجب أن تنحني الهامات لهم احتراماً لنماذج رفيعة سلوكاً وأخلاقاً، بداية من حسام الصياد الذي رفض الاستجابة للإغراءات أو التهديدات حتى يصبح شاهد ملك زوراً ضد رفاقه، وموقف الشاهد جاد كريم جمعة الذي اختار أن يقول الحق دون أن يكترث للخوف أو التهديدات، فرفض أن يكون شاهد زور ضد أبرياء، ثم أسرة المغفور له بإذن الله تعالى ميرغني الجيلي الذين تنازلوا عن الحق الخاص رغم الألم والحزن بعدما توصلوا لعدم وجود صلة للمتهمين بمقتل ابنهم، حتى لا يأخذوا القصاص ظلماً وعدواناً من أبرياء لا ذنب لهم، ثم مولانا قاضي المحكمة الذي لم يكتف بتبرئة المتهمين وإنما دك الباطل الذي صاحب إجراءات هذه القضية، ففتح الطريق لمقاضاة كل الذين تورطوا في فصول فضيحتها أمام قضاء عادل.
يعتقد البعض أن الأبرياء الثمانية الذين خرجوا من تجربة قاسية، كان الأكثر ألماً بالنسبة لهم تعرضهم للظلم والعدوان، وقد طويت وانتهت بإعلان البراءة وإطلاق سراحهم، لكن هذا في حقيقة الأمر يمثل النصف الفارغ من الكوب، أما نصفه المتبقي فهو لا يقل أهمية من قرار البراءة من خلال الشروع الفعلي في اتخاذ الإجراءات ورفع الحصانة عن الذين ارتكبوا الأخطاء والمخالفات في هذه القضية ومحاكمة أمام القضاء بالوقائع التي تم كشفتها، بوصفها خطوة لازمة لتعزيز وتكريس حكم القانون في الدولة المدنية.
الديمقراطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.