بعد مرور ما يزيد على عام من الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، أصبح الشعب السوداني "عالقا في جحيم" العنف، حسب ما أعلنته الأممالمتحدة الأربعاء. بالتزامن مع ذلك، دعت منظمات إنسانية غير حكومية الطرفين المتحاربين إلى "إنهاء العقاب الجماعي" وإعادة الإنترنت والاتصالات في البلاد. وأدت الحرب إلى تفاقم الوضع الإنساني المتأزم أصلا في السودان، وتسبب في تشريد الملايين وتدمير البنى التحتية الهشة؛ في ظل تدخلات دولية زادت من حدة الأزمة. وفي ظل التدخلات الخارجية، أعلن السودان الشهر الماضي، عن استنكاره إعلان وزارة الخارجية الفرنسية تنظيم مؤتمر وزاري بشأن الوضع في البلاد، دون تشاور أو تنسيق أو مشاركة من الحكومة. وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان: "بالإشارة إلى إعلان وزارة الخارجية الفرنسية استضافتها لما أسمته بالمؤتمر الوزاري حول الوضع الإنساني في السودان يوم 15 أبريل الحالي، تعرب الوزارة عن بالغ دهشتها واستنكارها أن ينعقد هذا المؤتمر حول شأن من شؤون السودان؛ الدولة المستقلة وذات السيادة والعضو بالأممالمتحدة، دون التشاور أو التنسيق مع حكومتها وبدون مشاركتها". التدخل الفرنسي التقى في 15 من ابريل الماضي، رئيس الوزراء السوداني السابق، رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبدالله حمدوك، بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بالعاصمة الفرنسية باريس خلال ختام زيارة الأول الى فرنسا؛ تم اللقاء بين الطرفين على هامش مؤتمر باريس حول تقديم الدعم للأزمة الإنسانية في السودان. أجمع الخبراء والمهتمين بالشأن السوداني، أن حمدوك وعلى الرغم من إبتعاده عن المشهد السياسي السوداني، الا أنه الوحيد حتى هذه اللحظة الذي يحظى بالدعم الغربي للعودة الى الواجهة مرة أخرة كرئيس للفترة الإنتقالية السودانية ولإنقاذ البلاد من ويلات الحرب المستمرة منذ أكثر من عام. ولكن المساعي الفرنسية لا تتمثل في عودة حمدوك فحسب، ولكنها تحاول أن تعود مرة أخرى للتواجد في أفريقيا وهذه المرة من بوابة السودان. في السياق يرى محمد صالح عز الدين، أن فرنسا تعلم جيدًا أن عودة حمدوك للسلطة مرتبطة بانتصار قوات الدعم السريع، ولذلك تستخدم قوتها الديبلوماسية لمنع توجيه أي اتهام رسمي لحميدتي قبل انتهاء الحرب. ويشير الباحث والمحلل السياسي السوداني محمد صالح عز الدين إلى أن إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسعى إلى تمكين حمدوك في السلطة. يذكر أن فرنسا خسرت ما كان يسمى ب "الحظيرة الفرنسية"، المتمثلة بسيطرتها السياسية والعسكرية على عدة دول أفريقية، حيث خسرت تأثيرها على مالي وغينيا بوركينا فاسو والنيجر ومؤخرًا الغابون، بعد انقلابات عسكرية وتغيرات سياسية في هذه البلاد، ولهذا تسعى الإدارة الفرنسية إلى إعادة نفوذها مرة أخرى عن طريق السودان، والتي تملك مخرج على البحر الأحمر وحدود مع دول الساحل الأفريقي، وتملك العديد من الثروات الزراعية والمعدنية.