القوات المسلحة تحث المجتمع الدولي ووسائل الإعلام على توثيق جرائم مليشيا آل دقلو في الفاشر    عثمان ميرغني يكتب: لا خير فينا إن لم نقلها    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    محمد عبدالقادر يكتب: و"سكتت أسيا" فى يوم بالغ الفجيعة    نادي الصفا يكسب خدمات نجم مريخ الابيض كلول    الأحمر يجري مرانه للقاء التعاون    الوادي يبدع ويمتع ويكتسح الوطن بعطبرة    الفاشر الصمود والمأساة    أحد ضباط المليشيا يتبجح بأنه إذا رجعوا إلى الخرطوم فسيحرقونها عن بكرة أبيها    انقلب السحر على الساحر.. لامين جمال يعيش كابوسا في البرنابيو    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    بالصورة.. "داراً بلا ولد ام يسكنها طير البوم".. الفنانة هدى عربي تنعي الشاعرة والمراسل الحربي آسيا الخليفة: (استحقت لقب "نحلة دارفور" وكتبت لي أغنيتين تغنيت بهما)    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    وزارة الثقافة والإعلام تدين اعتقال الصحفي معمر إبراهيم من قبل الميليشيا المتمردة وتطالب بالإفراج الفوري عنه    شاهد بالصورة والفيديو.. الأولى في عهد الخليفة التعايشي.. "الجنجاويد" يغتالون "الطيرة" للمرة الثانية في التاريخ    سيطرة عربية.. الفرق المتأهلة إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا    خالد الإعيسر: الرحلة في خواتيمها    شاهد بالفيديو.. الممثلة المصرية رانيا فريد شوقي تغني الأغنية السودانية الشهيرة (الليلة بالليل نمشي شارع النيل) وتعلق باللهجة السودانية: (أها يا زول.. المزاج رايق شديد والقهوة سِمحه عديل كده)    شاهد بالصور.. الفنان صديق عمر ينشر محادثات بينه وبين مطرب شهير: (زمان كان بخش لي في الخاص وراقد زي الشافع للحقنة وهسا لمن احتجت ليهو حلف ما يرد.. فرفور أصلو ما غلطان عليكم)    جود بيلينغهام يمنح ريال مدريد فوزاً مستحقاً على برشلونة    ترامب: أحب إيقاف الحروب    هل يطبق صلاح ما يعظ به الآخرين؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مناخ تمدُّد مساحات الحرب
نشر في الراكوبة يوم 26 - 12 - 2023


فيصل الباقر

في مناخ تمدُّد مساحات الحرب "المليجيشية" فى السودان، المطلوب مواصلة الضغط لتحقيق وقف الحرب ، وفرض السلام!.
مدار أوّل:
"البلد الحنين .. سمِّيتو يُمٌة و يابا … بين العالمين .. عِزة وجمال ومهابة … الحُزن القديم … تمطر تزيلو سحابة … لا أطفال حزانى … لا نازحين وغلابة …" ((محمد طه القدال))

-1-
أكتُب مساء اليوم 26 ديسمبر 2023م ، ومُدن العالم الآمنة والمطمئنة ، تواصل اِحتفالاتها البهيجة بعيد ميلاد السيد المسيح ، "رسول السلام"، بصورٍ شتّي ، بينما يعيش السودان وأهله وساكنيه ، فى حالة حُزنٍ تام ، وضنك حربيٍّ سام ، وكرب يُثقل الأنفس المحبة للسلام ، ومآسي كُبري ، تسبّبت فيها وعمّقتها وأطالت أمدها الحرب "المليجيشية" الكارثية ، بين الدعم السريع والجيش ، وتابعهما "الأطراف المتحاربة الأُخري"، كما يُطلق عليها مجازاً ، حيث تتواصل – وبصورة متزايدة – أفظع انتهاكات حقوق الإنسان فى السودان ، بهذه الحرب اللعينة والخاسرة ، وقد "وصلت سيوفها زباها"، لتدمّر – يوماً بعد يوم ، وشهراً بعد شهر – المزيد من البني التحتية ، والمنشئات الإستراتيجية ، فى طول البلاد ، وعرضها ، من عاصمة البلاد الخرطوم ، إلى دارفور ، ثُم كردفان! .
