في اليوم السابع والأربعون للحرب، حملت الأنباء خبر تعليق الجيش للمفاوضات بينه والدعم السريع. وأبلغ وفد الجيش الوساطة – السعودية الأمريكية- في جدة، بتعليق أي اجتماعات حاليًا. وتعذر الجيش بان قوات الدعم السريع لم تلتزم ببنود الهدنة، ومنها خروج القوات من المستشفيات، في تضليل متعمد للوساطة. خاصة بعد أن نشر إعلام الدعم السريع، فيديوهات تؤكد خلو المستشقيات التي أشاروا إليها، من أي تواجد عسكري. وبانتفاء حجة الجيش المعلنة هذه، يطل السؤال:يا ترى ما هو السبب الحقيقي إذن، لتعليق الجيش لمفاوضات جدة؟ والسبب الحقيقي والمؤكد، هو تعدد مراكز القرار في جبهة (البرهان)، فيما يتعلق بالإدارة السياسية والعسكرية للحرب. مما أربك المشهد، ومضى به نحو الغموض. ولعل الهزائم المتتالية على الأرض لقوات (مجموعة البدروم)، بقيادة البرهان وكباشي ورئيس الأركان محمد عثمان الحسين، وآخرها سقوط الكتيبة الاستراتيجية أمس الأول، بيد قوات الدعم السريع ، قد زاد من حدة الخلاف بينهم، ومع فلول (الكيزان) الأكثر تشددًا من ناحية أخرى، ويمثل هؤلاء داخل (البدروم) الفريق شمس الدين الكباشي، حيث أن الاتجاه للتفاوض مع الدعم السريع في جدة، ربما يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، بما يتنافى تمامًا مع خطط فلول النظام السابق في ضرورة استمرار الحرب، والمضي بها إلى نهاياتها. حتى لو تحولت إلى حرب إثنية، أو أهلية. ولا بأس عند هؤلاء من استخدام المفاوضات لكسب الوقت، والمناورة. دون أن يتم التوصل فيها لشئ، ودون احترام ما تم التوقيع عليه. وهناك مجموعة(المهندسين) بقيادة الفريق (ياسر العطا)، والتي ظلت ومنذ بدء الحرب تغرد خارج السرب، ولا يزال قائدها "العطا" يردد ببلاهة غير محسودة ذات مفردات الأيام الأولى للحرب، على شاكلة: ( اقتربت ساعة النصر) و (نحتاج إسبوعين فقط لحسم المعركة)، على الرغم من دعوته الصريحة للمواطنين بتسليح وحماية أنفسهم! وهو إما انه مضلل أو بعيد عن التقارير التي تعكس حقيقة ما يجري على الأرض، أو أنه ينكر ما تراه عيناه، ويأمل أن يتغير كل شئ لصالحهم فجأة، ولسبب مجهول لا يعلمه سواه! ويبقى في المحصلة النهائية ، بان ما يعيق التقدم في مفاوضات جدة هم (الفلول)، والذين يتواجدون في المجموعتين: ( البدروم والمهندسين)، متواجدون في الوفد التفاوضي لمجموعة "البدروم" ، وبواسطة " صلاح قوش" و" عوض أبنعوف" اللذان ينسقان مع ياسر العطا قائد مجموعة المهندسين. ما يقود لخيارين لا ثالث لهما، فإما أن يفيق البرهان ويتبرأ من الكيزان بلا كذب وتكتيكات أصبحت مكشوفة ، ويجنح للحل التفاوضي الجاد، فينجي البلاد ونفسه، وإما أن يقوده الفلول لمصير (البشير) و(أحمد هرون)، هذا إن لم يتم اغتياله لحل هذا الإرتباك. ولكن كل هذا الارتباك لن يؤثر في موقف الدعم السريع، فعزل برهان أو قتله، أو وصول الكباشي أو العطا، عندهم سواء، لأن الدعم السريع أعلن سلفًا بان قيادة الجيش الحالية جميعها قيادات "كيزانية"، وأعلن ان موقفه منها هو موقف الثورة الأول: (أي كوز ندوسوا دوس) .