أمس الأول خرجت علينا مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة "سليمى اسحق" بتصريحات صحفية قالت فيها إن جرائم الاغتصاب منذ بداية الحرب وصلت إلى (136)، منها (68) جريمة اغتصاب في الخرطوم، بينما البقية بولايات جنوب وغرب دارفور. وجزمت – أي والله جزمت – سليمى بأن جميع جرائم الاغتصاب ال(136) ارتكبت بواسطة عناصر الدعم السريع ما عد جريمتي اغتصاب قالت انها ارتكبت بواسطة مجموعات النهب المسلح ! حتى الجريمتين رمت بهما السيدة "سليمى" صوب مجموعات النهب المسلح بعيدًا عن الجيش "الكيوت" وجنوده الأطهار! إذاً أين جنود الجيش الذين اغتصبوا الفتيات بأمدرمان وخصوصًا في محلية كرري، لدرجة ان الجيش نفسه تبرأ من جرائمهم وأسماهم جيش "مالك عقار"، ذلك المسكين السمين، الذي أصبح "خرقة" يمسح بها الجيش سوءاته! ولا بد أن تعرف يا رعاك الله وحفظك بان "وحدة مكافحة العنف ضد المرأة" هي وحدة حكومية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية التي يرأسها "أحمد آدم بخيت"، وهو "كوز" وأحد قيادات الأمن الشعبي. وإذا عرفت هذا فأنت تعرف الآن سبب تصريحات السيدة "سليمى" التي تعتبر وحدتها مرجعًا وآلية للتنسيق بين الدولة والمنظمات العالمية المعنية بهذا الشأن! لست هنا لإنكار جرائم هذه الحرب اللعينة، ومنها جرائم الاغتصابات، بل ان ما أرتكب من أهوال وجرائم خلال هذه الحرب يشيب لها شعر الصبي، تتحمل مسؤوليتها حتى الآن جميع الأطراف المشاركة في الحرب بما فيهم "الكيزان" ومليشياتهم وكتائب ظلهم. ولكني هنا لنناقش (سليمى) وقسمتها الضيزى، وعدم حيادها وأهليتها أخلاقياً وسياسياً، بل انها ووحدتها ووزارتها ووزيرها طرفاً أصيلًا في هذه الحرب، ما يجعل أقوالها وتقاريرها دعاية حرب وليست تقارير حقوقية مستقلة ! استمعت قبل فترة لتسجيل مشبوه – ومشبوه لأنه متداول ومنتشر بسرعة فائقة بأوساط الكيزان- وهو تسجيل لامرأة قالوا انها ناجية من الاغتصاب، وكانت تردد فيه: (هم الدعم السريع.. عرفتهم عرفتهم .. كانو كتار وعندهم كلاشات كتيرة.. وقروش كتيرة .. كتيرة كتيرة.. وتلفونات كتيرة.. وحاجات كتيرة.. حاجات مسروقة كتيرة). ما قاله التسجيل هو تمامًا صورة قوات الدعم السريع التي يستميت (الكيزان) في تعميمها وتصديرها إلى العالم. وهي صورة (الجنجويد) الأوباش الذين يسرقون ويقتلون ويغتصون، وكأنهم لا يخوضون حرباً بل متفرغون لارتكاب الموبقات من داخل منازل المواطنين. وهي دعاية يبرع فيها (الكيزان) – مؤسسين الجنجويد الحقيقيين- ولهم فيها خبرة وباع وذراع، وهي دعاية تهدف لإفراغ الموقف الميداني الحربي لقوات الدعم السريع، وتعريتها من أية مرجعية عسكرية أو سياسية أو أخلاقية، ونزع أي بعد وطني عنها! الاغتصاب فعل مؤسسي في التكوين النفسي للإخوان المسلمين، له تاريخ طويل وتسنده أدلة وشواهد، مارسوه في بيوت الأشباح منذ العام (1989) وحتى العام (2019)، حين انكشف للناس احتفاظهم بعناصر في جهاز الأمن والمخابرات وظيفتها الأساسية هي اغتصاب المواطنين (نساءً ورجالاً)! وهي مُمارسات إجرامية مورست بطريقة ممنهجة، استخدمت كسلاح لمدة ثلاثة عقود لكسر المعارضين السياسيين في الخرطوم، ولقهر انسان دارفور واذلاله! وقد قال الترابي في حديث من أحاديثه عن عقوق تلاميذه، إن "البشير" قد قال تعليقاً على تقرير غربي عن استخدام نظامه الاغتصابات كسلاح في دارفور: (أليس فخرًا للمرأة الدارفورية ان يغتصبها جعلي؟!). وهي إضافة إلى أنها تعكس منهجية الاغتصابات وجرائم تنظيمه، فهي أيضاً تعكس الممارسات العنصرية المقيتة لنظامه، واعتبار إنسان دارفور في مرتبة أدنى من كل مخلوقات الأرض، وهذا التوصيف العنصري البغيض يشمل "سليمى إسحق" نفسها ! إن العنف الجنسي شيء راسخ ومتجذر في عقلية الكيزان، يمارسونه شذوذاً وجرائم، ومن يشاهد عناصر مليشياتهم الآن وهم يصرخون صراخا هيستيريا وهم يشيرون أياديهم بحركة تشير للفعل الجنسي (بل.. بل بس..جوه) لابد انه سيفهم حديثي هذا !! منسوبو قوات الدعم السريع ليسوا من الملائكة، وليست قوات خالية من الانتهاكات، ومن يقول غير ذلك لا يقول الحقيقة، وهي قوات بها منفلتون يمارسون نفس ممارسات قوات الجيش ومليشياته، وقد اعترف بذلك قائدها (حميدتي)، بل أعلن مرارًا وتكرارًا في خطابه إدانته لأي انتهاكات، ومنها العنف الجنسي، كما قام بتشكيل لجان تحقيق داخلية ولجان ميدان للنظر في أي شكوى تخص انتهاكات أي عنصر من قواته وشكل لجان محاسبة . وذهب أبعد من ذلك مُطالبًا بتشكيل لجان تحقيق دولية مستقلة. فعل كل ذلك ولكن (الكيزان) عندما عز عليهم النصر في ميادين المعارك ذهبوا لينتصروا بالأكاذيب والفبركات، كانوا في السابق يستخدمون الاغتصاب كسلاح ضد خصومهم في ساحات الميادين السياسة وهاهم يستخدمونه في ميدان المعارك الحربية، التي تتطلب السلاح الحقيقي، والذي سقط وسقطت معه اسطورة الجيش مصنع الرجال، فصاروا هم و (سليمى) سواء، والبراهين كثيرة على ذلك، وأولها بُكاء (البرهان) أمام عتبة الأمم.