-2-
هاهي الحرب "المليجيشية" (("العبثية"))، كما يُطلِق عليها ، ويصفها ، مفجروها ب"عظمة ألسنتهم"، تتمددّ ، وتدخل منعطفاً خطيراً ، لتدشن مرحلة جديدة من الاحتراب والإقتتال طويل المدي ، بدخول قوات الدعم السريع مدينة ودمدني ، عاصمة ولاية الجزيرة ، وقد تمددت المعارك القتالية بين الجيش والدعم السريع ، لتصل إلى تخوم مداخل مدينة سنار ، التي تبعد 60 كيلومتراً من عاصمة الولاية سنجة ، التي تبعد -هي الأُخري- من عاصمة البلاد الخرطوم بحوالي 360 كيلومتر ، وكل هذا وذلك ، يؤكّد أنّ الحديث عن انحسار موجات الإقتتال ، لم يُعد سوي ، مجرّد كلام "ساكت"، ليس له ما يدعمه ويعضده فى الواقع ، وميادين ومسارح القتال ، رُغم الجهود المبذولة من منظومة الإيقاد ، وغيرها ، لتحقيق اختراق ، بلقاء قادة الطرفين (البرهان وحميدتي) المُرتقب فى عنتيبي ، بيوغندا ، أو ربّما غيرها ، للوصول لوقف أصوات البنادق والراجمات ، وانحسار حركة الطلعات الجوية ، والقصف العشوائي للأهداف والأعيان المدنية ، قبل نهاية هذا العام! .
-3-
بعد إعلان قوات الدعم السريع اِحكام سيطرتها الكاملة على مدينة ود مدني ، وعلى أمانة الولاية ، كما على مقر الحامية العسكرية ، أعلن الجيش -فى المقابل- انسحاب قواته من (رئاسة الفرقة الأولى) من مواقعها فى المدينة ، يوم الإثنين 18 ديسمبر 2023م ، وقال الجيش ، فيما قال : أنّه بصدد إجراء تحقيق فى أسباب وملابسات هذا "الانسحاب"، ثمّ مضى قائد الجيش الفريق البرهان ، ليقول -لاحقاً- "ستتم محاسبة كل متخاذل تورط فى أحداث ودمدني ، ولا مجاملة فى ذلك" !.
-4-
بورود عبارات من شاكلة "متخاذل" و"تورُّط" و"مُجاملة"!. فى مثل هذا السياق الحساس ، فإنّ هذا يُعتبر مؤشّراً بارزاً وقوياً ، ل(شيئٍ ما) يجري فى الكتمان فى أروقة الجيش السوداني ، على طريقة عبارة "وحدث ما حدث"، التي أطلقها الفريق الكباشي ، فى تبرير جريمة (فض الإعتصام) من أمام بوابات القيادة العامة للجيش السوداني ، تلك الجريمة النكراء ، التي مازالت أسرارها طي كتمان مدبريها ومنفذيها ، وقد زاد طينها بِلّة ، صمت لجنة التحقيق فى تلك الاحداث التي شكلها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ، برئاسة المحامي نبيل أديب ، ولمن لا يعلم ، فإنّ مثل هذه الجرائم الخطيرة ، لا – ولن – تسقط بالتقادم ، مهما كانت الاسباب والمبررات !.
-5-
كثير من المراقبين العسكريين يعتقدون أنّ انسحاب قوات الجيش من "حامية" مدينة مدني ، فيه مؤشّر قوي لوجود بحيرات مياهٍ آسنة ، ظلّت راكضة تحت جسر العلاقة بين القيادة العليا للجيش ، والقيادات الوسيطة ، و"الرُتب" الأدني من الضباط ، والقاعدة التحتية المكونة من صف الضباط ، والجنود البسطاء ، إذ لم يعد خافياً على الجميع – والحديث للمراقبين العسكريين – "شبهة" تحالف القيادة العليا فى الجيش ، مع كتائب النظام المُباد (البراء) على حساب (وحدة الجيش) ، وبخاصةّ ، أن ظاهرة "الانسحاب" من "الحاميات" والمواقع العسكرية ، والمُدن المهمة ، لم يكن الأوّل من نوعه ، فى مدني ، إذ سبقته "انسحابات" مشابهة ومماثلة ، من مواقع عسكرية أُخري ، من قبل ، ويخشي كثير من الناس أن يسود هذه السيناريو فى مُدن وولايات أُخري ، وهذا مربط الفرس !.
-6-
انتقال المعارك الحربية بين طرفي الحرب "المليجيشية" الكارثية ، إلى ولاية الجزيرة ، وحاضرتها ودمدني ، جعل من احتمالات اتساع رقعة الحرب ، ودخول البلاد مرحلة الحرب الشاملة ، مؤشّراً لحقيقة مخيفة ، بإنضمام ولاية الجزيرة، إلى تسع ولايات سبقتها ظلّت تشهد قتالاً مستمراً وشرساً بين الطرفين الرئيسيين فى الحرب ، والأطراف المتحاربة الأخري ، وهي -لمن لا يعلم- كتائب النظام المُباد ، بمختلف مسمياتها وواجهاتها ، والمليشيات الأُخري ، المتحالفة مع واحدٍ من طرفي الحرب والمدعومة بالمال والرجال والعتاد الحربي منهما ، بل ، نجدها تحارب إلى جانبه "كفاحاً" ، أو تخوض معاركها بالوكالة عنه ، وعن جهاتٍ خارجية ، أصبحت معروفة للجميع ، هي المستفيد الأوّل والأخير من الدمار الذي يحدث -وبفظاعة غير مسبوقة- فى السودان ، مُضافاً إلى ذلك حملات (استنفار) المدنيين ، ليصبحوا وقوداً للحرب الكارثية !.
