يستخدم الاسلامويين كل الحيل، والخدع، والاحابيل، للرجوع للسلطة، مرة اخرى، فالفطام قاس، لكنه التعود على المال السايب. فانقلاب 11 أبريل كان لإيقاف المد الجماهيري العاتي للثورة، وتجاسر العسكر وقرروا الانفراد بالسلطة. فأرغمتهم جماهير 30 يونيو على الارتداد والقبول بالتفاوض، وتمت حبكة الشراكة المضروبة، ليتم تعطيل الثورة من الداخل. ونجح العسكر مع الفلول، في استخدام ضعف الحكومة الانتقالية، ليتم تجميد كل أهداف الثورة. وجاء انقلاب 25 أكتوبر لانتزاع السلطة كاملة لهم، رفضت الحركة الجماهيرية الانقلاب بقوة، وعزلته تماما. ادي فشل الانقلاب، والتغيرات الداخلية والخارجية، للوصول لمقترحات حل سياسي للازمة. جن جنون الاسلامويين، وملاوا المنابر وعيدا وتهديدات، وزادوا من وتيرة الخلافات، ليفجروا الحرب. بعد اندلاع الحرب، تحول التكتيك، نحو شيطنة قحت، وتحميلها كل الجرائم والأخطاء وحتى اندلاع الحرب. والهدف واضح هو أضعاف الجبهة المدنية وتكريس الانقسامات وسطها، لتخلو لهم الساحة السياسية، مما يسهل قفزهم على السلطة. تروي الاسطورة ان حصار الاغريق لمدينة طروادة دام عشر سنين كاملة، فشلوا في اقتحام المدينة الحصينة. ابتدع قادة الجيش الاغريقي حيلة جديدة. صنعوا حصانا خشبيا ضخما، اجوفا من الداخل، تحت إشراف ايبوس. ملى الحصان بالمحاربين، بقيادة اوديسيوس. أظهر الجيش الاغريقي انهم قنعوا من الحرب، ومثلوا انهم رحلوا، واختفوا في الغابات. فرح الطرواديون بانسحاب الجيش الاغريقي. وصدقوا ان الحصان الضخم هو هدية لهم، كتعبير عن الصداقة. في جنح الليل خرج جنود الجيش الاغريقي، وفتحوا أبواب المدينة الحصينة، فخرج بقية الجيش من الغابات وهاجم المدينة، وسيطر عليها تماما. الاسلامويين، بعد تسلط استمر ثلاث عقود من الزمن، اذاقوا خلالها شعبنا، التعذيب والتشريد والحرمان من لقمة العيش، وعرضوا بلادنا للخراب والتدمير والحروب الأهلية والعزلة الدولية. عندما ثار الشعب من اجل الديمقراطية، فعلوا كل ما يخطر على البال من الاحابيل، لإفشال الفترة الانتقالية، ثم انقلبوا عليها، وفجروا الحرب اللعينة. الان، وبعد كل ذلك، كأن شعبنا يملك ذاكرة سمكية، يملؤون الآفاق بالشعارات الكاذبة والأمنيات القاصرة. وتحولت كل جهودهم لشيطنة قحت. وأن قحت هي سبب كل بلاوي بلادنا. وحشدوا مواقع السوسيال ميديا بشعار خبيث [قحت لا تمثلني]. الغريب، ان بعض الوطنيين والديمقراطيين، خدعوا بالشعار وصاروا ينشرونه، نكاية في قحت وما وقعت فيه من أخطاء شنيعة، خلال الفترة ما بعد الثورة. القصد من الحملة ليس قحت، وانما هي حصان طروادة الاسلامويين، لضرب كل قوى الثورة، وفركشتها، وتعميق الخلافات بينها، وزيادة الشروخ الحالية، وسط القوى المدنية. اقول، وحتى لا يتعجل البعض باتهامي بالانتماء لقحت، أو الدفاع عنها. أقول، إنما أدافع عن كل قوى الثورة، بمختلف مكوناتها، رغم التباينات بينها. وأود ان أؤكد ان قحت جزء من قوى الثورة، مهما اختلفنا حول تكتيكاتها وخطها السياسي. وقد قمت شخصيا بانتقاد قحت، عندما كانت في السلطة، وتملك نفوذا جماهيريا، في عدة مقالات، منها " المكون المدني يتحمل المسؤولية الكاملة لما حدث" و " يا قائدا بلا معركة آن أوان المعركة" وغيرهما. ولكن لن انخدع بمخطط الاسلامويين، مهما غيروا من جلودهم، ولن انزلق الي مستنقعهم، وأشارك في الحملة. الواجب أمام كل فصائل الثورة، ومكوناتها السياسية والنقابية والمدنية، ان تدخل في حوار عقلاني شفاف، يقيم الفترة السابقة، ويحدد أين أصبنا واين اخطانا، حتى نتعلم من هذه الدروس الهامة. ونستصحب معها أيضا تجارب الانتقال السابقة، في بلادنا. نهدف من ذلك لتصحيح مسار ثورتنا، واعادة الزخم لها. وان نحدد خطواتنا القادمة، بشكل جماعي، وان نرفض كل دعوة للرجوع لأوضاع ما قبل الحرب، وان نبعد العسكر نهائيا عن السياسية، ونحاسب من تسببوا في الحرب، وان نخطو خطوات جادة نحو التأسيس لنظام ديمقراطي تعددي دائم ومستقر. [email protected]