اليوم ذكرى معركة أم دبيكرات، 24نوفمبر1898م، تقبل الله شهداء عنده وأنزلهم منزلتهم مع الصديقين والصالحين، وسيرنا على دربهم وثبتنا عليه، وألخقنا بهم، وهو راض عنا. آمين. الدكتور عبد المحمود ابو "أم دبيكرات – في الفروة كان حسن الختام" المشهد الأخير لخليفة المهدي وصحبه يلخص لنا الفرق بين الراكنين إلى الدنيا الفانية وبين أولئك الذين قال الله فيهم:(( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا))، هؤلاء الذين استقبلوا لقاء ربهم بثبات أذهل عدوهم وسلبه نشوة النصر واضطره ليقدم لهم تحية تعظيم ويقول عنهم تشرشل إن الخليفة رفض الانسحاب الذي عرضه عليه ابنه عثمان شيخ الدين بصورة وصفها (لا توجد لدي أكثر القادة تحضراً) هؤلاء الرجال كانوا واعين برسالتهم في هذه الحياة، ومدركين أنهم ملاقوا الله وكانوا يرددون في دعائهم صباح مساء "وشوقنا إلى لقائك يا أرحم الراحمين". اليوم الجمعة 24نوفمبر 2023م مرت على واقعة أم دبيكرات 140 سنة بالتمام والكمال، حيث كانت الواقعة في يوم الجمعة 24نوفمبر 1899م إننا في ذكرى هؤلاء الأبطال نخرج بالدروس الآتية : أولا: الدعوة التي أعلنها الإمام المهدي عليه السلام وآمنوا بها كانت دعوة تجديد وإحياء من انتمى إليها يدرك أن مهرها التضحية، ولذلك ظلوا في جهاد واضعين نصب أعينهم "واجعل لقاءك مأملنا في جميع ساعات الليل والنهار". ثانيا:بايع هؤلاء الشباب الإمام المهدي على الجهاد والزهد في الدنيا، فأوفوا بما وعدوا وبين واقعة الجزيرة أبا الأولى وأم دبيكرات، وقعت أحداث كلها تصب في الهدف الأسمى إحياء الكتاب والسنة في سلوك الأفراد وفي علاقات المجتمع وفي منهج الدولة، فتحقق لهم ما أرادوا وترسخت مفاهيم الدعوة ومبادئها، فمن الطبيعي أن يسلم هذا الجيل الراية لجيل جديد، تعبر عنه أبلغ تعبير رؤية"ياجابر أرفع الراية" ثالثا: خليفة المهدي أدار الدولة بحنكة وحزم في ظل مؤامرات داخلية وتربص خارجي، فلم تلن قناته ولم يساوم في المبادئ، وثبت قاعدة "فلتذهب الدولة ولتبق الدعوة"، والذين نالوا من شخصيته جهلا نقول لهم اقرؤوا رسالة الدكتورة الفرنسية فيفيان ياجي عنه، وكتاب الدكتور سيد أحمد العقيد"الخليفة عبدالله وحكم التاريخ، بين عجز الحفدة وعمالة السفلة" والذين تطاولوا عليه حقدا وعمالة للمستعمر نقول لهم موتوا بغيظكم وعند الله تجتمع الخصوم، ونقول لهم ما قاله المعري: إذا وصف الطائي بالبخل مادر وعير قسا بالفهاهة باقل وقال السهى ياشمس أنت ضئيلة وقال الدجى يا صبح لونك حائل وطاولت الأرض السماء سفاهة وفاخرت الحصب الحصى والجنادل فياموت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل رابعا:موقف الأمير الشاب أحمد فضيل وهو يتحرك بجيشه من القضارف في رحلة شاقة ليلحق بخليفة المهدي في أم دبيكرات ومعه قلة من الجيش، يوضح عزيمة هؤلاء الرجال وأنهم خلقوا ليعلمونا معنى التضحية والثبات والصبر عند اللقاء. الحرب صبر واللقاء ثبات والموت في شأن الاله حياة خامسا: مشهد اللقاء الأخير يدحض كل الافتراءات التي نسخت حول خليفة المهدي، فبعد عام من كرري يلتف حوله رجال يمثلون كل مناطق السودان الخليفة علي ود حلو، والأمير عثمان دقنة، والأمير أحمد فضيل، والامير بشير عجب الفيلا، والسيد الصديق ابن المهدي، والأمير علي الجلة، وغيرهم من أبطال ذلك المشهد،منهم من استشهد ومنهم من كتبت له النجاة، مما يؤكد أنهم أصحاب رسالة عاشوا لأجلها واستقبلوا لقاء ربهم وهم على قلب رجل واحد. سادسا:شهادة العدو الذي يلاحقهم تؤكد إلى أي حد عظمة هؤلاء الرجال، ففي تاريخ (25/11/1899م) أي ثاني يوم للمواجهة الأخيرة أرسل ونجت مدير المخابرات تقريره للسردار جاء فيه (... استدعي – يقصد الخليفة – أمراءه وأمرهم بأن يترجلوا من جيادهم وجلس على فروته كعادة كبار زعماء العرب الذين تأبى نفوسهم الاستسلام للعدو وأجلس الخليفة علي ود حلو على يمينه وأحمد فضيل على يساره بينما جلس بقية الأمراء حولهم، والحرس أمامهم على بعد عشرين خطوة، في هذا الوضع قابلوا الموت بثبات دون أن ترمش لهم عين). وأضاف (وتحت إشرافنا أجريت لهم مراسم دفن تتناسب مع مقامهم بوسطة رجال قبائلهم" سابعا:من مواقف هؤلاء الرجال استمد أحفادهم روح الوطنية لمواصلة المسيرة مصداقا لمقولة صاحب الدعوة" ناري هذه أوقدها ربي وأعدائي حولها كالفراش كلما أرادوا أن يطفئوها أحرقوا بها وصار أمري فاشيا" وصدق عبدالله محمد عمر البنا: الحرب صبر واللقاء ثبات والموت في شأن الإله حياة الجبن عار والشجاعة هيبة للمرء ما اقترنت بها العزمات والصبر عند البأس مكرمةومقدام الرجال تهابه الوقعات والاقتحام إلى العدو مزية لا يستطاع لنيلها غايات العمر في الدنيا له أجل متى ينقضى فليس تزيده خشيات فعلام خوف المرء أن يغشى الوغى نفس الكريم وحانت الأوقات والفخر كل الفخر بيع النفس لله الكريم وأجرها الجنات إن الجهاد فضيلة مرضية شهدت بمحكم أجرها الآيات قد حاز هذا الافتخار جميعه صحب الإمام السادة القادات قوم إذا حمي الوطيس رأيتهم شم الجبال وللضعيف حماة ولباسهم سرد الحديد وبأسهم شهدت به يوم اللقا الغارات وحلوقهم صدأ الحديد لحزمهم قتل الأعادي عنهدهم عادات في السلم تلقاهم ركوعا سجدا أثر السجود عليهم وسمات وتخالهم يوم اللقاء ضراغما