أبغض الغباء والأغبياء، ولا أطيق الجبناء والثقلاء، وتأسرني قصص الشجعان والنبلاء، ولا أتابع الأدعياء. لذلك توقفت عن متابعة تصريحات "مني أركو مناوي"، منذ أن سمعته متحدثاً أول مرة. كان حينها أقرب للمهرج و"الأرجوز" شكلاً وموضوعاً، وكان هزيلًا في فكره ضحلاً في طرحه. والأغرب من كل ذلك، أن تعابير جادة وانفعالات غريبة ترتسم على وجهه، كلما تفوه محدثًا بسخفه وهراءه، وربما هو الشخص الوحيد الذي صادفته بالعمل العام، الذي يتعذب حين يتحدث، يفعل هذا دون أن يطرف له جفن، وبجرأة تحسده عليها شعاب الجاهلية الأولى. والجهلاء هم الأكثر جرأة في هذا الكوكب، وهو جاهل صميم، اكتسب جهله طوعاً وبكامل ارادته، وبعرق جبينه! كان ذلك موقفي منه قبل نجاح ثورة ديسمبر الظافرة، وقد هيأت له الثورة مكانة لم ينلها ببندقيته، والتي قام بتأجيرها لاحقاً في دولة ليبيا، ثم انتصرت له الثورة السلمية المباركة، ليعود إلى البلاد متنكراً لها ومنقلباً عليها، ويتضح لنا بعدها أن سنوات غربته وارتزاقه لم تزده عظة وحكمة، بل زادته نهماً وعواراً، وأنه أضاف إلى رصيده الضخم من الرزايا والبلايا، رزايا وبلايا أخرى لا تحصى ولا تعد، كاشفاً عن تهتك وخلاعة أخلاقية وسياسية، يخجل من الأتيان بمثلها من لم يخجلوا يوم الوقيعة وهربوا من ظاهر الأرض واختاروا العيش ب "بدروم" باطن الأرض! ولكن للحرب ضرورات، وهي تفرض بشاعتها علينا صباح مساء، حيث قرأت مساء أمس – مضطراً غير باغٍ أو راغبٍ- "تغريدة" له على "تويتر"، دعا فيها لتسليح المواطنين بدارفور، واقفا كتفاً بكتفٍ مع حلفائه الفلول وجنرالات جيشهم، وكاشفاً عن علاقة ظل يخبئها طويلاً، بينه وبين الفلول وجنرالاتهم. فعل ذلك وهو "يحلل" الأموال التي استلمها من مخدمه (قوش) في منتجع "العين السخنة" بمصر قبل عامين ونيف!! والأنكى والأمر ، أن هذا المناوي، وربما بإيعاز من آخرين، أراد أن يصلح بلسانه ما أفسده بيده في "تغريدته"، فخرج علينا بعدها عبر تقنية البث المباشر، ليصلح ما يمكن إصلاحه، ولكنه كعادته، قال كل شيء ولم يقل شيئاً. ولكنه مفسرًا الماء بالماء بعد جهد جهيد، ويدلق ما تبقى في الاناء، فجلب على نفسه الضحك والبصق في آن واحد! وفي حقيقة الأمر، فهو لم يستشعر الحرج، بل استشعر الخطر ؛ لأن الخصم هذه المرة ليس فلان أو "عرمان"، حتى يرد عليه ب "تغريداته" الركيكة، الخاوية، والبذيئة. وإنما خصمه هذه المرة – أن أراد- محاربٌ بدويٌ شجاعٌ، لم يختبيء خلف نساء ورجال دارفور البسطاء، ويطالب بتسليحهم ليعلن حربه ويجعلهم وقوداً لها ومصداً له. وإنما بسط أمنها وساهم في استقرارها، فاسحا المجال، ليأتي ويجلس على سدة حكمها "مناوي". ليغادرها إبان ثورة ديسمبر الظافرة نحو المركز ، ولعب الدور المحوري في تبديل قيادته الانقاذية الفاسدة، ساعياً من أجل استقرار وطنه كله، لولا غدر جنرالات "الخيابة" والخيانة. وها هو اليوم يقف مقاتلاً أولئك الجنرالات الخونة وحيداً، إلا من فتية جيشه البواسل، وها هو يصرعهم جنرالاً جنرالاً، وخائناً خائناً، وعميلاً عميلاً وكوزاً كوزاً. وها نحن نقولك لك يا أيها المناوي: دع عنك الزج بأهل دارفور للموت من أجل مرؤوسيك وأولياء نعمتك، وكن رجلاً ولو لمرة واحدة في حياتك، وأعلن موقفك. فاذا أردتها حرباً فلا تختبيء خلف النساء والأطفال من أهلنا بدارفور ، فتلك هي "النقعة". واذا كان لابد من الموت فمن العار أن تموت "مناويا"!