-7-
فى الوقت الذي تتواصل فيه الحرب الكارثية على الأرض ، تتواصل على الميديا والمنصات الإعلامية والميديا الإجتماعية بين الطرفين ، حرب ضروس أُخري ، لا تقل ضراوة عن الحرب الأصل ، حربٌ ، ترتفع فيها وتائر الدعاية الحربية "البروباقاندا"، التي يصرف فيها الطرفان أمولاً ضخمة ، لتنشر الأخبار الزائفة والمضللة ، والكاذبة ، ويتم عبرها التحشيد ، والتحشيد المُضاد بين طرفي الحرب ، حيث يثمارس خطاب كراهية ضد الآخر والمختلف ، ويتصاعد لمراحل غير مسبوقة ، وهذا يجعل السودان فى حالة اِظلام إعلامي ومعلوماتي شامل ، ويجعل من الشباب المتحمّس وقوداً لهذه الحرب الخاسرة، وترتفع رايات التخوين ، والتحقير والتحريض على كل الأصوات المعارضة للحرب ، والمنادية بالسلام!.
-8-
وقبل أن نودع هذا المقال منصات النشر ، ليقرأه الناس ، هاهي الأخبار تتري بتجدد المعارك فى الخرطوم ، ومناطق ومُدن أخري منها أم روابة والرهد ، والأبيض التي شهدت فى الأيام القليلة الماضية ، حالات عُنف ورُعب جديد ، بسبب تعرّض أجزاء من المدينة لهجوم نفذه الدعم السريع ، لعدة أيّام ، وبلا أدني شك ، فإنّ مثل هذا المنحى الخطير ، يجعل من هذه الحرب كارثة أعظم وأكبر مما توقّع الناس ، ولهذا ، يتوجب بحث كل السبل الكفيلة بإيقافها ، ومُسائلة ومحاسبة مدبريها ، وعدم السماح لهم بأن يكونوا طرفاً فى أيّ ترتيبات "إنتقالية"، بعد الحرب ، وبكلمة أُخري ، عدم مكافأتهم بعودتهم للحكم مرّة أُخري ، على أشلاء ودماء أهل السودان ، عبر تسويات -من الواضح – أنّها تُحاك فى الظلام ، بعيداً عن أحلام وآمال شعبنا فى تحقيق السلام والإستقرار المستدامين، ورغبته فى استكمال مسار ثورة ديسمبر المجيدة !. ولن يتحقق ذلك ، إلّا بتكوين أوسع جبهة شعبية ، لمناهضة الحرب ، وعزل مفجريها عن الحياة السياسية السودانية ، ومحاسبتهم على الجرائم التي إرتكبوها بحق الوطن والشعب ، وما هذا ببعيد ، إذا توحدت إرادة قوى الثورة الحقيقية ، وواصلت مهام وواجبات استكمال ثورة ديسمبر المجيدة ، وحتماً ، فإنّ طريق السلام شاق وطويل ، ولكن ، يبقي أنّ كل من سار على درب السلام المستدام ، سيصل ولو بعد حين !. والمطلوب اليوم -قبل الغد- تكريس كل الجهود لوقف الحرب ، بمواصلة الضغط الشعبي ، والإقليمي والدولي ، على قيادة طرفي الحرب للجلوس المباشر ، لإتخاذ تدابير عاجلة لوقف الحرب ، وتوفير الحماية للمدنيين ، وتحقيق فرض السلام … وهذا ما ينتظره الشعب السوداني ، من الإيقاد ، وأصدقاء الإيقاد ، فهل يتحقق ذلك ، الحلم المشروع ، اليوم ، قبل الغد ؟!.
جرس أخير:
"لا تقف فى بداية الطريق إن وجدت صخرة … فهذه جزء من جسرٍ ستبنيه يوماً لمستقبلك"… /// "يقيس الجنود المسافة بين الوجود وبين العدم بمنظار دبابة … نقيس المسافة ما بين أجسادنا والقذائف بالحاسةِ السادسة …" ((محمود درويش)) .

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.