هذه الحرب أثبتت بالأدّلة القاطعة والشواهد الماثلة أن ما يُسمى بالجيش السوداني لا وجود له، وهذا الذي يقوده المأفون البرهان إنما هو محض مليشيا إرهابية إجرامية متطرفة تتبع لتحالف من شُذّاذ الآفاق والقتلة والمجرمين المتوحشين بقيادة الإخوان (الكيزان) ولفيف من الدواعش وعتاة المجرمين الذين أطلقوا سراحهم من السجون مع بداية الحرب. أقول هذا، وأنا حتى هذه اللحظة في حالة أقرب إلى الذهول جراء مشاهدتي – وما كان يجب أن أفعل – مقطع الفيديو المتداول الذي يُظهر عناصر من مليشيا (سناء/ كرتي) الإرهابية يشقون بمدية حادة البطون بعد القتل، ويخرجون الأحشاء ويلوحون بها ويستعرضونها أمام حشد من الجمهور فيما يطلقون صيحات جنونية – ويا للهول! الجندي الذي كان يحمل الأحشاء، كان يقربها من فمه، يقرب القلب المنزوع والكبد المخلوع ويصك أسنانه في إشارة إلى المضغ ويخرج لسانه متلمظاً، فقد أسال اللحم البشري لعابه وأثار وفتح شهيته. كان مشهداً فاجعاً وغير مسبوق، لم يحدث أبداً في تاريخ الإنسانية، حتى قصة هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بن حرب التي قيل إنها مضغت كبد حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثبت عدم صحتها، وفقاً لإجماع الفقهاء والمذاهب؛ فالذي قتل حمزة هو شخص اسمه "وحشي" وكان وحشي عبداً ل"جُبير بن مُطعِمْ" لأن حمزة قتل والده "مُطعِم بن عُدّي"في معركة بدر، مقابل أن يمنح وحشي حريته، فانتاشه برمحٍ وأصابع في مقتل. وحشي نفسه، قال بعد أن أعلن اسلامه: "قتلت ولي الله وعدو الله"، يقصد بالأول حمزة، ويقصد بالثاني عبد الله بن أُبى بن سلول، وقد قتله وحشي أيضاً. لا قصة أخرى في التاريخ القديم ولا الحديث تتحدث عن أكل الأحشاء ومضغ القلوب والأكباد البشرية، إلا في (قصص) الجيش السوداني (مليشيا الكيزان) في حربه الراهنة، فقد شهدنا مرات عديدة كيف تقطع الرؤوس وتُستعرض، وكيف تؤكل أطراف القتلى وتُستعرض، وكيف يذبح الأسرى أو المدنيين كالشياه وتسفح دمائهم على الأرض وتُستعرض إلى أن انتهينا بالأمس على هذا المشهد المُروّع وانفتحنا على عصر جديد لآكلي لحوم البشر من منسوبي الجيش السوداني. واضح جداً أن هذا السلوك ليس طارئاً ولا تصرفاً فردياً، وإنما عقيدة أصيلة لدى هؤلاء الجنود الوحوش، ولربما ارتكبوا عشرات ومئات من هذا النوع من ذبح البشر والتمثيل بجثثهم واستعراض محتويات أحشائهم والضحك والهذيان والصراخ بهستيريا عندما يبلغون أقاصى اللذة والمتعة وهم يفعلون ذلك. للأسف الشديد، كان الجندي الذي يحمل الأحشاء يقف على متن عربة عسكرية أُعدت كخشبة مسرح (منصة استعراضية) بحضور جمهور يبدو أنه تم استدعاؤه لحضور هذه المناسبة، يضم أطفالاً صغاراً يصرخون الله أكبر، ونساء يزغردن، فيما الجندي حامل الأمعاء يصرخ (حمدوك يا حمدوك) في تهديد واضح وصريح لرئس تنسقية (تقدم) ورئيس الوزراء السابق، في إشارة رمزية لمجمل المعارضين لاستمرار الحرب ولقادة الأحزاب المدنية، بأن هذا سيكون مصيركم! هذا السلوك الذي أصبح سمة لأداء ما يسمى بالجيش السوداني، سيجر البلاد إلى موجات انتقام لا قبل للشعب السوداني بها، فالصبيين الذي مثلوا بجثتهما وأخرجوا أحشائهما وظهروا بوجوههم في لقطات حية، لهما أسرة وأهل، والذين قطعوا رأسيهما لهم أسرة وأهل، والذين سفحوا دمائهم بالقرب من مدينة الأبيض لهم أسرة وأهل، والذي أكلوا يده له أسرة وأهل، فبغض النظر عن أن هؤلاء جميعاً يتبعون للدعم السريع أم لا، فإن من قتلوهم ومثّلوا بجثثهم واستعرضوها أمام الملأ، لن ينجوا بأفعالهم هذه، ولا أشك أن العدالة ستطالهم يوماً ما، ليس ببعيد، لكن ما أخشاه هو ردات الفعل الانتقامية تجاه عناصر (الجيش)، من أهل وأسر القتلى، فقد أصبح جنود مليشيا (سناء/ كرتي) غير آمنين وسط المواطنين، ومن المؤكد (لأن هذا أمر طبيعي) سيتعرضون إلى هجمات انتقامية بنفس هذه الطريقة البشعة، من باب الجزاء من جنس العمل. هذا ليس جيشاً، ورب الكعبة، هذه منظمة إرهابية، ينبغي للجميع الوقوف صفاً واحداً والعمل يداً واحدة لحلها تماماً وتكوين جيش جديد بعقيدة قتالية وطنية ومهام ووظائف وطنية وقومية. الأغرب من ذلك، إن من يملؤون الدنيا نعيقاً وصراخاً بما يسمونها جرائم الدعم السريع واحتلاله المنازل وأمور من هذا القبيل، لا أحد فيهم تجرأ وانتقد وحشية الجيش وذبحه للمواطنين وتمثيله بالجثث واستعراضها في مقاطع فيديو، وكأنها انتصارات عظمية، لا أحد، لا مثقفين ولا صحفيين ولا منظمات حقوق إنسان، فماذا يعني هذا؟ يعني أن هؤلاء ليسوا على سوّية أخلاقية تؤهلهم باتخاذ مواقف مبدئية تجاه جميع الخروقات لحقوق الإنسان بغض النظر عن أي جهة صدرت؟، وبالتالي فإنهم بشكل ما يقفون بجانب مليشيات الكيزان الإرهابية ويدعمونها بالتواطؤ بالصمت عن انتهاكاتها فيما يهرعون خفافاً وثقالا إذا ما شاهدوا جندياً من الدعم السريع يمر أمام منزل "مبارك المتمهدي"، مثلاً. مثل هذا الصمت ليس محزناً فقط وإنما يشي بأن في الأمر رائحة جهوية وعنصرية أيضاً، وموت حس الإدانة يعني موت أمة. ولا حول ولا قوة إل بالله .