بعيداً عن التكهنات لماذا وبأي هدف زارت الفضائية اللبنانية ال بي سي جوليان أسانج في مقر إقامته الإجباري قريباً من لندن، فالرجل يبقى نجم العام بإمتياز على الصعيد الإعلامي، حتى وإن أصرّ مراراً وتكرارً بأنه ناشر فقط. لكنه ناشر أقلق رؤوساً وهزّ عروشاً. كثيرة الأسئلة التي وجهت اليه منها شخصية ومتعلقة بموقع ويكيليكس وبالجندي الأميركي برادلي الذي سرّب له الوثائق. ومن المهم للمتمتعين بما كشفته وما ستكشفه ويكيليكس أن يطمئنوا إلى حال السجين الذي كشف كل ستائر وزيف السياسة الامريكية الخارجية ومستوى دبلوماسييها. فبرادلي مرّ بظروف سيئة للغاية، وهو اليوم أفضل حالاً. قد يكون دافع الحوار مع أسانج ذلك الحصار المالي الذي هدد ويكيليكس بالتوقف لأنها خسرت أكثر من 90 بالمائة من مواردها، لكنها مستمرة بحسب مؤسسها من خلال التبرعات التي تصل عبر مصارف لا صلة لها بالمصارف الامريكية. كشف أسانج أن الكثير من الوثائق وضعت بتناول الصحف وكثير منها لم ينشر، منها ما هو خاص بسورية لم ينشرها الإعلام العربي. وفي مقابل ذلك وقف الإعلام الغربي سداً منيعاً بوجه نشر وثائق متعلقة بالموساد الإسرائيلي. وقال أسانج بأن النيويورك تايمز غيرت في الوثائق التي قدمها لها ولم يكن منه سوى وصف عملها بال'قذر'. عربياً كان لأسانج وقفة مميزة وهو الذي ساهم في كشف الكثير من المستور لدى السياسيين العرب في علاقاتهم بالدبلوماسية الامريكية في شتى البلدان. وكان لنشر وثائقه الكثير من التداعيات منها إستقالة مدير قناة الجزيرة وضّاح خنفر بعد أيام على وثيقة تقول بتعاونه مع الامريكيين. أما أسانج فقد وصف خنفر بأنه أصبح في حجم أكبر من قدرة قطر على تحمله. لكنه وصفه بالرجل اللطيف. ذهب خنفر والنظام في قطر يحاول إعادة السيطرة على الجزيرة كأداة لسياسته. لبنانياً كان لأسانج تقدير خاص لصحيفة 'الأخبار' التي نشرت وثائقه. هو أختارها لأنها الأبعد عن الولاياتالمتحدة وإسرائيل بحسب ما قال. وكشف أن الأمين العام لحزب الله طلب من الصحيفة تسليمه الوثائق، لكنها رفضت، اثر ذلك تغيرت العلاقات بين الجهتين. هادئ، واثق ومطمئن ذلك الرجل الأوسترالي الذي هزّ عرش الدبلوماسية الامريكية، وترك قلوب المقربين منها ترتعش خوفاً مما سيطالها. أما فيما خص تهمة التحرش التي وضع في الإقامة الجبرية لأجلها فيبدو أنها لا تهزه مطلقاً. هي ربما تدبير مخابراتي لرجل تجرأ أكثر مما هو مطلوب. رجل تبدلت معه الكثير من مفاهيم الإعلام. مفاهيم بدأت تناقش في معاهد وكليات الإعلام في العالم. لخّص أسانج في مقابلته هدفه الرئيسي الذي يتمثل بكشف ما هو غير ظاهر في السياسة الدولية من اجل إعادة هندسة العالم بشكل أكثر عدالة. جوليان أسانج يستحق عناء السفر إلى بريطانيا ليكون ضيفاً على مباشر مع مارسيل من أل بي سي الفضائية. ومارسيل غانم لم يضيع جهداً في سبيل الحصول على المعلومة التي تروي ظمأ المشاهد. القدس العربي