والي نهر النيل يوجه بتعليق وايقاف الأنشطة الرياضية والثقافية تمشيا مع اعلان حالة التعبئة والاستنفار بالولاية    الذهب يقلص مكاسبه بعد خفض الفائدة الأمريكية وتصريحات باول    بالصورة.. مايسترو الهلال والمنتخب الوطني ينشر تدوينة مؤثرة عن أحداث الفاشر: (كيف لنا أن نلهو.. الجسد موجود لكن القلب والروح والبال في الفاشر كل صورة وكل فيديو يأتي من هناك بمثابة سكرات موت)    مجلس رعاية الطفولة: مقتل ألفي طفل وفقدان (3) آلاف سيدة و(1500) مسن على يد المليشيا بالفاشر    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يصطفون خلف الفنانة رحاب عذاب في شكل "حلقة" ويدخلون معها في وصلة رقص مثيرة وساخرون: (عالم فارغة الناس في شنو وانتو في شنو)    شاهد بالصورة.. جمهور فريق الجيش الملكي المغربي يرفع لافتة في إحدى المباريات: (لأهل السودان وفلسطين لن يؤخر الله جزاء الظالمين)    لماذا يتفاخر عناصر الدعم السريع بقتل المدنيين بالفاشر؟    شاهد بالصورة.. لاعب ريال مدريد ونجم الكلاسيكو الأخير يدعم السودان بهشتاق: (أنقذوا السودان)    150 مليون إسترليني تعيد صلاح لدائرة الاهتمام السعودي    شاهد بالفيديو.. "الشمار" يتسبب في غضب وانفعال الفنانة ندى القلعة تفاجئ جمهورها    كامل إدريس..دماء الضحايا لن تذهب سدا بل ستكون منارة وذكرى للعالم بثباتهم وصمودهم    الجنوبيون يرتكبون الفظائع على الأرض ويتباكون في الأسافير    الملاعب.. والمتاعب السودانية..!!    إعلامية كتبت يوم سقوط الفاشر: (يوم حزين، الفاشر وبرشلونة)    في كم واحد مبسوط من البعملوهو زي السفاح أبو لولو؟    سقوط السودان بيعني تساقط دول كثيرة بعده، زي قطع الضمنة: domino effect    ليفربول يواصل الترنح بخسارة جديدة في كأس الرابطة الإنجليزية    شاهد بالفيديو.. وصفت نفسها بأنها "ترند مصر الأول".. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تحيي حفل زواج مصري وتغني وترقص على طريقة راقصات مصر    صفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟    وزير الطاقة يتلقى خطاب تهنئة من نظيره الاذربيجاني    بيان حول الدعوة للمشاركة في ورشة نيون – سويسرا    الرئيس التنفيذي لإكسبو 2030 الرياض: دعوة 197 دولة للمشاركة وتوقعات باستقبال 42 مليون زائر    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    نادي ساردية شندي يوزع المعدات الرياضية    الرابطة نوري بطلاً لكأس السودان المحلي كريمة مروي    كامل إدريس يؤكد الإهتمام بدعم وتطوير القطاع الزراعي    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوابيس الموت والجوع والمرض في الفاشر السودانية
نشر في الراكوبة يوم 04 - 06 - 2024

تشهد مدينة الفاشر، العاصمة الإدارية لإقليم دارفور وعاصمة ولاية شمال دارفور، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 10 مايو/ أيار الماضي حصدت مئات الأرواح، وخلّفت دماراً كبيراً في المنازل والمنشآت المدنية، وسببت نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، مع انعدام المياه والكهرباء والاتصالات الهاتفية، ما دفع كثيرين إلى النزوح.
ولم تتأثر المدينة وحدها بالقتال الذي امتد إلى مناطق أخرى في إقليم دارفور، علماً أن الفاشر مركز للعمليات الإنسانية والمساعدات الغذائية والدوائية التي توزع على بقية المناطق.
