في تبريرهم لموقفهم الغريب الداعم لاستمرار الحرب المدمرة في السودان، لجا بعض الكتاب والمفكرين الى الاستناد الى حجة عجيبة وهي ان دعمهم ووقوفهم مع الجيش ضد الدعم السريع في هذه الحرب يعني دعمهم ووقوفهم مع وجود الدولة وأن دعم الدعم السريع يعني تقويض وفناء الدولة. التفسير البسيط لمنطق هؤلاء انهم يجعلون الدولة تساوي وجود الجيش، اي بمعنى اخر عدم وجود جيش في اي دولة يعني عدم وجود دولة من الأساس. وهذا منطق معوج وغير سليم وتبرير من لا تبرير له، والادلة كثيرة لضحده. هل يعلم هؤلاء ان هناك دول في هذا العالم لا تملك جيشا، مثل كوستاريكا، وهناك دولا لا تملك جيشا وتعتمد في الحماية على دول اخرى مثل اندورا التي تعتمد في الحماية على فرنسا واسبانيا، وساموا التي تعتمد على نيوزلندا. هل يعلمون ان دولة مثل اليابان رغم ان لها قوات دفاع عسكرية الا ان دستورها ينص بعدم وجود الجيش بشكله المفهوم لدينا، حيث نصت المادة التاسعة في دستور اليابان على: ( تتخلى الدولة رسمياً عن حق السيادة في القتال وتهدف إلى سلام دولي قائم على العدالة والنظام). (وأنه لتحقيق هذه الأهداف، لن يتم الحفاظ على القوات المسلحة ذات الإمكانات الحربية.) بغض النظر عن اسباب وتاريخية هذا النص الا انه مازال محترما. هل يعلم هؤلاء ان في دولة موريشيوس ألغى البرلمان وجود الجيش ،كذلك في دولة بنما صوت البرلمان بإلغاء الجيش، وتم الاحتفاظ بقوات عسكرية محدودة في الدولتين. نفس الامر ينطبق على أيسلندا وهايتي حيث لا يوجد جيش بالمعني المفهوم في المخيلة، وانما مجرد قوات محدودة كالشرطة. ونعلم جميعا أنه في مايو/2003 بعد غزو العراق تم إصدار قرار بحل الجيش العراقي بالكامل وحل وزارتي الدفاع والإعلام، وإلغاء عدد من أجهزة الأمن والتنظيمات الشعبية، وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس الجمهوري، وإلغاء جميع الرتب العسكرية لنظام صدام حسين، وفي اغسطس من نفس العام تم إصدار قرار بتشكيل جيش عراقي جديد. بناءا على كذلك مساواة وجود الدولة بوجود الجيش هذا عبط ليس إلا، ومبرر ضعيف وهش لدعم حرب عبثية تدمر الدولة وتمزق البلد وتقودها الى درب الفناء، فعلى هؤلاء ان يبحثوا لهم عن مبرر اخر موضوعي غير هذا المبرر الواهن. والأفضل بالطبع لهم وللدولة ان يثوبوا الى الرشد ويقفوا مع الموقف السياسي الوطني المحلي والموقف السياسي العالمي المتطابق الذي يرى ان هذه الحرب اكبر مهدد للدولة السودانية والشعب السوداني واستقراره ومستقبله، وان ايقافها ومعالجة اسبابها بالحوار والتي هي احسن هو افضل الخيارات لضمان استمرار وجود السودان دولة وشعب. يوسف السندي [email protected]