بإصدار الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، أمس الأول 13 أغسطس الجاري؛ قراراً بإنشاء الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، يكون قد وضع قيادة الجيش وحلفائها من الكيزان، أمام فسادهم وتلاعبهم بالإغاثة التي دأبت دول ومنظمات عديدة حول العالم تقديمها للمتضررين من الحرب، لكنها – وكما العادة الكيزانية والعسكرية– لا تذهب إلى مستحقيها، بل إلى جيوب هذه الفئات الطفيلية التي تعتاش من مواد الإغاثة من خلال سرقتها وبيعها في الأسواق العمومية، دون وازع من أخلاق أو ضمير أو دين. والأهم أنه باصداره لهذا القرار يكون قد وضع معاش الناس وحياتهم من أولى أولويات هذه الفترة التي يعاني فيها الشعب من ويلات حرب الكيزان وما نتج عنها من تشريد وجوع ومسغبة. وكما ورد في ديباجة الإعلان عن الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، فإنّ الحرب التي فرضها قادة الجيش وفلول النظام المخلوع، خلّفت أوضاعاً إنسانية مأساوية؛ خصوصاً في المناطق التي تدور فيها العمليات العسكرية أو تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع. ستعمل الوكالة -بطبيعة الحال- في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع لتوفير وتسهيل وصول الإغاثة وتيسير وتنسيق العمليات الإنسانية، خصوصاً في المناطق المتأثرة بالحرب، كالخرطوم ودافور وكردفان ومناطق النازحين الأخرى. ولا شك إن هذه الوكالة ستعمل كآلية وذراع مرنة لوكالات الإغاثة ولقوات الدعم السريع من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات المستحقة والحيلولة دون استخدامها لأغراض تتعارض والأنظمة والمبادئ العالمية للعمل الإنساني. وبطبيعة الحال، لن تدّخر الوكالة جهداً، بل من صميم أهدافها، التنسيق مع المنظمات المحلية والدولية العاملة في الإغاثة والعون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، من أجل تخفيف المعاناة عن الشعب وتقديم الغذاء والرعاية الصحية وإصلاح وصيانة المرافق الخدمية الضرورية. كما ستتولى الوكالة أيضاً، مهمة إصدار التصاريح اللازمة للمنظمات الراغبة في العمل في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وكذلك للمؤسسات الإعلامية المحلية والدولية الراغبة في معرفة الحقيقة والاطلاع على الأوضاع في ذات المناطق. فضلاً عن ذلك، وبجانبه، ستعمل بالتعاون مع الجهات المحلية والدولية ذات الصلة على تقديم الخدمات الضرورية لجرحي وأسرى الحرب، والتعاون مع المنظمات العاملة في مجال مكافحة الألغام خاصةً في مناطق التنقل والرعي والزراعة. وستُعزّز الوكالة وتدعم التعايش والتسامح بين المجتمعات المختلفة ونبذ خطاب الكراهية وإشاعة ثقافة السلام الاجتماعي خاصة في مناطق الصراعات القبلية والانقسامات الاجتماعية. لن تكتفي الوكالة بذلك، وإنما ستمضي قُدماً في تعزيز وصون حقوق الإنسان، ودعم المجتمعات والفئات الضعيفة أو المستضعفة، وتحسين أنظمة (الحماية) وخصوصًا الحماية الاجتماعية خاصةً للنساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. كما ستُمثّل جسراً للتواصل مع العاملين في الحقل الصحي والطبي والبيطري والمختصين في مجال الخدمات الضرورية خاصةً المياه والكهرباء والاتصالات، للعمل في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. إن المنتجين – من أهم الفئات المجتمعية – خاصة في ظل الحرب، لذلك تولي الوكالة عناية خاصة بهم، وستعمل على مساعدة ودعم المزارعين وإعادة تأهيل القطاعات المنتجة لتقليل الاعتماد على المساعدات الإنسانية تدريجياً. إن هذا القرار، يعتبر الأكثر أهمية منذ اندلاع الحرب، لأن إطلاق مثل هذه الوكالة، بجانب إنه سيضع الخصوم في موقف محرج إزاء المجتمع الدولي والعالم، وسيكشف – كم هم فاسدين، بلا ذمة وأخلاق، وليس هذه هدفه بالضرورة، وإنما سد الفراغ في هذا الصدد، وإحياء روح التكافل في المجتمع التي اندثرت في السنوات الأخيرة. قرار (حميدتي) بإنشاء الوكالة الانسانية يؤكد بأنه كما خاض هذه الحرب مكرهًا ومرغمًا من أجل شعبه وأحلامه بالحرية والعيش الكريم، كذلك يعيش مع شعبه آلامه وآهاته، وهذه صفة رجل الدولة.