ومع استمرار القتال، زادت دول وحكومات ومنظمات دولية وإقليمية تحذيراتها من تدهور الوضع الإنساني في المدينة التي يعيش فيها أكثر من مليوني شخص، بعضهم نزحوا من حرب سابقة اندلعت في إقليم دارفور عام 2003، وكانوا يعتمدون على تقديم منظمات دولية مساعدات إنسانية لهم، والتي خرجت غالبيتها من المدينة بعد اندلاع القتال الأخير قبل نحو شهر.
وقال منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، إن "المعلومات الواردة من الفاشر تثير قلقاً عميقاً على صعيد الخدمات الصحية السيئة، وتدهور الوضع في معسكرات النازحين". وأبدت أسفها لاستهداف البنى التحتية المدنية الحيوية من أطراف النزاع.
أما المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، فوصف التقارير الواردة من مدينة الفاشر بأنها "مروعة". وكتب على منصة إكس: "الهجمات مميتة على المدنيين في الفاشر، والروايات مرعبة عن استهدافهم، والناس خائفون جداً من نقاط التفتيش، لدرجة أنهم لا يجرؤون على الفرار". وطالب بأن "يتوقف العنف المتعمّد ضد المدنيين، واحترام حقهم في الأمان، ووقف إطلاق النار".
وحذرت الأمم المتحدة مرات من أن فرصة تجنب حدوث مجاعة في مناطق الصراع تضيق بسرعة، مع بدء موسم الأمطار في شهر يونيو/ حزيران المقبل، ما سيجعل الوصول إلى طرق النقل الحيوية غير ممكن.
وكشف تقرير أصدرته منظمة الهجرة الدولية أخيراً نزوح 1500 أسرة من مدينة الفاشر ومعسكر أبو شوك للنازحين، وسط ظروف إنسانية بالغة التعقيد.
واتهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قوات الدعم السريع بالتورط في عملية تطهير عرقي عبر تنفيذ قصف عشوائي لأحياء المدينة ومعسكرات النزوح والمستشفيات بهدف تهجير السكان خارج المدينة.
وكتب مناوي على "فيسبوك": "قتِل 47 شخصاً، هم 30 مدنياً و17 عسكرياً وجرح 82 غالبيتهم أطفال ونساء، في القصف المدفعي العشوائي للمدينة من قبل قوات الدعم السريع". تابع: "ارتكبت قوات الدعم السريع أكبر عملية تطهير عرقي في أقصر وقت، بعدما قصفت عشوائياً المنازل والمستشفيات بغرض تهجير الشعب من المدينة وجعلها منطقة أشباح، كما الحال في مدن زالنجي ونيالا والجنينة. من يعتدون على الفاشر هدفهم إبادتها وإخفاء آثارها الحضارية العظيمة من أجل بناء مدينة همجية على أنقاضها".
أيضاً ناقش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان، رمطان لعمامرة، الأوضاع في الفاشر. وقال لعمامرة بعد الاجتماع: "أصدر مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بيانات أكدت ضرورة تفادي أي انزلاق إلى كارثة إنسانية لا تحمد عقباها في مدينة الفاشر، والأمم المتحدة حريصة على حماية المدنيين والتوجه إلى التهدئة وحلّ كل المشاكل القائمة عبر الحوار".
يروي سكان في الفاشر قصصاً مأساوية للأوضاع الميدانية السائدة. ويخبر إبراهيم من حي السلام "العربي الجديد" أن قذيفة أصابت منزله، ما أثار رعب أطفاله وزوجته، لذا قرر ترك المنزل بعدما تهدم جزء منه، والبحث عن منطقة آمنة في مركز إيواء يقع غربي المدينة. لكن أسرته لا تزال تشعر بخوف.
ويقول أحمد إسحق ل"العربي الجديد": "نعيش مآسيَ كبيرة تشمل كل الجوانب الحياتية، فالأوضاع غير إنسانية في ظل اندلاع معارك يومية واستهداف القصف المدفعي الأحياء المدنية ومعسكرات النزوح، وتوقف الإمدادات الغذائية نتيجة انعدام الأمن على الطرق وتعمّد مهاجمة القوافل التجارية. وهكذا يعاني المدنيون نقصاً حاداً في الغذاء، فالخروج لتوفير وجبة غذائية واحدة محفوف بالمخاطر.
