مما لا شك فيه ولا جدل بشأنه؛ عندي، وهذا ليس ناتجاً عن أهواء أو رغبات شخصية، وإنما لدى بما يفيض من المعلومات والأدلّة والإثباتات عليه، أنّ الجيش – أو جهة (خارجية) داعمة له، هي التي فجّرت جسر شمبات صباح اليوم، كما فجرت قبله بعض مستودعات النفط بمصفاة الجيلي، شمال الخرطوم. في الواقع، عندما تواتر هذين الخبرين واحداً تلو الآخر، خطرت لي فوراً القصة القديمة المعادة والمستعادة دومًا، قصة؛ (البصيرة أم حمد)، تلك المرأة التي كان يظن فيها أهل قريتها الحكمة والبصارة؛ فخفوا إليها زرافا ووحدانا يطلبون رأيها في (عجل) أدخل رأسه في (بُرمة) ماء "إناء فخاري"، ليشرب، فلم يتمكن من إخراجه، فقالت لهم اذبحوا العجل أولاً، ففعلوا، لكن بقي الرأس داخل البرمة، فطلبت منهم كسرها لإخراجة، فكسروه، وبذلك فقدوا العجل والبرمة. ومُنذ الأيام الأولى لحربهم اللعينة في 15 أبريل الماضي، ظلّت (البصيرة أم حمد) ممثلة في الكتائب الإعلامية التابعة لمليشيات علي كرتي وبلابسة قناة طيبة التابعة للإرهابي عبد الحي يوسف، وناشطي التواصل الاجتماعي و"اللايفاتية" مدفوعي الأجر التابعين للفلول والاستخبارات، يطلبون من الجيش ضرب (كوبري) شمبات، ظناً منهم أن ذلك سيؤدي إلى تقويض خطوط إمداد وتعزيزات الدعم السريع بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان؛ وربما عزل عشرات آلاف من مقاتليها عن بعضهم وتقييد حركتهم، وهاهو كوزهم وناطق جيشهم الرسمي – كعادتهم ودأبه في الكذب – يصدر بيانًا يعلن فيه عن تفجير الجسر، ويتهم على الفور قوات الدعم السريع بتنفيذ عملية التفجير، بعدها مباشرة طفق كيزانه يهللون ويكبرون معلنين قطع شريان الحياة وخط الامداد الرئيسي لقوات الدعم السريع، بحسب وصفهم، ومع ذلك يريدون من العالم أن يصدق أكاذيبهم وتُرهاتهم، بان (قوات الدعم السريع) هي التي قطعت خط الإمداد عن (قوات الدعم السريع)- يا للغباء! والواقع أن خطوط إمداد الدعم السريع – لا علاقة لها بجسر شمبات، وهذا من المعلوم بالضرورة لأي متابع خارجي، لكنه الجيش ياسادتي، الذي يديره الكيزان المأفونين ومن لف لفهم من سواقط السوشال ميديا، أشخاص بلا هوية؛ ونكرات يحركون ويوجهون قيادته ويدفعونها نحو الهاوية. ان أحد أسباب هزيمة الجيش في الخرطوم ودارفور وكردفان وخساراته الفادحة لجميع المعارك التي خاضها مع قوات الدعم السريع، هو اسئناسه برأي هؤلاء الموتورون الجهلة، لأن المتضرر الأول من تدمير جسر شمبات هو الجيش المحاصر في بحري والخرطوم، وهؤلاء الضباط والجنود المحاصرون في سلاح الإشارة والقيادة العامة وحطّاب، لن يجدوا بُدّا من الاستسلام قريباً أو الهروب، فاما النهر أو الموت جوعاً، بعد أن ضربتهم قيادتهم ضربة موجعة برأي (البصيرة أم حمد)، فذبحت عجلهم وكسرت (برمتهم)؛ ولله عاقبة الأمور. وأحد مكونات (البصيرة أم حمد)، وهو شخص (بلبوسي) عنصري؛ يقود طيفاً من الغوغاء والرعاع والسوقة والبُغاث لتأسيس ما سماها (دولة النهر والبحر)، اعترف أن جهة أجنبية أطلق عليها (دولة نحبها وتحبنا) بانها من دمرت الكوبري، بمعنى أن الدولة (المحبوبة المُحبة) هذه، استجابت لطلب البلابسة والفلول؛ وضربت لهم جسر شمبات؛ ولربما حديث هذا البلبوسي العنصري فيه شيء من الصحة، فهذا ما أكده لي أيضًا خبير عسكري مرموق، قائلًا أن قوة التفجير ودقته هذه، لا يمتلكها الجيش ولا الدعم السريع، ورجح – للأسف- تحليل (البلبوس الأكبر) عليه اللعنات العظيمة. إذاً، إن صح هذا التحليل، فإنّ جميع السودانيين سيتعرفون على هذه الدولة التي تحدث عنها كبير البلابسة، واعترف بضربها الكوبري، من باب التأييد وليس الممانعة والإدانة، وبالتالي؛ وعندما يتأكد ذلك فلن ينسى لها شعبنا تدمير مقدراته وبنيته التحتية وستدفع ثمن ذلك غالياً – فالأيام دولٌ ولكل فعل ثمن يُدفع ولو بعد حين. بالنسبة لي، فإن تفجير بعض مستودعات مصفاة الجيلي والشروع في تدمير الجسور، يعد مؤشراً قويّاً على هزيمة الفلول، واقرار وتعبير عنيف عن منتهى الضعف والهزيمة في حربهم التي يرفعون فيها (الجيش) على أسنة رماحهم الصدئة، وأقول قولي هذا بناءً على قاعدة عسكرية ذهبية، وهي أنّ الجيوش المنهزمة تكون في حالة نفسية ومعنوية يُرثى لها؛ ما يكرس فيها طاقة تدميرية هائلة، على مبدأ (عليّا وعلى أعدائي) فالهزائم المتلاحقة والمُتتالية التي مُني بها جيش ومليشيات (علي كرتي)؛ لم تكن بأي حال من الأحوال بسبب وجود (كوبري شمبات)، وإنما بسبب ضعف الجيش الذي دمروه، وعدم رغبة الجنود -من غير الكيزان- في القتال بدون هدف ولا قضية وطنية، فقط من أجل وصول كيزان البرهان إلى السلطة، لذلك فإن تغييب الجسر وخزانات النفط لن تحقق انتصارات ولن تحول دون الهزيمة، وإنما الأمر في صُلبة محض مُعادل نفسي تعويضي للخسارة، ورغبة في الانتقام من الشعب بتدمير البنيات الأساسيّة، قبل الهروب الأخير، فالجيوش المهزومة المنسحبة؛ كما أسلفنا تدمر خلفها كل شئ إذ تعتريها وتسري في أوصالها رغبة الانتقام، وتخّلف ورائها خراباً مديداً، وهكذا يفعل الكيزان والبلابسة والفلول الآن، ولن يستنكفوا لاحقاً الاستعانة بالشيطان نفسه، دعك عن الدولة التي (يحبونها وتحبهم)، ولن يجنوا من ذلك سوى المزيد من الخزي والعار والهزيمة. النصر للشعب والهزيمة لمليشيات علي كرتي.