ضحكت كما اضحك من قبل عندما شاهدت مراسل المحطة الفضائية القطرية "الجزيرة" في العاصمة الخرطوم وهو يتجول في الشوارع الخالية من السكان ويقدم وصف عن الحال في هذه الشوارع الخالية من السكان ويشرح للمشاهدين سبب اغلاق الاماكن التجارية كأنما المشاهدين لا يعرفون سبب الاغلاق!!، كان المراسل يتجول بحرية كاملة في أمن وامان بلا سترة واقية من الرصاص او خوذه على الراس!! . كان المراسل يمشي الهوينا في مناطق وشوارع اصلآ ما شهدت معارك ولا اقتتال منذ ان بدأت المعارك قبل سبعة عشر يوم مضت!!، ولا قربها الجيش او قوات "حميدتي" -علي اعتبار انها ليست أماكن مستهدفة عسكريا او عندها اهمية استراتيجية-!! … ولكن عند هذا المراسل كانت الأماكن التي زارها "يا للهول جهنم الحمراء"!! . كنت اتوقع ان يقوم مكتب "الجزيرة" في الخرطوم بإرسال مراسلين إلى المناطق التي تستحق نقل الاخبار منها ، ان يقتربوا من الأماكن الحقيقية التي تشهد يوميا معارك ما توقفت منذ يوم السبت 15/ أبريل الماضي حتي اليوم ، ان يقوم احد المراسلين مثلا بالتوجه إلى محيط القصر الجمهوري أو القيادة العامة ، ان يقوم أحدهم بعمل بث حي مباشر عن الحال نقلا من مطار الخرطوم التي أصبحت محل كر وفر بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع". من منا لا يعرف ان عمل المراسل يقوم بالدرجة الاولي القيام بنقل حي علي ما يجري في ارض الواقع واهمية النقل المباشرة من قلب الحدث ، المراسل الناجح هو الذي يستطيع التغلغل الى داخل مناطق غير أمنة وغير مستقرة تحف بها المخاطر من كل جانب لكي يصنع الخبر الهام المثير … وهو شيء مفقود عند المراسلين في مكتب الخرطوم!! . من منا لا يعرف ، ان المحطة الفضائية "الجزيرة" عندها مراسلين في عدة مدن اوكرانية يتنافسون بشدة فيما بينهم من اجل تقديم حقيقة ما يدور في جبهات القتال من معارك ضارية دون زيف او دس الحقائق ، هذه الحرب التي دخلت شهرها ال(14) مازالت مستمرة حتي اليوم ولم يبرحها احد من المراسلين الذين تعودنا علي رؤيتهم بالملابس العسكرية والخوذات الواقية ، هؤلاء المراسلين مازالوا يواصلون بلا كلل او فتور نقل الصور عن الحال المزري في مناطق القتال لذلك نتابعها باهتمام ، انهم لا يقومون بنقل حي لمناطق لا تهم المشاهدين. اما اغرب ما يدور في مكتب "الجزيرة" بالخرطوم ، ان اغلب التقارير السابقة التي بثتها المحطة الرئيسية في الدوحة منذ لحظة اندلاع المعارك حتي اليوم ، كلها تقارير تمت نقلآ من مكتب الخرطوم وليست من موقع الأحداث!!، اغلبها تقارير شفهية من داخل مكتب مريح مكيف لا انقطاع كهرباء فيه ولا "لبس خمسة" او خوذات!! . حقيقة لا اعرف ان كانت هناك توجيهات قد صدرت من القوات المسلحة لمكتب "الجزيرة" في الخرطوم بعدم إرسال مراسلين مناطق المعارك خشية علي أرواحهم او خشية من كشف الحقائق ونقلها للخارج؟!! . … ام ان هؤلاء المراسلين اصلآ لا خبرة كافية عندهم في كيفية الدخول لمناطق الكر والفر بين الجيش والدعم السريع واكتفوا بتصوير الشوارع الخالية من المارة والمحلات المغلقة؟!! . عندما نطالع يوميآ اخبار المحطة الفضائية "الجزيرة" التي تقدم عشرات التقارير المصورة عن المعارك في كييف وخارسون واوديسا ومنطقة القرم ، وقطاع غزة ، وسورية ، والصومال ، نلمس مدى الجهد المبذول والمقدر في النقل المباشر رأسا من مصدر الحدث ولكن عندما تاتي الاخبار المصورة عن الحال في السودان لا نجد فيها اي نكهة او شيء مثير يلفت النظر ، كل التقارير التي سبق ان تم بثها في "الجزيرة" لا تختلف عن لقطات مصور هاوي التقط ب"الموبايل"شيء لا يثير الاهتمام !! . لم اقصد في هذا المقال التقليل او تحقير عمل المراسلين في الخرطوم ، ولكن بما انه وبعد ثلاثة اسابيع من بدء المعارك ما زلنا نجدهم لا ينقلون حقيقة ما يجري من معارك ، لهذا اصبحنا نتابع عملهم البائس ، وفي عمل مكتب "الجزيرة" بالخرطوم طالما اصبح السودان محل اهتمام عالمي.