لأحمد البلال الطيِّب؛ أقدم انتهازيي الصحافة السودانية، شهادة في الكوز الصحفي عثمان ميرغني، قال: إنّه طوال حياته لم يستطع أحد أن يأكل ماله إلاّ عثمان ميرغني، متعجبا من سعة حيلة الرجل الطامح للثراء والسلطة في آن!. ومن أحاديث السياسة ما أذاعه، ميرغني؛ على الناس ليلة أمس الأول مُعقباً على خطاب قائد الدعم السريع الأخير إلى قمة (إيغاد)، وبما اعتاد من مرواغة نوّه بما وصفها بإشارات جيدة في الخطاب، وهنا يقف عثمان موقف (الحاوي) ليرينا ما قرأه هو ولم نقرأه نحن بالكلمة، قائلًا: نحتاج أن نعرف الفرق بين العقل العسكري في الدعم السريع والعقل السياسي؟ والتساؤل الخبيث لامعني ولا قيمة معرفية له مطلقاً هنا، لكنّ (عثمانهم) يرى العقل العسكري في الدعم السريع؛ يضغط على العقل السياسي، ولاُبدّ من الوصول إلى حالة من التوازن- ما شاء الله. ومن يعرف هذا المحتال سيفهم لماذا سجّل حديثه وأذاعه في هذا التوقيت من حيث هو، كأحد أفراد خليِّة القاهرة الإعلامية الكيزانية، والقاهرة لا يسوؤها شئٌ؛ مثل نموذج قيادة قوات الدعم السريع في تجليها الميداني منذ ما قبل القتال؛ وهي قيادة تعلم ماذا تريد وتنفذه باتساق؛ مُحققة نجاحات عملية في القتال وفي السياسة، وأيضا في المجال الإعلامي، إذ ظلّ إعلام الدعم السريع متسامياً ومترفعاً عن نشر الخداع والتلفيق وبث الأكاذيب، فيما كان هذا المُخادع ولايزال يسبح عاريًا في تيار أكاذيبه الذي لا مصب له؛ كاصراره على كذبة وفاة حميدتي سخفاً وسوء أدب؛ ثم يلج بغباء مُتأصل ومطبوع في تبخيس انتصارات الدعم السريع في دارفور، ليتحدث والقراء والمستمعون يضحكون عليه، بأنّ ظهور عبدالرحيم دقلو في دارفور وتوليه القيادة يؤكد وفاة حميدتي، فأي عقل هذا؟ هل هو العقل الحبرتجي؟ أم هو العقل المعتل؟ أم العقل النهاب الذي يأكل رواتب وحقوق الصحفيين؟ أم هو عقل النزوات والمُتع السريعة الذي يستهلك وجود الآخر؛ فيما تظل ذات النظرة الباردة الميتة ترتسم في وجه منخسف الملامح ككوز لا يكترث أبدا بما فعل وما يفعل. يريد ميرغني، باستخدامه لمفردات، مثل (العقل السياسي – توازن) أن يبدو وكأنه يقدِّم فتوحات جديدة في التحليل السياسي، ويظن أن احتيالاته الباهتة ستنطلي على الجميع، فمتى كانت تجزئة الموقف الواحد المتسق تُعبِّر عن تجديدٍ سياسي؟ ويمضي المحتال، في حديثه حتى يغطي على ميوله نحو جماعته، ببعض الحياد المصنوع بطريقة رديئة ومكشوفة، قائلاً: الجيش لا يُقدم موقفاً سياسياً، هو فقط يرفض بلا ولا، وبمثل هذا التعليق العابر ينتشي كونه انتقد الجيش لكن الايحاء حيلة لغوية وليست فكرة سياسية أبداً، وعثمان أجبن من أن ينتقد جماعته علانية، وبما يكشفهم ؛ ليس لأنهم ضربوه وأذلوه ذات يوم، بل لأن كل مصالحه الوجودية مشتركة معهم تماماً، وخدعته بأن يبدو كناقد لهم مكشوفة ومفضوحة، ليس فقط بما يعرفه الناس عنه من سعة خديعة وتخصص في هذا المجال، بل لأنه لايصبر على ما يخادع به إذ سرعان ما كشف عن ذات مطالب مليشيا الكيزان؛ فخطاب حميدتي الذي كان قبل كلمات قليلة يدعو للسلام صار خطاباً فيه كثير من الثغرات والفجوات؛ وبه خلل كبير. حسناً ما المطلوب إذاً؟ قال النصاب إنّ المطلوب هو تحييد المواطن؛ بحيث يجب ان لايكون جزءاً من الصراع العسكري؛ كي يتابع حياته اليومية بصورة عادية ،(يرجع لي بيته ويمشي لي عمله، واضعاً رجل على رجل، متابعاً معارك الخرطوم العسكرية و ملاحقاً أخبار المفاوضات السياسية خارجها)! بالله عليكم، تخيلوا فقط هذه الصورة الكاركاتورية التي رسمها كبير المحتالين وإمام الدجالين، واحكموا بأنفسكم – أجاركم الله في مصيبتكم. وتستدعي الذاكرة هنا أكذوبة هذا المحتال التي أطلقها في يوليو الماضي بأنه يمتلك معلومات عن المؤامرة التي دبرها أفراد في الحرية والتغيير مع الدعم السريع للانقلاب والاستيلاء على الحكم وغلَّظ كذبته بزعم أن تحدّث لساعاتٍ طوال مع حميدتي؛ لكنه لم يرد ابدا على كل من اتهموه بالكذب أو تحدوه بأن يأتي بدليل على ادعائه؛وكعادته لم يلزم نفسه بإثبات أو نفي، فيما ظل يؤكد على الدوام أن قوي الحرية والتغيير هي سبب استمرار الحرب، وكأن لديها (براء بن مالك – أو ظل – أو نسيبة)، يارجل. إنّ مثل هذا التبلد الوجداني الحيواني هو طبع متأصل في الصحفيين الكيزان ، ويتجلى بشكل ساطع في كبير المحتالين الذي بين يدي الآن، أقلبه كيفما أشاء فأخُجّه وأرُجّه، ويستحق الرجل أكثر من ذلك، فقط لأنه يرى أن بالإمكان أن يذهب الناس الى أعمالهم والعمليات العسكرية مستمرة. لكن الأهم بالنسبه ل(عثمانهم) كفهلوي كوز، أن يضمن هذا المطلب الذي يبدو شعبياً، لمليشيات جماعته تنفيذ خطتهم العسكرية وهي خطة (دماغية) أي ذهنية لا علاقة لها بالواقع، تتلخص في دعوة الدعم السريع لتسليم أسلحتها للجيش ومغادرة الخرطوم، على أن يخلف ميرغني وفلوله أرجلهم؛ ويستمتعون بمشهد الانسحاب اللذيذ. اختار ميرغني ليوهم من يتابعونه، بأنه محلل سياسي لايُشق له غبار، فيما هو (الغبار) عينه، فاختار كلمة قائد قوات الدعم السريع ليتهم من خلالها قواته باحتلال حياة المواطنين وليعيد صياغة شرط الكيزان الغبي المخادع في عبارة جديدة، وكشأنه كمحتال نسي أنه استخدم نفس الكلمة في 30 أبريل وهو لايزال في الخرطوم، وقال وقتها إنّ الهدف الاستراتيجي الأول للجيش هو تحييد قوات الدعم السريع ومنعها من ممارسة أي نشاط في العاصمة، فأي حياة طبيعية يخادع الناس بها؟ ثم لماذا الخداع بأنّ قرارات كتحييد المواطنين لن يكون لها أي تأثير على الميزان العسكري؟ شكراً للحرب على ما فيها من بشاعة، أنها اضطرت هذا المشوه للظهور بكل بشاعاته وبما هو راسخ في داخله من نزعة نحو الكذب وشهوة لقتل الناس.