ويؤكد مسؤول حكومي فضّل عدم ذكر اسمه ل"العربي الجديد" أن الحكومة تضاعف جهودها لتوفير الضروريات الحياتية، مثل الغذاء والمياه والدواء، وتبذل قصارى ما تستطيع لفعل ذلك، وهي تحث المجتمع الدولي على تقديم المزيد من الإغاثة شرط التزام ضمان وصولها وتجنيبها أي اعتداء.
ويعبّر الصحافي محمد سليمان اتيم المقيم في الفاشر، ل"العربي الجديد"، عن حزنه على المدينة التي تشهد موجات موت يومية منذ 21 يوماً بسبب قصف قوات الدعم السريع الأحياء الجنوبية الشرقية، مثل السلام والإنقاذ والوحدة وأولاد الريف ومكركا. ولم تسلم من هذا القصف المستشفيات وباقي المؤسسات الخدماتية. والمستشفى الجنوبي هو الوحيد الذي يستقبل المرضى والجرحى حالياً، ويعمل بكل طاقمه الطبي رغم الظروف الأمنية السائدة بفضل جهود السلطات المحلية والخيّرين والشباب وأبناء المدينة في دول المهجر.
ويذكر سليمان أن المدينة تشهد حركة نزوح كبيرة من الأحياء الخطرة إلى الأحياء الآمنة أو إلى خارجها، وتحديداً إلى أحياء مليط وكلمندو ودار السلام وودعة وطويلة.
ويشير إلى أن المدينة تواجه أزمات أخرى، مثل نقص المياه الصالحة للشرب وتوقف شبكات الاتصال وانقطاع التيار الكهربائي. ويلفت إلى دعم منظمة أطباء بلا حدود تشغيل مركز صحي يضم أقساماً لإجراء عمليات جراحية، وبنكاً للدم وعيادات للأمراض الباطنية وللنساء والتوليد، في حين لا يتوفر أي مستشفى أو مركز لطب العيون.
أما أحمد عبد الله من منظمة شباب من أجل دارفور، فيقول ل"العربي الجديد" إن "نازحين حاولوا الهرب قُتلوا أو نُهبوا، كما اغتُصبت نساء. لا يمكن وصف الوضع الإنساني في الفاشر بأي عبارات. يزداد تدهور الأمور يوماً بعد يوم نتيجة مهاجمة قوات الدعم السريع قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها، وقتل عمال الإغاثة أو اعتقالهم وتعذيبهم".
ويحذَر من "تدهور الخدمات الطبية وتدمير الأسواق البسيطة التي تتوفر فيها بعض المواد الغذائية التي يشتريها المواطنون رغم أن أسعارها مرتفعة، فهم مضطرون إلى فعل ذلك من أجل سدّ رمق الأطفال الجوعى والنساء وكبار السن. وهذه الأسواق تتعرض أيضاً لهجمات".
ويعتبر عبد الله أن ما يحدّ من عمليات النزوح هو عدم وجود مناطق آمنة في دارفور، كما أن مدنيين كثيرين حريصون جداً على التمسك بالبقاء في منازلهم. ويشير إلى أنه لا يمكن حصر عدد القتلى، وعدم دفن بعضهم.
ويدعو أحمد عبد الله العالم الخارجي إلى التحرك بصدق وشفافية، والتعاطي بإيجابية مع الأوضاع الإنسانية في الفاشر وكل السودان، والتعامل بحسم مع ما سماها "المليشيا الإرهابية (قوات الدعم السريع) التي أوصلت جميع السودانيين إلى هذا الوضع الإنساني المزري الذي يقع ضرره الأكبر على الشرائح الضعيفة".
وتزداد الدعوات الأممية والدولية لتجنيب البلاد كارثة إنسانية قد تدفع ملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد. ومنذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" حرباً خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من ثمانية ملايين نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.